تعدّ المياه أحد الأسباب الرئيسيّة والمهمة في استمرار عيش الكائنات الحية على اختلاف أنواعها، ويحتوي كوكب الأرض على مخزون هائل من المياه؛ إذ تُشكّل المياه 70% من حجمه، ولكن ليس كل هذه المياه صالحة لاستهلاك البشر والحيوانات، وحدها المياه العذبة في الأنهار والينابيع والآبار هي التي تصلح للاستهلاك البشري وخصوصاً للشرب؛ لذا حرص الإنسان منذ بداية الزمان على التمركز والاستيطان حول مصادر هذه المياه، فتجد أنّ الحضارات القديمة على مر التاريخ أنشأت بجوار الأنهار كالحضارة الفرعونية التي امتدت على طول نهر النيل في مصر، وحضارة بين الرافدين التي أنشئت على ضفاف نهري الدجلة والفرات وغيرها الكثير.
واجه الإنسان الأول صعوبةً في نقل المياه بعيداً عن مجراها، لذا كان عليه السكن بجوار مصادر المياه والشرب لضمان عيشه واستمراريته، ومع الوقت طوّر الإنسان تدريجياً وسائل وأدوات للتنقل عن طريق المياه إلى مسافات بعيدة، وكان عليه ذلك لأنه كان يتعرّض للخطر في بعض المواسم التي تحدث فيها فيضانات لتلك الأنهار أو جفاف مائها.
ولجأ الإنسان إلى الاستفادة من ماء المطر العذب وتخزينه عن طريق حفر الآبار، وتجمّعات المياه الضخمة، كما كان في بحث مستمر ودؤوب عن أماكن تواجد المياه الجوفية والتنقيب عنها للاستفادة منها والاستيطان حولها لحين نفاذها، ثمّ يعود مجدداً للبحث عن غيرها، وعلى الرّغم من انعدام الأجهزة التي تنقب عن الماء إلا أنهم كانوا خبراء في البحث عن مصادر المياه، وخاصةً المياه الجوفية، وكانوا وخبيرين في أماكن تواجدها وقادرين على التحديد الدقيق لمكان الآبار الجوفية وحفرها.
وسعى الإنسان إلى تسهيل حصوله على هذه المياه العذبة والصالحة للشرب، فاستعمل الحبل المربوط بوعاء لاستخراج المياه من الآبار الجوفية، ومن ثمّ قام بابتكار الرافعة البسيطة لسحب الأوعية الأثقل من الآبار الأكثر عمقاً، ولضرورة ريّ المزروعات في المواسم الصيفية الخالية من الأمطار ومواسم الجفاف قام الإنسان بحفر خنادق طويلة ورفيعة متعرجة الشكل تمتدّ من الأنهار والينابيع إلى المناطق الزراعية؛ حيث تمرّ خلالها وتصب في برك أو آبار محفورة يدوياً ممّا يسهل الوصول إليها واستعمالها، كما قاموا بإنشاء السدود ونقل مياهها للاستفادة منها في الشرب وري المزروعات.
ابتكر واستخدم الإنسان قديماً أدوات عديدة لنقل المياه مثل: أداة الشادوف التي استعملتها الحضارات القديمة مثل الحضارة الفرعونية في نقل مياه نهر النيل إلى المناطق الزراعية، كما ابتكروا المنجل لحفر الآبار والبرك التي تصب بها المياه، وقاموا بحفر ممرات المياه القادمة من الأنهر والينابيع بواسطة المحارث التي تجرها الحمير والثيران لتصب في البرك والآبار