بابل تحت حكم سلالة إسن الثانية
في سلسلة من الحروب العنيفة والتي لا يعرف عنها الكثير، اسس "مردوخ كابت اهيشو" (1152 – 1135 ) ما صار يعرف ب سلالة إسن الثانية. ولقد اجبر من خلفه على الاستمرار بالقتال. اكثر ملوك هذه السلالة شهرة هو الملك نبوخذنصر الاول
( نبو كودوري اوشور 1119 – 1098 ). حارب بصورة رئيسية ضد عيلام، التس استولت ونهبت وخربت جزءا كبيرا من دولة بابل. كان هجومه الاول قد اجهض بسبب وباء حل بقطعاته، ولكن في حملة تالية استولى على سوسة، عاصمة عيلام وأعاد تمثال الاله مردوخ الذي كان قد اخذ سابقا الى مكانه الحقيقي. وبعد ذلك بقليل اغتيل ملك عيلام وتفرقت دولته ثانية الى دويلات صغيرة. هذا مما سمح لنبوخذنصر من الاستدارة غربا مستفيدا من سنوات السلام التالية لبدء مشاريع بناء مكثفة. واصبح ابنه ملكا من بعده، ثم خلفه اخوه مردوخ نادن اهي (1093 – 1076 ). بعد ان نجح اولا في حربه ضد آشور كان قد تلقى فيما بعد اندحارا ثقيلا. لقد اجتاحت مجاعة ذات ابعاد كارثية من القبائل الارامية وكانت الضربة القاضية. ولقد جنح اخلافه الى السلام مع دولة آشور ولكن الدولة عانت الكثير من خلال هجمات الآراميين والقبائل البدوية السامية الاخرى. وبالرغم من ان بعض الملوك ظلوا يحتفظون بالقاب عظيمة، لكنهم لم يكونوا قادرين على منع التفكك المستمر لامبراطوريتهم. ومن ثم تبع ذلك حكم سلالة سيلاند ( 1020 – 1000 )، والذي تضمن ثلاثة من مغتصبي الحكم. اول هؤلاء كان يحمل اسما كيشيا هو سمبار – شيهو ( او سمبار – شيباك 1020 – 1003 ).
اصبحت السلالة الكيشية وعند نهاية حكمها بابلية الطابع تماما. ان التغيير الى سلالة إسن، هو في الحقيقة توالي ملوك من عوائل مختلفة، ولم يحدثوا تحولات ملموسة ورئيسة في البنية الاجتماعية. بقي النظام الاقطاعي سائدا. وظهرت مقاطعات جديدة في العديد من الاماكن من خلال العطايا الى الضباط المستحقين؛ وعثر على العديد من احجار الحدود (كودوروس) والتي تصف الحالة. اما مدن الدولة البابلية فقد استعادت الكثير من استقلاليتها الاولية. المقاطعات الحدودية كانت تدار من قبل حكام يعينون من القصر الملكي ليقوموا باعمال عسكرية ومدنية.
كان هذه الفترة تعتبر فترة ابداع في مجال الفنون الادبية، لذا فقد اعتبر البابليون الذين جاؤا فيما بعد عهد نبوخذنصر الاول افضل العهود في التاريخ البابلي. احدى الملاحم البطولية والتي صيغت في اطار الملاحم القديمة تحتفل باعمال نبوخذنصر الاول ولكن للاسف لايتيسر منها الا القليل. المواد الاخرى تستقى الشعر للنموذج من الاساطير القديمة. ان شاعر النسخة التالية من اسطورة كلكامش، سن ليكي اونيني ( 1150 - ؟) في اوروك، يعرف بالاسم. تعرف هذه النسخة من الاسطورة بشعر الحبوب الاثنى عشر؛ وتحوي على 3.000 بيت. تمتاز بتركيزها الكبير على الصفات الانسانية لكلكامش وصديقه انكيدو؛ ان هذه النوعية تجعلها من افضل الاعمال الادبية في العالم.
وهناك شاعر مشهور آخر في حوالي نفس الفترة كتب شعرا من 480 بيتا سمي " لودلول بيل نيميكي" ( لامدح من يملك الحكمة). الشعر فيه تاملات عن اعمال العدالة الالهية، والتي تظهر احيانا غريبة وغير جلية فيما يخص معانات البشر؛ ان هذا الموضوع اكتسب اهمية متزايدة في الديانات المعاصرة في بابل. لقد شرح الشعر المعانات المتعددة الجوانب لاحد كبار الموظفين وكيف تم انقاذه فيما بعد من قبل الاله مردوخ.
ان التقليل التدريجي لالهة السومرين الى حوالي 2000 إله من خلال التعريف والتكامل لالهه بالاساس متميزين بواجبات متشابهة ادى الى نمو عدد الالقاب او الاسماء المركبة للاله الرئيس ( مردوخ مثلا، كان له 50 من تلك الاسماء) وبعد ذلك كمفهوم "الاله" او "الالهه" باسماء متغيرة في العبادات في المعابد الكبيرة. كان هناك نظرية لاهوتية في كيفية التعرف على الالهه والتي كانت موثقة في قائمة الالهه بحقلين بمئات الادخالات في نموذج " انزاك = نابو لجزيرة ديلمون اضافة الى الكثير من التراتيل والصلوات في حينه او انشا فيما بعد.
وكنتيجة للتمييز بين العدد الضخم من الذنوب المتنوعة، فان مفهوم " اقتراف البشر الذنوب عالميا قد اصبح اكثر وضوحا في هذه الفترة وما بعدها. وعليه فان كل البشر هم بحاجة الى المغفرة التي يقدمها الارباب للعباد المخلصين.