حضارة وادي دوكان .. الجزء الأول
حضارة وادي دوكان .. الجزء الأول
بقاع واسعة تفتح ذراعيها من كلّ جانب، وتدعونا إلى التّمتّع بمناظرها السّاحرة وجمالها الخلاّب أنها ناحية بنكرد، واقعة في الشطر الشرقي من السهل الخصب والواسع، الذي يشبه مثلث الشكل رأسه عند السد الذي أقيم في دوكان، وهو محصور بين الجبال الشمالية الشرقية، وبعد أن يجتاز نهر الزاب الأسفل الفتحة أو الدربند المعروف باسم (رمكان) من سهل نودشت، فإنه ينشطر الى شطرين، يعرف الشطر الغربي منهما بسهل بتوين، الذي تقع فيه مدينة رانيه في طرفه الشمالي، وهذا الشطر هو الذي غمرت المياه قسماً مهماً منه، ويعرف الشطر الشرقي في السهل بسهل بنكرد (نسبة الى مركز ناحية بنكرد)، وتقع القرية تحت سفح جبل يشرف على حوض دوكان، والسفح مزروع أشجار الكروم طبيعة خلابة، كل من رآه أعجب بها.
أما سد دوكان يقع في غرب مدينة السليمانية، بني السد سنة 1954 ـ 1959 من قبل شركة ( بني ديكون أند كوري) البريطانية، في حين أن القسم الميكانيكي والكهربائي من المشروع تم انهائه من قبل شركة ( نير بيك) الفرنسية، يبلغ ارتفاع السد حوالي مائة وستة عشر ونصف متر بطول ثلاثمائة وستين متر، وقدرته خزن ستة مليار وثمانية مليون متر مكعب من الماء، يتم الاستفادة من الماء في توليد الطاقة الكهربائية ولأغراض زراعية بالإضافة الى استخدامه كمصدر لماء الشرب، ويبلغ مسطح البحيرة مئتان وسبعين كيلومتراً مربّعاً، وأسفل البحيرة يوجد السد، ويحيط بالبحيرة الكثير من الجبال التي تزينها الأشجار الخضراء مثل جبل سارة وجبل سلطان، واستمرّ بناؤه خمس سنوات في عهد الملك فيصل الثاني.
أطراف البحيرة تكون دافئة في الشتاء ومكانا لاستقطاب السياح، ولكن منطقة قشقولي تكون باردة في الشتاء وحارة في الصيف، وبشكل عام معدل درجة الحرارة يتراوح بين اثنان واربعون درجة مئوية كأقل درجة حرارة في السنة، مع معدل تساقط أمطار في الشتاء والسكان يعتمدون بشكل أساسي على القطاع الزراعي، وتربية المواشي والعمل في النواحي السياحية المختلفة كمصدر للدخل.
منطقة قشقولي، وتمتد على مسافة من الزاب الصغير، يتجمع السواح في هذه المنطقة ايام العطل وخاصة الجمع على طرفي نهر الزاب الصغير، وأعياد نوروز
تقع قلعة سارتكة (باشا كورة) تقع في منطقة قشقولي، وفي مكان مرتفع مطل على نهر الزاب، تم بناء هذه القلعة من قبل الأمير محمد (أمير سوران 1813 ـ 1837) والتي تعرف بقلعة الأمير كورة.
قيام امير سوران ببناء القلاع لأغراض عسكرية وانشاء الجسور على الجداول والانهر لعبور القوات العسكرية كلفته مبالغ طائلة، وعندما نشبت الحرب بين امارة سوران والدولة العثمانية امتنع كثير من رؤساء العشائر الكردية من الاشتراك في هذه الحرب وامتنعت كذلك بان تقدم يد المساعدة لأمير سوران.
وقد أرسل أمير سوران (1813 ـ 1837). الأسطة رجب هو الكردي الوحيد إلى فرنسا من أجل اتقان فن
صناعة الأسلحة وهناك مدفع صنع على يد الأسطة رجب في عهد الامير محمد.
والسورانيون كانوا أصحاب الإمارة الكردية التي عرفت بإمارة سوران (1816 - 1838) وأول من وضع حجر الاساس لإنشاء امارة سوران كان زعيما كرديا يدعى ( كولوس ) وهو كان تاركا وطنه وعشيرته في قرية هه وديان والتي تقع شمال غربي رواندوز ، بعد أن كان كولوس يعيش على رعي اغنام قرية هه وديان ، وأسم كولوس يطلقه كورد تلك الجهات على الذي سقطت أنيابه.
منطقة تابين مصدر مائي عذب، يقع على طريق السليمانية ـ دوكان الرئيسي يجذب أليه الناس للسياحة في فصل الربيع لما يتمتع به من طقس جميل ومناظر خلابة. وناحية سورداش الواقعة على يسار الطريق وتقع الناحية في سفح سلسلة جبلية تمد من جبل (بيرة مكرون) بالقرب من الفتحة الجبلية التي يجري فيها (نهر تابين)، في طريقة الاتصال بالزاب الأسفل.
في الجبال القريبة من ناحية سورداش جملة كهوف، يظن أنها فيها قبورا لبعض الملوك الماذين أشهرها (قزقپان) ، و(كوروكچ). موقع (قزقپان) يقع في وادي جمي ريزان، قرب كهف زرزي تقع على ارتفاع سبعة أمتار في الجبل، ويمكنك ان تشاهده من الشارع الرئيسي الذي يؤدي الى تلك المنطقة ويتكون الكهف من صالة وثلاثة غرف وثلاثة قبور، ويوجد العديد من الرموز والتخطيطات والهياكل والتي تعود لعصور دولة ماد. وهناك قلعة جولندي الواقعة غرب سورداش، وبعض الكهوف الأخرى في المنطقة تحتاج الزائر المجيء باكرا والصعود إلى تلك المواقع مشيا على الاقدام. وكهف زرزي يقع على سفوح الجبال المقابلة لبلدة سورداش، في هذا الكهف عثر على آثار تعود الى أواخر العصر الحجري القديم، ويقال إن هذه الآثار عمرها أكثر من اثنا عشر ألف سنة، كما ووجِدت في هذا الكهف قطع تعود للعصر الحجري القديم.
ضمن منطقة سورداش وعلى طريق سليمانية دوكان الرئيسي، يقع كهف جاسنة وتقع جاسنة خلف قرية كاني خان بمحاذاة جبل كبير، وهذا الكهف تبين أنه كان مأهول بالسكان على مدى الدهور والأزمان الغابرة، وقد خلف سكانه مجموعة من الأعمال المهمة، كالكتابة على صخور ورسم الأشكال الغريبة ومنحوتات.
عام 1933 قصفت القوات البريطانية بالطائرات مدينة السليمانية، في حربها على الملك محمود الحفيد، الذي دفعه القصف إلى أن يتجه الى منطقة سورداش، ويحتمي في كهف جاسنة وأخذ معه مطبعته، ويصدر وينشر من هذا الكهف العدد الأول من صحيفة (بانكي حق) أو صوت الحق، وقد تعرض الكهف لقصف الطائرات الإنكليزية آنذاك.
في أحضان وادٍ فسيح يخترقه نهر مكسو بأشجار كثيفة، وتحيط بضفتيه أشجار وأعناب يبعد سبعة عشرة كيلو متر عن طريق سليمانية مصيف دوكان الرئيسي، يقع (جمي رزان). أمّا في الجهة الشرقية للنهر فيتواجد شلال (بافل) الذي ينهمر من نقطة مرتفعة تتكون من مجموعة من الكهوف، يطل الكهف الرئيسي على الجهة الغربية مدخل الكهف مشابه لمدخل كهف شاندر كما أنه واسع وكبير.
المنطقة الأخيرة في هذا الشارع وهي زيوي قرية بمحاذاة جبل بيرة مكرون وعلى بعد أربعة وثلاثون كيلو متر غرب السليمانية ويضم الجبل مرقد بيرة مگرون، لعله أحد الصالحين من قدامى المسلمين. يعتبر بيرة مگرون أعلى جبل من الجبال المحيطة بالسليمانية، ويشاهد من مسافة بعيدة ارتفاعه آلفان وستمائة وأربعة وثمانين مترا عن سطح البحر، تغطية الثلوج وهو كتلة جبلة شامخة بغرورها تتحدى جميع الظواهر الطبيعة ويطل على سهل ووديان السليمانية.