الحائر الحسيني

ولما كان المسجد هو محل السجود والخضوع والخشوع والذلة والمسكنة لله سبحانه كان الحائر المقدس على ساكنه آلاف التحية والشرف من أعظم المساجد وأشرفها ، لأنه روحي له الفداء وعليه السلام وقع هناك جديلا صريعا ساجدا خاضعا خاشعا لله سبحانه فاديا نفسه وأهله وإخوانه وأصحابه وأمواله في محبته تعالى وطلب رضاه ، وإظهار الخضوع والذلة والمسكنة له تعالى ، حتى صار خضوع كل خاضع بفاضل خضوعه ، وخشوع كل خاشع بفاضل خشوعه ، ولم يكن له مراد سوى محبة الله سبحانه وحفظ نظام حكمته ، فكان مقتله الشريف مسجدا عظيما خضع وسجد لله تعالى فيه ، ولذا قارنه الله تعالى بالمساجد الثلاثة ونسبها إلى نفسه وشرفها على جميع المساجد على وجه الأرض والسماء ، وجعل للمسافر خيار للقصر والإتمام في هذه المواضع المقدسة المشرفة ، لعظم الأنوار الإلهية النازلة في هذه الأماكن المشرفة ، فتزيد الصلاة بها نورا وبهاء وشرفا وسناء ، فآذا أكملها المصلي كانت أعظم في نورانيتها وأكمل في شرافتها وأرفع لدرجاته بها فأحب الله أن لا يحرم المصلي المؤمن بالله الكافر بالجبت والطاغوت عن تلك الغيوث والأنوار الجسيمة التي بها ينال أشرف الدرجات وأسنا الكرامات ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، ولذا ورد عن مولانا الصادق عليه السلام : من الأمر المذخور إتمام الصلاة في أربعة مواطن بمكة والمدينة ومسجد الكوفة وحائر الحسين عليه السلام - وما زاد شرف هذه المساجد إلا لعظم شرف من انتسبت إليهم هذه المساجد التي هي رشحة من رشحات أمطارها ولمعة من لمعات أنوارها ، ولو كان لي قلب مجتمع وإقبال وفراغ بال لبينت لك في هذه المقامات أمور عجيبة ، وذكرت لك تفصيل الأمر في أن المسجد الحرام مع كونه أسفل وأدنى من مسجد النبي صلى الله عليه وآله وهو من مسجد الكوفة وهو من الحائر المقدس تكون الصلاة فيه أكثر ، وأصل شرافة هذه المواضع والتفاصيل الحاصل لبعضها على بعض ، وإن أشرت إلى كل ذلك وربما أزيدك إ ن شاء الله تعالى في مبحث الحج

أسرار العبادات من تأليفات البحر الزاخر والدر الفاخر فخر الأفاخر والأعاظم السيد كاظم الحسيني الحائري الرشتي أعلى الله مقامه