تحمل إرث العباسيين.. أبنية بغداد الأثرية تسير نحو الاندثار
في بغداد ما زالت تنتشر العديد من الآثار العباسية
بغداد - عمر الجنابي - الخليج أونلاين
تزخر مدينة بغداد بآثار ومعالم تراثية عديدة، تمثل هويتها التي تجسدت من خلال فنون العمارة التي تحمل بصمات فترات زمنية مختلفة وصولاً إلى العصر العباسي.
وبغداد مدينة عباسية بحتة؛ حيث بناها الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور لجعلها عاصمة للخلافة العباسيّة، عام 762 ميلادي.
وما زالت آثار العاصمة العباسية القديمة شاخصة للأبصار، وقد صممت بشكل دائري، وهو تصميم يعتبر فريداً ومميزاً في تاريخ بناء المدن.
وفي عهد الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد، أي في نصف القرن الأول من تاريخ بنائها، كانت بغداد في قمة ازدهارها، وأثر ذلك الازدهار في توسع المدينة بشكل كبير؛ وذلك بسبب الأعداد الضخمة التي كانت تتوافد بشكل متتالٍ على المدينة وضواحيها، حتى إنّ العدد بلغ في عهد الخليفة هارون الرشيد أكثر من نصف مليون نسمة.
الدولة العباسية خلّفت إرثاً ثقافياً وتاريخياً هائلاً، وبرغم ما مرت به بغداد على مرّ الأزمنة من حروب وغزو واقتتالات وحرائق وفيضانات، فإن الكثير من هذا الإرث ما زال قائماً حتى يومنا هذا.
وبينما تولي دول عديدة اهتماماً كبيراً بآثارها تعاني الأبنية والأماكن التراثية في بغداد من الاندثار؛ بسبب الإهمال الكبير والمتعمد من قبل الحكومات المتعاقبة على الحكم ما بعد الغزو الأمريكي على العراق عام 2003.
ووفقاً لخبير الآثار عماد الأوسي، في حديث لـ"الخليج أونلاين"، فإن "أغلب المنازل القديمة والخانات التي تعود لمئات السنين، وتعد من أجمل ذكريات الماضي؛ حيث الفن والإبداع في التصميم، ويرجع تاريخ بعضها إلى مئات السنين، اختفت في السنوات الأخيرة بسبب الإهمال".
وأضاف أن "آثاراً بغدادية تعرضت لجرائم بشعة؛ إذ بيع بعضها من قبل الحكومة العراقية وتحولت إلى محال تجارية".
من جهته قال خالد العاني لـ"الخليج أونلاين"، وهو مهندس معماري يعمل في مشاريع حكومية تتعلق بتطوير المدن: إن "مئات البيوت القديمة والأثرية أصبحت آيلة للسقوط، وتحول معظمها إلى أطلال".
وأضاف أن "العاصمة العراقية بغداد وحدها كانت تضم أكثر من 1500 بيت تراثي، جميعها دمرت وجرى تحويل جنسها إلى تجارية من قبل الحكومة العراقية"، لافتاً الانتباه إلى أن "ما تبقى من هذه المنازل الأثرية لا يتجاوز 700 منزل، وجميعها مهددة بالاندثار"، وأنها توجد في شوارع تراثية ببغداد أبرزها في شوارع حيفا والرشيد والمتنبي.
لم يقتصر الحال في العراق على اندثار المنازل والأبنية الأثرية والتاريخية، بل زاد على ذلك ليشمل حتى الخانات، التي كانت تشيد من أجل راحة القوافل والمسافرين، وباتت هي الأخرى مهددة بالزوال كغيرها من الأبنية الأثرية التي دمرت نتيجة الإهمال الحكومي.
ويعتبر "الخان القديم" في منطقة التاجي، شمالي بغداد، الذي يُعد المعلم التاريخي الوحيد لتلك المنطقة والمناطق المحيطة بها، من بين أبرز الخانات التي اندثرت ونُسي اسمها.
يقول الشيخ علي الدليمي، أحد الزعماء القبليين في منطقة التاجي: إن "الخان القديم كان يُعد أحد أبرز الخانات في محافظة بغداد، وكان قبلة للسياح يقصدونه من جميع أنحاء العالم حتى منتصف التسعينيات، والمتنفس الوحيد لأبناء المناطق المحيطة به، لكنه تحول إلى أطلال من الركام وانتشار الأدغال وبات مرتعاً للحيوانات البرية".
وأضاف الدليمي، في حديث لـ"الخليج أونلاين"، أن "ملامح الخان القديم تغيرت بشكل كامل بعد غزو البلاد في عام 2003؛ حيث تعرضت مساحات كبيرة منه للتدمير، سواء كانت نتيجة العمليات العسكرية أو عمليات تخريبية من قبل الجماعات المسلحة".