البصرة ارض الخير والعلماء



ثانية أكبر مدن العراق، تتكئ على الضفة الغربية لشط العرب، حيث يلتقي دجلة والفرات، وهي ميناء العراق الأوحد ومنفذه البحري الأكبر، قال عنها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "هذه أرض نضرة قريبة من المشارب والمراعي والمحتطب".
أرادها عتبة بن غزوان مجرد استراحة لجيشه المثقل بالفتوحات والأمجاد، فكانت قبة الإسلام ومهد الثقافة العربية، وحاضرة العلوم الإسلامية. تفجرت فيها ينابيع النحو والصرف، وقامت فيها دنيا الشعر والأدب والفلسفة والفكر.
الموقع
تقع البصرة -وتعني لغويا الأرض الغليظة ذات الحجارة الصُّلبة- في أقصى الجزء الجنوبي من العراق، تحد محافظتها من الجنوب الكويت والخليج العربي ومن الشرق إيران، تتجاوز مساحتها 190 كيلومترا مربعا. وهي على بعد 549 كيلومترا من بغداد، على رأس الخليج العربي. توصف بأنها ثغر العراق ومنفذه البحري الوحيد.
وشتاء البصرة دافئ لقربها من الخليج العربي، وصيفها حار كثير الرطوبة، وهي من المناطق التي ينمو فيها كثير من الحيوانات المهاجرة وخاصة البط، وتشتهر بأشجار النخيل، وبها أكثر من ستة ملايين نخلة، ويناهز سكانها ثلاثة ملايين نسمة حسب تقديرات 2010.
يوجد بالبصرة حوالي 635 نهرا صغيرا تتصل اتصالا مباشرا بشط العرب من جانبيه الشرقي والغربي، أبرزها: الرباط، والخندق، والعشار، والخورة، والسراجي، وهناك أنهار أخرى مثل: الأبله والداكير وسيحان وبويب وأبو سلال وباب الهوى وغيرها.
التاريخ
بدأ تمصيرها على يد عتبة بن غزوان بإذن من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب سنة 14 أو 15 للهجرة، لتكون مشتى للجيش الإسلامي في تلك الثغور، ولكن كان قدرها أن تكون قبة الإسلام ومهد الثقافة العربية، وأن تكون من مُنجِبات المدن في العالم الإسلامي، وأن تشهد أحداثا تاريخية جساما.
ففيها أرسى الخليل بن أحمد الفراهيدي قواعد النحو ومبادئ العروض، وفيها بسط سيبويه -أبو بشر عمرو بن عثمان- "علم الخليل" وكشف أسرار العربية، فذلل سبل النحو ومد القياس وشرح العلل وصنّف "الكتاب". وفي مساجدها نضجت علوم القرآن وعلوم التفسير والحديث، وفي البصرة نشأ الفكر الفلسفي لمدرسة المعتزلة، وفيها ظهرت جماعة "إخوان الصفا" في القرن الرابع الهجري.
وقد شهدت المدينة وقعة الجمل -بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها- سنة 35 للهجرة، ودخلت في ولاية الحجاج سنة 75هـ، وعليها غلب يزيد بن المهلب في خلافة يزيد بن عبد الملك سنة 101هـ.



المعالم
معالم البصرة وآثارها قديمة متنوعة، وأبرزها:
-جامع البصرة وهو أول مسجد بني في العراق، بناه عتبة بن غزوان من قصب وجعله وسط المدينة، فكان ملتقى العلماء وقبلة طلاب العلم، وكان بكل سارية من سواريه حلقة دراسة أو مجلس علم، فللخليل بن أحمد ساريته، وللحسن البصري حلقته، وللأصمعي مجلسه، ولواصل بن عطاء أسطوانته.
-سوق المربد الذي طار صيته في دنيا العرب حتى زاحمت شهرته شهرة المدينة، قال عنه الدكتور عبد الجبار ناجي: "التقت فيه البادية بما فيها من فصاحة وأصالة بحاضرة البصرة.. فكان -بحق- سوقا للعطاء الفكري والاقتصادي، وقد تحول -بمرور الزمن- إلى محلة كبيرة مشهورة كانت تسمى محلة المربد".
- متحف الآثار -القديمة والإسلامية- ومنارة المسجد الجامع، ودار الإمارة، ومرقد الزبير، ومرقد طلحة بن عبيد الله، ومرقد الحسن البصري.



المصدر : الجزيرة