بعض الألفاظ العربية التي أنجدت لغات أجنبية عديدة ، وسدت الفراغ بها، في فترة ازدهارثقافة أهل تلك اللغة الأعجمية، وفي فترة تخلف لغتنا بعد تخلف أهلها،هذه الألفاظ أقدمها كعينة تعميما للفائدة، ورفعا لمعنويات بعض الإخوة الذين لم يستطيعوا منازلة أعداء اللغة العربية، وإظهار فساد منطقهم، وعدم صلاحية أدلتهم ،التي كثيرا ما حاولوا ـ يائسين ـ ضرب اللغة العربية ورميها بالعقم تارة، وباتهامها بالعجز والتخلف تارة أخرى، جاحدين فضلها، من أنها لغة القرآن الكريم، ولغة أهل الجنة ـ جازمين عن جهل تام ـ أن اللغة العربية ليست لغة علم ولا تكنولوجيا، وكأن اللغة العربية ـ التي لم يستعمل مما تمتلكه من كنوز وذخائر إلا حوالي العشر ـ هي التي حالت دون تقدمهم وتطورهم في شتى مجالات العلوم وميادين المعرفة، وكأن كذلك هؤلاء الذين يتهمونها، وهم الذين يتكلمون بلسان ضراتها، ويستعملون مفردات ومصطلحات حفيداتها قد قطعوا ـ في مجال تطورالعلوم الفلكية والبحوث البيولوجية ـ شأوا طويلا، تحسدهم عليه لغة الضاد.!!
فتعالوا أصدقاء العربية وأعداءها معا، نستعرض بعضا مما اختلسته تلك اللغات الأجنبية وما سرقته، وما احتاجت إليه من لغتنا الماجدة، وذلك في أيام عزها وعزأهلها، وحتى اليوم مايزال مسلسل الاستعارة والاختلاس من العربية متواصلا.
ومن ناحية أخرى قد ظن البعض أو تناسى أن كل أس من أسس كل علم من العلوم الحديثة هو ثابت الرسوخ في الحضارة العربية الإسلامية أيام ازدهارها وانتشارها، من رياضيات وجبر وهندسة وفلك وحساب وعلم أحياء وفيزياء وكيمياء..
ولانعيد للأذهان جهود جابر بن حيان وحكاية الصفر الذي لا حياة لأي علم دقيق إلا به، فبعد مضي عدة قرون تأكد الناس كل الناس أن لا حساب ولاحضارة إلا بتلك (الدائرة) العربية المنشإ والابتكار(0101010101).
ومما يثير الدهشة أنه حتى الإخوة سكان الخليج العربي وما جاوره ما يزالون معتزين بذلك الصفرالذي ابتكره أجدادهم، وهم يمجدونه دوما بوضعه على كوفياتهم، ولايعرفون لذلك تفسيرا.

مادة سناء médecine
ولنبدأ بمجال الطب وبأول لفظ فيه médecine أتدرون ما أصل هذا اللفظ وما منشؤه؟! إنه يعود إلى ذلكم الطبيب الفذ صاحب كتاب (القانون في الطب) ابن سناء، وأن اللفظ لفظ عربي مركب من كلمتين الأولى وتعني مادة، والثانية وتعني سناء، أي مادة سناء.
فلماذا لم تجد اللغة الفرنسية مقابلا لهذا المعنى في لغتها؟! ولجأت إلى أخذ الكلمتين وركبت منها لفظا واحدا صار دالا على علم الطب؟! أيعود ذلك إلى عجز في بنية اللغة الفرنسية أم إلى قوة وثراء اللغة العربية؟!
أعتقد أنه لا يعود لاإلى هذا ولا إلى ذاك، بل إلى قدرة الإنسان الذي باستطاعته استعمال أي لفظ يراه مناسبا لإطلاقه على المسمى الذي يريده ومن هنا تنتفي تهمة عجز اللغة عن مواكبة عصرها، فالفرنسة لا تعني تعميم الفرنسية بل تعني ما لم تستطع نحته من لغتها فتأخذه من لغة أخرى، فيصير مفرنسا، فكذلك التعريب لا يعني تعميم اللغة العربية على بقية مجالات الحياة إنما يعني إدخال ألفاظ أجنبية عن اللغة العربية وضمها إلى الأسرة الواحدة مكرمة معززة ( بوجو، رونو، فيات، تيلفزيون.....).


كاظمة kasma
ولنأخذ من الألفاظ العربية القحة التي هاجرت ـ قسرا أو طوعا ـ إلى لغات أجنبية ، وتم تجنيسها بجنسية العائلة التي أدخلت إليها، لاسيما اللغة الفرنسية واعتقد مستعملوها أنها تنتمي إليهم مبنى ومعنى نجد لفظ ( الكازمة ) الذي يعود أصله إلى كلمة (الكاظمة) وذلك باعتبار أن (الكازمة) هي عبارة عن قبو أوحفرة تحفرفي الأرض، ويلجأ إليها أي هارب أومتخف من خطر قد داهمه، ومن الأمثلة على ذلك: (الكازمات) التي كان المجاهدون الجزائريون يستعينون بها للتخفي عن أنظار وملاحقة المستعمر الفرنسي لهم، فابتدعوا هذه الوسيلة للتخفي والاختباء حين يتأكدون أن ميزان القوى في المعركة غير متكافيء،وليست الفكرة عائدة إلى ابتداع فيتنامي كما قد يتوهم البعض، فالفيتناميون يلجأون إلى التخفي داخل جذوع الأشجار، وإلى الغوص داخل مياه الأنهار يتنفسون بواسطة أنابيب القصب، بينما الكاظمة لا تسمى كذلك إلا في عمق الأرض وفي الكهوف والمغارات.
ومنها على سبيل المثال (الحفرة) التي لجأ إليها الرئيس العراقي صدام حسين، أثناء اجتياح القوات الأمريكية للعراق سنة 2003 م.
و باعتبار أن اللغة الفرنسية لا تتحمل النطق بالظاء، فقد لجأت إلى أسهل طريقة لحل تلك المشكلة وهي تخفيف الظاء ، وتحويله إلى سين أو زي (zs) ليصير نطق الكلمة مناسبا، فتصبح (كازمة) بدلا من (كاظمة) العربية .
ومن المعروف أيضا أن لفظ (كاظمة) قد جاء من كظم يكظم ، أي حبس يحبس غضبه، ويكتم غيضه على مضض ، يكظم الملتجيء إلى هذه الكاظمة غيظه وغضبه وسخطه، في انتظار مجيء الفرج، أو الأمر بالخروج من تلك الحالة النفسية السيئة ، أويتخذ قراره بنفسه لللإفلات من حالة كظم الغيض والغضب، فيتنفس الصعداء، بعد زوال دواعي التسترالإجباري ، التي دعته إلى الهرب والفرارمن بعض المخاطر والمخاوف.
(سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين.)
الشاهد: الكاظمين الغيض.فهل هناك من يدخل (كاظمة) وهو فرح سعيد ؟! أم يدخلها وهو كظيم؟!!
طبعا يدخلها على مضض أوغصبا عن إرادته.
فما هو المعنى الذي قد يؤديه اللفظ الأعجمي إن كان لفظ kasma أعجميا؟!!
فإن كان ولابد من استنباط أي معنى قد يؤدي إلى الغرض المطلوب فهو معنى لا يخرج عن كونه عربيا.
فحتى قدرالطبخ التي توضع على النار، محكمة الإغلاق، لا تلبث أن تظهرغيضها جليا، عبرتلك الفوهة المخصصة لإخراج الفائض من الغليان ومن بخار الماء، وهي كاظمة غضبها وغيضها، فتسمى (كاظمة)cocotte minute


قُمَيرَة camera
الكثير من مستعملي وسائل التصوير في العالم، يعتقدون أن ذلك الجهاز الذي يطلق على اسمه لفظ (كاميرةcamera ) هو من صنع وإبداع الغربيين دون غيرهم، وباعتبارأن هذه الآلة هي اختراع وابتكارأوروبي ـ حسب ما هو شائع ـ فإن أصولها ـ يا إخوة الكتابة من اليمين إلى اليسارـ ترجع ، إلى ذلكم الإنسان العالم العربي، عالم البصريات ابن الهيثم، الذي كرس كل حياته للبحث في علم الضوء، فقد ابتدع جهازا صغيرا كان يدرُس من خلاله ظاهرة الضوء، وكل ما يسمى الآن بالبصريات، في محاولات تجريبية للاطلاع على أسرارالنور وماهيته ، فقد لجأ أثناء محاولاته تلك للقبض على حقيقة الضوء، إلى صنع كوة من ورق، أو من جلد، أو من أي شيء آخر، لا نعلمه، وكان يتأمل من خلاله ضوء النجوم والكواكب، منعكسة على المرايا، وأطلق على جهازه الذي صنعه أوعلى تلك الكوة لفظ (قميرة) تصغير قمر،لأنها تشبه القمر، فسميت من ذلك الحين قميرة ابن الهيثم ، وبالاستعمال المستمر لدى الغربيين صارت كاميرة، فاستبدلوا حرف القاف بالكاف واعتقد الناس بعد ذلك أن camera هو لفظ فرنسي محض، بينما الحقيقة هي أن هذا اللفظ قد تعرض لعملية تجنيس قسري وإدماج إجباري، ومع ذلك يقال أن العربية متخلفة!
فمن يستطيع الاستغناء عن هذه (القميرة ) في العمليات الجراحية الآن؟! التصوير الفتوغرافي بالقميرة، البث التلفزي بالقميرة، الاستشعارعن بعد لسبر أغوار الأرض بالقميرة، من بإمكانه رؤية مجاهيل الفضاء وأعماق البحار والمحيطات دون الاعتماد على هذه القميرة العجيبة ؟!
نشر بجريدة " الشروق اليومي " الجزائرية يومي: 27.26 04 2005م

هي البحر في أحشائه الدر كامن..

ماتزال اللغة العربية تبحث عن غواص ماهر، يمكن أن يلج أعماق بحارها، ويستخرج منها تلك الدررالثمينة، والكنوزالغالية.
تعالوا أيها الإخوة القراء أدعوكم إلى وجبة لغوية لذيذة، وأنا متأكد أن طعمها سوف ينال إعجابكم ويحوز رضاكم، لاسيما وأنتم الذين لا تطيقون صبرا عن التهام سطورالعربية وفقراتها في كل حين، نطلع معاعلى غيض من فيض من تلك الألفاظ العربية التي أنجدت نظيراتها الأجنبيات وأعطتهن إكسيرالحياة، ودفعت بهن للارتقاء والانتشار والتطور.
من الألفاظ التي تم الاستحواذ عليها، وتم تصديرها دونما مقابل مادي ! ولامفاوضات لغوية ! ولا اتفاقيات لسانية ! والتي يعتقد كثير من الناس أنها ألفاظ أجنبية، ولاعلاقة لها باللغة العربية، وهي في حقيقتها أسماء عربية قحة وذات فصاحة وصحة، ولا تربطها باللغة اللاتينية أوالمتفرعات عنها من إيطالية وفرنسية وإسبانية، أية صلة، اللهم إلا صلة الاستعارة من العربية ووراثتها قسرا أو طوعا.
لنأخذ من ذلك مثالا بسيطا تتحدث به الألسن في كل آن، ولا تعيره أي اهتمام، (دارالبلدية) الذي يطلق عليها باللغة الفرنسية لفظ:


الأميرية la mairie
هذه التسمية يظن بعض أبنائنا أنها تسمية فرنسية الأصل، مبنى ومعنى، في الواقع تبدوكذلك، ولكنها في الحقيقة قد انحدرت من لفظ عربي صحيح وهو (الإمارة أوالأميرية) التي تعني مقرإصدارواتخاذ القرارات التنظيمية المحلية في مختلف مجالات الحياة، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لإدارة شؤون الرعية القاطنين ضمن إقليم جغرافي معين.
وقد ساد واستعمل هذا اللفظ أثناء ازدهارالدولة الإسلامية وفي أيام عزها ومجدها، والتي امتدت أرجاؤها من بغداد شرقا، إلى قرطبةغربا، ويبدوأن حاجة اللغة الفرنسية لهذه التسمية لم تكن من باب الترف اللغوي، أو بحثا عن المزيد من الثراء، فقد جاءت حاجتها إلى ذلك تحت ضغط مستحدثات التنظيمات الإدارية والتقسيمات الجغرافية للأقاليم المختلفة آنذاك، فلم تجد مناصا إلا الخضوع لتيارالتقليد، تقليد العرب والمسلمين المتحضرين ـ كما هو سار بالنسبة إلينا الآن ـ فاتكأت على عكاز اللغة العربية لتعويض عجزها وتغطية افتقارها إلى المصطلحات والمفاهيم المستجدة في ذلك الوقت.
لقد حاولت اللغة الفرنسية أن تجد لهذا المسمى مرادفا آخر، يتلاءم ووظيفة مقرالإقليم الإداري المحلي، الأمرالذي قد يمكنها من أن تتخلص من تبعيتها للغة العربية فأطلقت اسم: hotel de ville على (دار البلدية) ولكن الناطقين باللغة الفرنسية والمنهزمين لغويا ـ مثلنا في الظرف الحالي ـ قد أحجموا عن استعمال هذا المصطلح وصاروا يفضلون إطلاق مصطلح (الأميرية) mairie la علىالمقرالإداري المحلي، في كل معاملاتهم ومراسلاتهم الرسمية، وغيرالرسمية ، بدلا من لفظ: hotele de ville الذي يبدو أنه لم يعد يفي بالغرض المطلوب، ولم يحقق الغاية المرجوة .
أما إذا التفتنا إلى أسماء المدن والحواضر، فسنجد أن حيل (اليربوع الأزرق) قد انقلبت، وتأكد لدينا فعلا أن (المغلوب دوما مولع بالغالب) ـ كما يقول ابن خلدون ـ سواء تعلق الأمر بنا المغلوبين حضاريا أم بهم الغالبين لغويا، فتعالوا نرى ما الذي يمكن أن نفهمه من لفظ اسم المدينة التي تجري بها ألعاب البحر الأبيض المتوسط في هذه الأيام:

ألأميرية : elmeria
تلك المدينة الإسبانية الجميلة الواقعة وسط شرق شبه جزيرة أيبيريا، والتي تحتضن ألعاب البحرالأبيض المتوسط، نلاحظ أن اللفظ هذا لا يعني باللغة الإسبانية شيئا،اللهم إلا معنى (الأميرية) فأداة التعريف في اللغة الفرنسية ـ كما هو معروف ـ هي ( le ) بينما في اللغة الإسبانية نجدها على العكس من ذلك ( el ) ( أل) المأخوذة أيضا من اللغة العربية، في حين نجد اللغة الفرنسية قد عكست هذه الأداة للتمويه والتضليل، حتى لا يقال عنها أنها أخذتها من اللغة العربية ! فهل بإمكان اللغة الإسبانية والفرنسية الآن أن تستغنيا عن أداة التعريف العربية؟!
فلولا أداة التعريف العربية هذه لأضحت هاتان اللغتان الفرنسية والإسبانية نكرتين! أليس كذلك ؟!
وهكذا نلاحظ إذن أن اللغة العربية حتى في هذه الجزئية التي تبدو بسيطة، قد سدت فراغا بنيويا رهيبا في اللغتين الإسبانية والفرنسية وأمدتهما برداءين من حرير، سترا عورتيهما.
ألا يدل هذا على أن أمهم الكبرى اللغة اللاتينية قد عجزت فعلاعن أن تجد أداتي تعريف لإبنتيها الفرنيسية والإسبانية؟! فاستنجدت أخيرا باللغة العربية التي سمحت بدورها لهما لتأخذا حاجتيهما دون عقدة ؟!.
إن الأصل في تسمية المدينة elmeria بهذا الشكل والمحتوى يعود إلى اسم (الأميرية) نسبة إلىالأمير،(أميرالمؤمنين) وهي تعني مقرإدارة شؤون قاطني ذلك الإقليم الجغرافي المعين، ومركز اتخاذ القرارفيه.
متى تم هذا الأمر وكيف ولماذا ؟ الله أعلم، لعل بعض دارسي فقه اللغة والباحثين في اللسانيات وعلم النفس اللغوي واللسانيات المقارنة يعرفون جواب ذلك.
ولنعرج على بعض أسماء المدن الإسبانية الأخرى، التي هي أسماء عربية، قد بقيت على حالها مع مرور الزمن، دونما تحريف أوتشويه كبيرين، اللهم إلا فيما يخص متطلبات النطق الإسباني، فغيرت لذلك بعض الأحرف، وعلى سبيل لفت الانتباه لاغير نورد الأسماء التالية نموذجا، متدرجين من البسيط إلى المهم ثم إلى الأهم فالأغرب:
ملقى malaga
وتعني ملقى، أي ملتقى،أو موعد، والدليل هو عدم وجود أي معنى قد يؤديه هذا الاسم باللغة الإسبانية، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة ، مما يدلل على قوة تأثير هذه اللغة في ثقافات شعوب العالم.

غرٌ نهض grenada
وأصلها غرناضة، أي غرٌ نهض أو غر ناهض، أو صبي قائم، وهي تختلف عن معنى لون الرمان بدليل أن: grenade باللغة الفرنسية تعني القنبلة والرمانة
ما دريت Madrid
وتعني: ما دريت، أي كنت جاهلا بالأمر، أولم أكن على علم به، أو ليس لي به دراية.
ومن صور تشويه اللغة العربية في الجزائر وحتى في عهد استرداد استقلالها وسيادتها ما نزال نطلق بغباوة وبلاهة كبيرتين أسماء كثيرة مكسرة ومهرسة ومفرنسة على أماكن ومدن وأحياء لها أسماؤها العربية الأصيلة أو العثمانية الصحيحة، ولناخذ أمثلة بسيطة لذلك:

صالح باي le saint lombey

حاكم عثماني من هو؟ ؟ انظروا كيف تحول اللفظ من عربي إلى اسم قديس تلوكه الألسن صبح مساء دون انتباه
وما الفرق بين باي وداي ؟ حي " باينام " بالجزائر العاصمة هو في الحقيقة الباي..نام وكذا حي "ميرامار" أي حي الأمير عمار
حسين داي le saint dey
داي الجزائر المعروف في العهد العثماني الذي فاوض المحتلين الفرنسيين أثناء غزوهم للجزائر تحول من حسين داي إلى القديس داي يا سلام !!
من هو؟ وما قصته؟ ولماذا هذا التكسير في كتابةاسمه بالفرنسية؟ ربما اتنقاما منه، لأنه كان السبب الظاهر لغزو بلادنا؟
أزعم أن كثيرا من طلبتنا الجزائريين لا يعرفون عنه شيئا، ولا سيما منهم أولئك الذين ينطقون اسمه محرفا، سواء أكانوا متعلمين أم مثقفين وباللغات الثلاث الوطنيتين وكذا الأجنبية!
مصطفى والي staoueli

من هو ؟ وما علاقته بتلك المعارك الطاحنة التي خاضتها المقاومة الجزائرية بمنطقة (سطاوالي) ودارت رحاها ضد جحافل المحتلين الغزاة بداية من سنة 1830م؟

مصطفى غانم mostaganem
من يكون هذا الرجل؟ ولماذا يشاع أن لفظ (مستغانم ) يعني مسك غانم، أو مسك غنم أو مساحة مغانم إلخ...؟!! بينما الحقيقة التاريخية لعلها تكون على غير ذلك، فلماذا هذا التحريف الذي طرأ على أسماء شخصيات وطنية مهمة؟ والتشويه الذي مس ماضي مدن ذات عراقة وبطولة؟ وحجب رؤية الحقيقة التاريخية عن الأجيال الصاعدة، التي لم يعد لديها ربما وقت كاف للبحث في ماضي آلاف السنين والقرون الخالية، وهي تجهل ماضيها القريب ومآثره.
فحتى البرامج والمناهج التعليمية والتربوية التي يقال أنها علمية وتستند إلى أسس بيداغوجية ، نجدها تبدأ بدراسة وتدريس الأحداث التاريخية الموغلة في البعد الزمني، وتترك الماضي القريب الحافل بالوقائع، والأمجاد والمآسي، وعندما تعترض التلميذ أوالطالب صعوبات في مواصلة دراسته، وينقطع عنها، يجد نفسه جاهلا بأهم ما في ماضي بلاده ، ولا يظفر إلا ببعض المعلومات المضببة عن العصر الحجري الأول أوالثاني وهلم جرا ؟أعتقد أن الأمور معكوسة تماما.
ومن ناحية أخرى ما وظيفة الأجهزة السمعية البصرية الوطنية إن لم تكن في خدمة الأجيال وتبصيرها بما تجهله عن وطنها؟
أم أن سؤالا من نوع: ( في الفيلم الفلاني كم مرة رفع الممثل الفلاني أصبعه مشيرا إلى حبيبته؟)
أومن نوع: (واحدة من ثلاث هي عاصمة الجزائر: (عنابة، وهران، الجزائر) من يعرف الإجابة الصحيحة يتصل فورا على الرقم: 080.80.080) هو أولى وأهم؟!!

برج ليكسم luxemborg
ما هي قصة هذا البرج وماحكاية صاحبه وما علاقته بالعرب والمسلمين ؟ السؤال يبقى مطروحا إلى أن ينبري له من يهمه أمر هذه اللغة المعجزة فيبحث عن جواب شاف ومقنع تاريخيا وجغرافيا ولسانيا.
برج بطرس betresbeurg
من هو بطرس هذا؟ ولماذا سميت قلعته وحصنه ببرج؟ وما هي صلته بالحضارة العربية الإسلامية؟ نفس الشيء بالنسبة للإجابة فهل من فارس يقتحم هذا الميدان ويعود لنا بغنيمة قد تكون متواضعة ولكنها بالتأكيد ذات بعد ثقافي وعلمي لا يمكن الاستهانة بقيمته.

إرث héritage
(وإنا لنحن نحي ونميت ونحن الوارثون، الحجر الآية: 23) الوارثون " l'héritie de tous "
( أولئك هم الوارثون، المؤمنون الآية: 10) ce sont eux les héritiers
ألا تلاحظون أن الكلمتين العربية و(الفرنسية) هما كلمة واحدة شكلا ومحتوى؟! ماعدا تحويرطفيف قد اعترى اللفظ لضرورة قواعد النحووالصرف الفرنسيين؟!
(ورث يرث إرثا وميراثا ووارث وموروث héritier les héritiers
أليست هذه لغة عربية قحة وفصيحة وبشهادة القرآن الكريم،( بلسان عربي مبين) الشعراء، الآية 195، تقرأ وتكتب بأحرف فرنسية؟!
أم أن اللغة الفرنسية هي أقدم من لغة العرب؟!!
أمين السر Secrétaire
تأملوا هذه الفرنسية الفصيحة، لقد جاءت من لفظ (سكر) أي: أغلق وسد، أي حال دون ظهورالشيء، أوما يسوء من جراء ظهوره، أو كتم ما لا ينبغي إبرازه، أو سكر غاب وعيه، وحجب عقله ، وكذلك سكر بمعنى كتم وحجب ما يعلمه، وأبقاه سرا مكتوما، ومنها ركبت ( سكريتير) أي كاتم السر، وأمينه secrétaire
وهكذا.. نجد أن اللغة الفرنسية قد استنبطت اللفظ وسلخته،وفرنسته عنوة، بل أخذته من اللغة العربية بقضه وقضيضه.
واستفادت كثيرا من هذا اللفظ : secrète ،sécurité أي الأمن" rassurante " الذي جاءت منه أيضا كلمة
سري secret
( واستعينوا في قضاء حوائجكم بالسر والكتمان) أي ب) secret) نعم، لم يضيفوا إلى اللفظ العربي الأصيل شيئا كبيرا، اللهم إلا حرف (c) لتصير لغة فرنسية صحيحة، ما شاء االله على هذه العبقرية اللغوية! ومع ذلك يقول المنسلخون عندنا:( لابد أن أعلم أبنائي لغة حية أجنبية، ابتداء من السنة الثانية أساسي، وبالخصوص اللغة الفرنسية، وهو لا يدري المسكين أنه يعلم أبناءه اللغة العربية بأحرف فرنسية !!
وبهذا أرجو أن أكون قد جبت بمحبي لغة الضاد والمتعاطفين معها سواحل جميلة، حتى ولوكانت ضيقة ، من بحراللغة العربية المترادف الأمواج، وتمتعوا بعذوبة مياه رافد واحد من روافدهاالمتعددة، التي تصب كلها في محيط أم اللغات الهادر، وتفسحوا قليلاعلى ضفاف نهر من أنهارها التي سقت وماتزال تسقي بساتين وحدائق لغات أخَر ولافخر