عندما تتحول مدن الشقاء والبؤس الى مدن تدافع عن الحياة، مدن تجردت من همومها الروتينية التي تعيشها كل المدن، لتأخذ على عاتقها مسؤولية الصمود بوجه موجة القتل والتخريب التي تبناها أصحاب الفكر الظلامي، تحولت تلك المدن من مدن تبحث عن لقمة العيش إلى باحثة عن إطلاقات الرصاص حين صارت الكرامة والشرف لا تصونها لقمة بعرق الجبين بل الدم الذي أصبح مطلوبا سفكه بعد ان استحلت حرمته فتاوى أطلقها ائمة التكفير عبر التاريخ .
في الامس المنصرم هتف القطيع من المنابر بالجهاد وهم يرفعون شعارات إسلامية فوق جثث ضحاياهم من الفرس الصفويين والروافض الكفرة !!!.
والهدف هذه المرة اعلاء كلمة الله ونشر دعوته في ارض لم ترتفع فيها غير كلمته ,سوريا والعراق
فبلغ سيل الدم الزبى فلم ترتوي السيوف ولم تلين الرقاب او تذُل, سيوف دفعها حقد الماضي وضغائنه ,أغرتها مليارات ومليارات الدولارات التي كان يدفعها امراء البترول .. ورقاب كانت عنيدة صلدة أنثلم عليها حد السيف و أُوهنت يد السياف لأنها أيضا تستمد من التاريخ زهوها وعنفوانها ,
فكان انتصار الدم على السيف شعار مقاتليها.
في هذا الصراع الدموي سقطت مدن و ُزهقت أرواح وكانت راية (لا اله الا الله محمد رسول الله ) تنتشر كالنار في الهشيم وكانت المدن تسقط بالمح البصر في مشهد كأنه على مسرحٍ ملحمي اُعدت فصوله على يد كاتب مُلهَم ,حتى من شدة اتقانه للمَشاهد أنه استغنى عن الفواصل بين مشهدِ وآخر وحتى انه لم يكن بحاجة ان يُزيح الستارة عن أول مشاهدها لأنه اي الكاتب المسرحي يقول ان مسرحيته ليست وليدة اليوم بل إن ستارتها أزيحت في أول مشهد دموي قُتل فيه ال بيت الرسول..
المشاهد التي حاول الكاتب العبقري أن يضيفها على تلك المسرحية القديمة الجديدة .
هي في تلك المدن الساقطة التي كانت جميعها من لون الفاتحين المسلمين فهي تحمل ذات الفكر والمعتقد
فكانت مشاهد فتحها وانت تشاهدها كأنك تتصفح موقع اباحي , تغطي واجهته رايتهم السوداء
فكانت السبايا والغنائم توزع بين المجاهدين حسب ما جاء بنصوص القرآن .
وهذه احدى غايات ذاك الكاتب المُلهَم الذي سعى ان يشوه صورة الاسلام الحقيقي,اما ثاني غاياته هو نشر الذعر و الخوف في مدن المرابطين والمقاومين ,
لأنه أي الكاتب يعلم انها ستكون عصية على ابطال مسرحيته .
فكانت مدن الدم والشهادة طودا في وجه المد الهمجي التكفيري الذي لم يقوى على استباحتها مع انها تقع في مرمى أسلحته وتحت حصار مرتزقته في حين كان هدف المشغلين لقطعان التكفير أكبر بكثير من تلك المدن , الهدف اسقاط انظمة وتغير ديموغرافي يقصي ويبيد فئة كبيرة من المجتمع بالكامل من الوجود اضف الى تغير موازين القوى الإقليمية للمنطقة.
وبعد مرور أكثر من سبع سنوات بدأت ملامح الهزيمة تظهر بين الأعراب وعلى قسمات وجوههم الكالحة مثل صحرائهم
وفي محاولة للتخلص من إثم الجرائم التي ارتكبت ومن مرارة الهزيمة أخذ هؤلاء الأعراب ادعائهم محاربة الارهاب التكفيري الذي صرفوا عليه مئات مئات المليارات من الدولارات .
انهزم التيار الاسلاموي الجهادي التكفيري في الميدان بفضل الدماء والشهداء التي قدمها المقاومين وبفضلها انتصرت قضية الحق ودب الذعر في صفوف الارهابيين وصُنْاعه و ستتعافى مدن الدم والشهداء و تزهر ازهار الربيع بعد أن روت ظمأها من تلك الدماء، و ُتزف الأرواح الطاهرة التي سقطت بين شوارعها وأزقتها الى جنان الله .