اعتراف صغير
نَحْنُ... نَحِنُّ
بين السكون والكسره... هكذا نَحْنُ...
"ألمك ينتقل إليّ
إنّها أيضًا عدوى
إذ نرتعدُ من هذه الحمامة
التي لم تحمل رسالةً إلى أحد
رميت قفّازيك في وجهها
وتحاربُها بمظلّتك
وربّما بثيابِ النّوم السّميكة
أو أحذية الصّقيع.
لم يكن هناك شتاءٌ آخر
لنقف في ظلّه
ولا موسمٌ ثانٍ للجليد
لنبيعه
إنّك فقط أمام الفلاة
الّتي لا تصلحُ للزيارة
ولم تقدّم عبثًا صفحتها الملساء
ليزيلوا عنها
مرةً بعد مرّة
ما تركهُ الزمنُ والخيولُ وآثارُ الأقدام.
لقد حان الوقتُ
لنصنعَ شيئًا أفظع
شيئًا أقلّ وزنًا وكلفةً
حانَ الوقتُ
لننقلَ الكلمات عن الحائط
ونعيدها إلى أمكنتها
على جباهِ الأشياء
بدون أن نحشوها بالرقائم
أو نقلبها على وجوهها
بدون أيّ مقاصد
أو حتّى لعنات.
إنًها معديةٌ وستكون
نسيمًا أصفر بين المسافرين
الّذين صاروا بالمصادفة
ودون أن يدروا
وصايا وعظات
ورسائل لا تقتل وأرقامًا
لم تحتجْ إلى سعاة
بل فقط
إلى فلاة وإلى جليد
جليد كبير
لتحسّن نقشَ مراميها
ولتوجدَ بالدّرجة نفسها
في ثقوبِ الغيم
وثقوبِ الزّمان.
من أين للحمامة هذه القدرة
على ترويعنا؟
من أين للعينِ الجامدة أن تخيف؟
إنّنا نتبادلُ الألم
ليسَ بدون أن نشفقَ على أنفسنا
نتبادلُ الألم
ونتعادى بالنظرات.
الفراغُ الذي نُحتنا منهُ
يباعدُنا
ويجعلُنا نتنقّلُ بين الأصفار
فقط كراهيّة صامتة
وبلا رائحة
تستطيع أن تتلصّص فيه
وأن تلسع
بدون أن تتركَ أثرًا.
نتبادلُ قلوبًا متوّرمة
ونسقطُ في الممرّات
وعلى الضّفاف
إنه أيضًا توديعُ الشّتاء
يستوجبُ أنْ نجمعَ ضحايا البارحة
لقد صاحبناه حتّى الشطِّ
الذي عاد مملوءًا بالأحذية والحقائب.
هناك فقط يُمكن أن نتدحرج على الجليد
وليس قبل أن تصفر السّاعة
ولا بدون أن نرمي قمصاننا الصوفيّة
المليئة بالمرض.
لقد بعناك بالتأكيد مع موتانا
وكبار السّن الذين هرعوا من وراء الأطراف
وراء الشتاء
كانت السّاعة مرقومة على الثلج
حيث تملأ الدقائق الفراغات
وحيث الحمامة التي تأتي
من وراء الخريف
تتجمّع كعقربِ الثّواني
كنصفِ دقيقة من ألم
ليست رسالة ولا تهديدًا
ويمكنُ أن نصادفَها في مكان آخر
بدون أن نرتعدَ أقلّ
وبدون أن نلمح آخر لحظة
وآخر موعد
وبدون أن تتعامدَ أعيننا
مع نظرةِ الموت الساكنة
في البؤبؤ العسليّ.
ألمٌ متنقّلٌ وقلوبٌ متبادلة
لكن الوقت يردّنا إلى الخلف
هناك نجد شبيهًا
تقفّصت رئتاه
لا بد أننا أرسلنا أنفسنا
بالخطأ
إلى هناك".
الحمامة
عبّاس بيضون
"أعرف أنكِ رأيت أشياء تتمنين لو لم ترينها
فعلتِ أمورًا تتمنين لو تراجعت عنها
أنكِ تتساءلين لماذا ألقي بكِ في هذا الجحيم بالأساس،
لماذا كتبت عليكِ المعاناة بالطريقة التي عانيتِ.
بينما تجلسين هناك وحيدة متألمة
أتمنى لو أستطيع وضع قلم في يدك
لأذكرك بلطف كيف أن الكون منحك شعرًا
والآن عليك إعادته إليه".
الكون يمنح ويريد
لانج لييف
All the gods
all the heavens
all the hells
are within you
إنه ليس من الصعب التعلّق بشخص متألّق، كامل و أنيق، فهذا النوع من الحب ليس سوى رد فعل تافه يولده فينا الجمال آليًا و صدفة.
أما الحب الصادق، فيجنح إلى خلق المحبوب انطلاقًا من كائن ناقص، كائن ناقص بمقدار ما هو إنساني.
ميلان كونديرا
جميل متابعه