جورج بوش الأب الرجل الذي برع في الحروب إحداها غيّرت خارطةَ العرب
رصيف 22
توفي الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب عن عمر ناهز 94 عاماً. ونعاه ابنه الرئيس الأسبق جورج دابليو بوش على لسان ممثل للأسرة: "يحزننا أنا وجيب ونيل ومارفين ودورو أن نعلن وفاة والدنا العزيز بعد 94 عاماً مميزة”. وتأتي وفاة جورج بوش الأب بعد نحو 6 أشهر على وفاة زوجته باربرا بوش في إبريل الماضي. وخضع بوش الأب للعلاج في أبريل، في وحدة العناية المركزة في المستشفى بعد الإصابة بالتهاب بعد أسبوع من وفاة زوجته باربرا.
ولد جورج هربرت ووكر بوش في 12 يوليو 1912 في بلدة ميلتون بولاية ماساشوسيتس، وكان والده مصرفياً أصبح فيما بعد عضواً في مجلس الشيوخ.
فور تخرجه عام 1948، عمل بوش في الصناعة النفطية ثم ساهم بتأسيس شركة نفطية في تكساس، انضم عام 1962 للحزب الجمهوري الذي كان غائباً في جنوب الولايات المتحدة آنذاك، وانتخب عامي 1966 و 1968 نائباً للحزب في مجلس النواب ليصبح أول مواطن من الجنوب يمثل الجمهوريين في المجلس.
وكان جورج بوش الأب الرئيس الأمريكي الـ 41، تولى طوال 8 سنوات منصب نائب الرئيس رونالد ريغان، وأصبح أول نائب رئيس في منصبه ينتخب رئيساً منذ أكثر من 150 عاماً.
خاض بوش الأب حروباً عدة في مسيرته، أولاها الحرب العالمية الثانية، فبعد قبوله في جامعة ييل، تطوع في سلاح البحرية وتدرب كطيار بحري قبل إرساله للمشاركة في الحرب ضد اليابان في المحيط الهادئ إبان الحرب العالمية الثانية، لكن سقطت طائرته في سبتمبر 1944 عندما كانت تشارك في غارة جوية، وكان بوش الناجي الوحيد من طاقمها، فاستقل قارب نجاة حتى عثرت عليه غواصة أمريكية.
أقوال جاهزة
شاركغردرغم انتصاره، رفض بوش الأب دخول بغداد، وهو ما فعله ابنه في حرب الخليج الثالثة عام 2003، ليكمل ما ابتداه أبوه ويسقط صدام حسين
شاركغرداتّهم بوش بإهمال أمور بلاده الداخلية، وغضب منه الناخبون بسبب تراجعه عن وعد قطعه على نفسه أثناء حملته الانتخابية بعدم رفع الضرائب، لذلك عاقبه الناخبون بالتصويت لبيل كلينتون في انتخابات العام 1992
عُيّن عام 1970 مندوباً للولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة، وترأس عامي 1976 و1977 وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي إيه”، وشغل بين 1981 و 1988 منصب نائب الرئيس رونالد ريغان. حددت سياسات بوش الخارجية ملامح ولايته 1989 -1993 في فترة شهدت انهيار الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية وتفكك الاتحاد السوفياتي مما أبقى الولايات المتحدة قطباً وحيداً في العالم، أسس خلالها مفهوم “النظام العالمي الجديد، بعد انهيار المعسكر الشيوعي.
حرب الخليج
ارتبط اسم بوش بعاصفة الصحراء، وهي اسم العملية العسكرية التي أطلقها عام 1991 لإخراج القوات العراقية من الكويت بعد الغزو الذي قام به الرئيس الأسبق صدام حسين في أغسطس 1990. تواصلت عاصفة الصحراء عدة أسابيع شملت القصف الجوي والقتال على الأرض وانتهت بإخراج القوات العراقية من الكويت وفرض حصار صارم على العراق أودى بحياة آلاف المدنيين ونحو مليون طفل بسبب ندرة الغذاء والدواء.
كانت تلك العاصفة الاختبار الحقيقي الذي واجهه بوش الأب، سارع بوش فور قيام صدام باحتلال الكويت في أغسطس 1990، بتكوين تحالف دولي من ثلاثين دولة، مستمداً شرعيته الدولية من قرار مجلس الأمن رقم (678) بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1990، والقاضي باستخدام "كل الوسائل اللازمة" بما فيها استعمال القوة العسكرية ضد العراق ما لم يسحب قواته من الكويت.
ولأن صدام حسين لم يكترث للقرار، وللمهلة التي منحها له مجلس الأمن الذي حدد يوم 15 يناير/كانون الثاني 1991 موعداً نهائياً لذلك الانسحاب، شن التحالف بقيادة الولايات المتحدة يوم السبت 17 يناير/كانون الثاني 1991 هجوماً جوياً مكثفاً على الأراضي العراقية بمعدل ألف غارة جوية في اليوم. فيما أعلن صدام عبر الإذاعة العراقية أن "أم المعارك قد بدأت”.
انتهت عاصفة الصحراء ف 3 أبريل/نيسان 1991 بعد صدور قرار مجلس الأمن الرقم (687) بوقف رسمي لإطلاق النار بعد حرب "تحرير الكويت"، وبتدمير "أسلحة الدمار الشامل" العراقية، التي قال مجلس الأمن آنذام إن صدام يمتلكها ولم يعثر عليها حتى اليوم.
أنهى التحالفُ الاحتلالَ العراقي الذي تسبب بمقتل 570 شخصاً في الكويت وأسر وفقدان 605 آخرين مخلفاً خسائر مادية جسيمة، أبرزها إشعال 752 بئراً نفطية سببت كوارث بيئية.
أما عراقياً، فتسبب التحالف بقتل نحو 100 ألف عسكري في صفوف الجيش العراقي وإصابة 300 ألف جندي، وأسر ثلاثين ألفاً.
أسس التحالف الذي أنشأه بوش الأب لوجود عسكري أمريكي في السعودية، فاسحاً في المجال أمام منافع إستراتيجية جمة للولايات المتحدة.
كما مثلت عاصفة الصحراء المعروفة إعلامياً بحرب الخليج الثانية (الأولى كانت الحرب العراقية-الإيرانية) اختباراً حقيقياً للقدرة العسكرية الأمريكية ورفعت معنويات البلاد.
لكن رغم انتصاره، رفض بوش الأب دخول بغداد، وهو ما فعله ابنه في حرب الخليج الثالثة عام 2003، ليكمل ما ابتداه أبوه ويسقط صدام حسين الذي اعتقل في عملية الفجر الأحمر يوم 13 ديسمبر 2003، وأعدم يوم 30 ديسمبر 2006.
وفي العام 2017 قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن بوش الأب، كان على حق عندما رفض الإطاحة بصدام حسين، خلال حرب الخليج الأولى عام 1991.
وقال: "لم تذهب الولايات المتحدة إلى أبعد من ذلك، ولم تسقط الحكومة في العراق، إنني أعلم أن مناقشات جرت حينذاك حول هذا الموضوع، وقال البعض له (لبوش الأب) إنه كان عليه أن يمضي قدماً في هذا الشأن وأن يطيح صدام حسين، لكن الرئيس بوش كان على حق عندما فعل ما فعله وتوخى الحذر. هو رد على عدوان صدام على الكويت وتوقف في اللحظة المناسبة".
اتّهم بوش بإهمال أمور بلاده الداخلية، وغضب منه الناخبون بسبب تراجعه عن وعد قطعه على نفسه أثناء حملته الانتخابية بعدم رفع الضرائب، لذلك عاقبه الناخبون بالتصويت لبيل كلينتون في انتخابات العام 1992، فمُني بخسارة كبيرة في الانتخابات أمام كلينتون الذي مضى للفوز بفترتين رئاسيتين.
السفر حول العالم
في السنوات الأخيرة من عمره فضل بوش السفر حول العالم ضمن دور اختاره لنفسه، وهو أن يكون "الحكيم السياسي". ورغم سعادته بفوز ابنه جورج بالرئاسة، تردد أن العلاقة بينهما لم تكن على ما يرام.
وفي الفترة الاخيرة، لم يظهر بوش في المناسبات العامة إلا نادراً، وأجبر على استخدام الكرسي المتحرك بعد إصابته بأحد أنواع مرض الرعاش الذي أقعده تماماً.
ولم يحضر بوش الأب حفل تنصيب الرئيس الحالي دونالد ترامب، إذ كان وقتذاك في أحد المستشفيات بسبب إصابته بالتهاب صدري.