ترددت كثيرا قبل مخاطبتك بلغة عربية تقرؤها –إن كنت قد قرأت يوما- رغم معرفتي أنك لم تستطع أبدا تدبر معانيها… هذا التردد لا يعكس مخاوفي منك بل يترجم هاجسا جعَلته يكبر حتى صار كالسيف على عنقي… فكم أخاف ألا تفهم كالعادة إلا لغتك الجوفاء و تعابيرك الطنانة…
“عزيزي” الداعشي…
و العزة و المعزة هنا للانسان أو بقاياه فيك إن بقيت منه داخلك صبابة… أخاطبك اليوم قائلا تمهل… سرعتك نحو جنة تصبوها فائقة تقتل صاحبها و مرافقيه… عذرا تناسيت أن مصطلح القتل لا يحرك السواكن فيك… تغافلت عن كونك تصبو موتا تسميه استشهادا أو شهادة لتحقق نزواتك مع “حور عين”، و تذكرة مكان VIP في النعيم إن انت صاحبه… و انتحارا يخسف بغيرك في النار ان اقترفه غيرك… تمهل حتى تتحقق من عنوان مقصدك… فكم عنوانا لم يصر موجودا إلا في الخرائط القديمة و المخطوطات البالية…
“عزيزي الداعشي”…
هل تعلم أن الأسود لا يليق إلا بك… و السواد هنا مجاز لوصف لون الدم الذي استبدلت كرياته الحمراء بكريات الحقد اتجاه من خالفك الرأي أو المنظور أو القناعة أو حتى خالف مزاجك و لم يرقك لونه او شكله أو لباسه أو أفعاله…
“عزيزي الداعشي”…
هل تعلم أنك نصبت نفسك مكان الفكرة المحاسبة و المعاقبة يوما ما سمي البعث… و بالتالي ناقضت نفسك و تجاوزت إثم مجسدها بكثير… لتصل إلى ذنب مزيحها عن سلطاتها و محيلها على التقاعد بفعل التقادم؟…
“عزيزي الداعشي”…
أكاتبك لأقول لك بأنك زكيت تقهقرك لمرتبة البدائية ما قبل الحيوان باعتمادك على سيف أو خنجر او عصى أو حجر… و إلى حين إثباتك العكس بإعمالك سلاح العقل و المنطق بتمظهراته الحضارية و منها النقاش و الحوار و التسامح و قبول اختلاف أسميتَه رحمة حين يكون في صالحك… الى ذلك الحين ستبقى حاملا رتبتك تلك بامتياز و استحقاق…
“عزيزي الداعشي”…
لا أقصيك… إنما استنكر أساليبك وأرفضها جملة و تفصيلا… لا أهين صورتك الخلقية بكسر الخاء إنما أتقزز منها بضمها…
“عزيزي الداعشي”…
في انتظار خروجك من وهم جعلته غاية و هدفا و وسيلة في نفس الآن… في انتظار لملمة بقاياك الانسانية أو إيجاد غيرها…
سأظل ما تركتني حيا أرسم تفاصيل المساء… و حكايا ليال شهد عليها النجوم و القمر…
سأظل ألون بكل ألوان الطيف الحياة…
سأظل أبدع نحت علامات الاستفهام…
سأظل أحب و أمارس طقوسه…
سأظل أرثل الشعر و أدندن ألحان الجسد…
سأظل ألتقط صورا للنوافذ و ألصقها على كل الجدران…
سأظل أشعل قبالتها شموعا أعوض بها شمسا غيَّبتَها نهارا لتنشر الظلام…
سأظل أقدس حمامة بيضاء حلّقت بعيدا ذات يوم فزعا من صوتك…
إلى ذلك الحين سأظل أقدس الانسان لا الأديان…
بدرالدين أوسليم