استطاعت المرأة السعودية أن تثبت جدارتها في مجال صناعة الفضاء، وتقنية الأقمار الصناعية، عبر العديد من التخصصات ذات العلاقة.
المهندس ماجد المشاري، مدير المركز الوطني للأقمار الصناعية بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وصف في حديث إلى "العربية.نت" الدور الذي ساهمت به المرأة السعودية في مجال صناعة الفضاء بالمؤثر والفعال، حيث تعمل ٣٥ موظفة حالياً في المركز الوطني لتقنية الأقمار الصناعية بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في عدة مجالات، مثل هندسة البصريات، والدعم الهندسي من خلال (دورة حياة المنتج)، وتطوير أنظمة معالجة الصور وأنظمة تخطيط مهام القمر.
وقال المشاري: "إن دور المرأة في مشروع سعودي سات 5 كان كبيرا وواضحا، حيث شاركت مجموعة من المهندسات على أهم جزئية في القمر (نظام الحمولة)، وهو المسؤول فعلياً عن التقاط الصور، إضافة إلى العمل على تنفيذ الاختبارات البصرية والميكانيكية اللازمة للتأكد من كفاءة النظام البصري باستخدام أحدث الأنظمة والأجهزة اللازمةلذلك".
وأضاف: "كان الفريق المشارك في سعودي سات 5 ينقسم إلى ثلاثة أقسام: هندسة البصريات مسؤول عن التصميم و التحليل للعناصر البصرية من مرايا وعدسات، وهندسة الميكانيكية مسؤول عن تصميم القطع الميكانيكية الداعمة للعناصر البصرية، وهندسة البرمجيات مسؤول عن جميع البرمجيات الخاصة بموازاة العناصر البصرية، وكذلك تحليل الصور الملتقطة بالإضافة إلى المشاركة في تطوير برامج وأنظمة المحطة الأرضية.
وأكد المشاري في حديثه أن المرأة أثبتت قدرتها وكفاءتها في هذا المجال، بعد أن راهنت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عليها، وقد كسبت المدينة الرهان، كانت جهود المشاركات في المشروع مميزة، ولها الأثر الكبير في نجاح مشروع سعودي سات5، وعما قدمته رؤية 2030 لدعم دخول المرأة السعودية إلى مجالات العمل.
وأوضح المشاري أن رؤية المملكة لمستقبلها تعتمد على مكامن قوتها، ومن أهم مكامن القوة لديها طاقات الشباب الحيوية، فرؤية 2030 تركز على الاستثمار في الموارد البشرية، والتركيز بشدة على دور المرأة السعودية في دفع عجلة التنمية، وتنويع الاقتصاد وتحقيق استدامته، فالمرأة السعودية تعد عنصرا فعالا ً من عناصر القوة، إذ تشكل ما يزيد على 50% من إجمالي عدد الخريجين الجامعيين، لذلك رؤية 2030 تساهم بقوة في تنمية مواهب المرأة السعودية واستثمار طاقاتها، من خلال تمكينها من الحصول على فرص الدراسة والعمل والتدريب والابتعاث، وتسهيل الصعوبات لبناء مستقبلها، والإسهام في تنمية المجتمع والاقتصاد.
وعن تاريخ مشاركة المرأة السعودية في علوم الفضاء أشار المشاري: "تم افتتاح القسم النسائي بالمركز الوطني لتقنية الأقمار الصناعية في منتصف العام 1432هـ /2011 م لتحقيق أحد الأهداف الرئيسية لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وهو تنمية الكوادر الوطنية من الجنسين. ويتميز القسم النسائي في المركز بتوفير بيئة عمل مناسبة للفتيات تكفل لهن فرصة المشاركة الفاعلة في جل المشاريع المقامة في المركز وتوفير الفرص التدريبية المناسبة وتنمية المهارات الأساسية في البحث والتحليل وحل المشكلات، كما يتيح المركز للباحثات فرصاً متميزة من خلال التعاون القائم بين المركز وجهات عالمية رائدة مثل جامعة ستانفورد تمكنهن من إجراء تجارب وبحوث تطويرية. ويقدم المركز تعاوناً مع مختلف الجامعات السعودية في إتاحة فرص تدريبية في عدة مجالات وذلك للارتقاء بمستوى الطالبات، وإثراء حصيلتهم العلمية والعملية لاكتساب قدر كاف من الخبرة التطبيقية التي تؤهلهم لسوق العمل وأيضاً إتاحة الفرص البحثية للباحثات وتوفير البيئة المناسبة لهم.
وتابع الحديث: "الخبرات التي يجب توفرها للمساهمة في المشاريع المتعلقة بصناعة الفضاء متعددة مثل الخبرة في مجال البصريات، أنظمة الدفع، أنظمة التحكم، القدرة على التصميم والمشاركة في تطوير وبرمجة الأنظمة والتطبيقات، إضافةً إلى ذلك القدرة على التفكير الإبداعي والتحليل المنطقي والتواصل الفعال، تخطيط المهام ووضع الاستراتيجيات لتحسين الأداء، والقدرة على اكتشاف المشاكل والتعامل معها وإيجاد الحلول المناسبة".
وأضاف: "إن المرأة السعودية حققت الكثير من الإنجازات وخطت خطوات واسعة نحو المستقبل رغم محدودية التخصصات في الجامعات حينها، ونظرًا لتعدد الفرص الحالية وفتح المجال للمرأة في دراسة التخصصات الهندسية، سيكون التوجه مستقبلاً مركزًا على استقطاب المزيد من الكفاءات الهندسية التي ستسهم في نقل وتوطين تقنيات الأقمار الصناعية".
تخطي الصعوبات
موضحا أن المرأة أثبتت جدارتها وقدرتها على تخطي الصعوبات التي واجهتها ولا زالت تعمل على تطوير مهاراتها وقدراتها، فمن اللافت أن الكثير ممن شاركن في الإنجاز سيحصلن قريبًا على شهاداتهن العليا من درجات الماجستير والدكتوراه، وهذا يعني المزيد من العلم والكفاءة والاستعداد للمشاركة في المشاريع المستقبلية.
واستطرد قائلاً: "إن المرأة كانت تتحين الفرصة لتحقق ذاتها، وما أن أتيحت لها الفرصة حتى وجدناها منذ الآن تسطر الإنجازات على الصعيدين المحلي والعالمي، وبالتأكيد لن يسعنا هنا ذكر أسماء فتيات الوطن ممن نجحن في جميع المجالات العلمية والعملية، والمرأة السعودية أخت الرجل وشريكته في النجاح، ولم يكن ليتحقق للكثيرات ما تم تحقيقه دون إيمان الرجل وتعاونه في مشاركتها خبراته، فقد سبقها باكتساب الخبرات العلمية الهندسية أولاً ثم بالعمل في هذا المجال.