بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
ألا يا عينُ ويحَك فاسعدينا ألا أبكي أمير المؤمنين
قتلتم خيرَ من ركب المطايا وأكرمَهم ومن ركب السفين
ومن لبس النعالَ ومن حذاها ومن قرأ المثاني والمئين
إذا استقبلتَ وجه أبي حسين رأيت البدر راع الناظرين
يقيم الحدَّ لا يرتاب فيه ويقضي بالفرايض مستبين
ألا أبلغ بن حرب فلا قرَّتْ عيون الشامتين
أفي الشهر الحرام فجعتمونا بخير الناس طراً أجمعين
ومن بعد النبيِّ فخيرُ نفس أبو حسن وخيرُ الصالحين
كأنَّ الناسَ إذ فقدوا علياً نعامٌ جالَ في بلد سنين
وكنا قبل فراقه بخير نرى فينا وصيَّ المسلمين
فلا والله لا أنسى علياً وحسن صلاته في الراكعين
لقد علمتْ قريشٌ حيث كانت بأنك خيرهم حسباً ودين
فلا تشمتْ يا بن حرب فإن بقية الخلفـاء فينَ
تقول السيدة زينب عليها السلام
لم يزل أبي تلك الليلة قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً
ثم يخرج ساعةً بعد ساعة
يقلب طرفه في السماء وينظر في الكواكب وهو يقول
والله ما كذبت ولا كذبت وإنها الليلة التي وعدت بها .
ثم يعود إلى مصلاّه ويقول اللهم بارك لي في الموت .
ويكثر من قول انا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ويصلي على النبي وآله صل الله عليه وآله وسلم ويستغفر الله كثيراً .
تقول فلما رأيته في تلك الليلة قلقاً متململاً كثير الذكر والإستغفار
أرقت معه ليلتي وقلت
يا أبتاه ما لي أراك في هذه الليلة لا تذوق طعم الرقاد ؟
قال عليه السلام يا بنية إن أباك قتل الأبطال وخاض الأهوال وما دخل الخوف له جوفاً
وما دخل في قلبي رعب أكثر مما دخل في هذه الليلة .
ثم قال إنا لله وإنا إليه راجعون .
فقلت يا أبتاه ما لك تنعى نفسك في هذه الليلة
قال يا بنية قد قرب الأجل وانقطع الأمل .
قالت فبكيت فقال لي يا بنية لا تبكي فإني لم أقل ذلك إلا بما عهد إلى النبي
صل الله عليه وآله وسلم .
تقول عليها السلام ثم إنه نعس وطوى ساعة ثم استيقظ من نومه وقال يا بنية إذا قرب وقت الأذان فأعلميني .
ثم رجع إلى ما كان عليه أول الليل من الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى .
فجعلت أرقب وقت الأذان فلما لاح الوقت أتيته ومعي إناء فيه ماء
ثم أيقظته فأسبغ الوضوء وقام ولبس ثيابه وفتح باب الحجرة
ثم نزل إلى ساحة الدار .
وكانت في الدار إوز فلما نزل خرجن وراءه ورفرفن
وصحن في وجهه ولم يصحن قبل تلك الليلة
فقال عليه السلام
لا إله إلا الله صوائح تتبعها نوائح وفي غداة غد يظهر القضاء .
فقلت يا أبتاه هكذا تتطير
فقال يا بنية ما منا أهل البيت من يتطير ولا يتطير به ولكن قول جرى على لساني .
ثم قال عليه السلام يا بنية بحقي عليك إلا ما أطلقتيه فقد حبست ما ليس له لسان ولا يقدر على الكلام إذا جاع أو عطش فأطعميه واسقيه وإلا خلي سبيله يأكل من حشائش الأرض .
فلما وصل إلى الباب عالجه ليفتحه فتعلق الباب بمئزره فانحل مئزرة حتى سقط فأخذه وشده وهو يقول
أشـدد حيازيمك للموت
فإن المـوت لا قيك
ولا تجـزع من الموت
إذا حــل بنـاديك
كما أضحكـك الـدهر
كذاك الدهـر يبكيك
ثم قال اللهم بارك لنا في الموت اللهم بارك لي في لقائك .
بلغ الامام عليه السلام المسجد وكان الملعون نائما على بطنه..
الامام عليه السلام يقول للنائمين بالمسجد
الصلاة يرحمك الله الصلاة،قم إلى الصلاة المكتوبة عليك
ثم يتلو عليه السلام
إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر
ففعل ذلك كما كان يفعله على مجاري عادته مع النائمين في المسجد،حتى إذا بلغ إلى الملعون،ورآه نائما على وجهه،قال له
يا هذا قم من نومك هذا فإنها نومة يمقتها الله وهي نومة الشيطان ونومة أهل النار
بل نم على يمينك فإنها نومة العلماء أوعلى يسارك فإنها نومة الحكماءأوعلى ظهرك فإنها نومة الأنبياء
فتحرك الملعون كأنه يريد أن يقوم وهو من مكانه لا يبرح
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام
لقد هممت بشيء تكاد السماوات يتفطرن منه و تنشق الأرض
وتخرالجبال هداولو شئت لأنبأتك بما تحت ثيابك
ثم تركه و عدل عنه إلى محرابه و قام قائما يصلي
كان عليه السلام يطيل الركوع و السجود في الصلاة
كعادته فلما أحس به الملعون نهض مسرعاو أقبل يمشي حتى وقف بإزاء الاسطوانة التي كان الإمام عليه السلام يصلي
فأمهله حتى صلى الركعة الاولى وركع و سجد السجدة الاولى منها ورفع رأسه،فعند ذلك أخذ السيف و هزه،ثم ضربه على رأسه المكرم الشريف،فوقعت الضربة على الضربة التي ضربه عمروبن عبدود العامري،ثم أخذت الضربة إلى مفرق رأسه إلى موضع السجود
فلما أحس الإمام عليه السلام بالضرب لم يتأوه
صبر و احتسب،ووقع على وجهه و ليس عنده أحد قائلاً
فزت و رب الكعبة
بسم الله و بالله وعلى ملة رسول الله.
هذا ما وعد الله و رسوله وصدق الله و رسوله
فتهاوى الناس من كل حدبٍ وصوب ..
واعتلى في السماء نداء الملائكة
تهدمت والله أركان الهدى
وانطمست والله نجوم السماءوأعلام التقى
وانفصمت والله العروة الوثقى
قتلابن عم محمد المصطفى
قتل الوصي المجتبى،قتل علي المرتضى
قتل والله سيد الأوصياء قتله أشقى الأشقياء
يا لـيـتـنـي في مـَـثواه ..
أبــكــيــهِ واعــلــيــّـاه ..
أيتمتـني .. ضيعتـني ..
يا نائحَ الوُرق ِ يا لحنَ ليلي ..
سلم على حيدر بينَ الهديل ِ ..
واستشعر البلوى وابدأ رحيلي ..
فالمرتضى ماض ٍ بعدَ قليل ِ ..
لو تمضي يا مولاي .. ماذا تــُجزي عيناي
يـــا قــرآنـاً يــجـري .. فــي عــــيـني آيــاً آي
لكَ السلامُ ساجداً .. كالبحر ِ أدمى ساحله ..
لكَ السلامُ راحلاً .. والناسُ فيهِ راحلة ..
يا نائحَ الشكوى يا كل تيهي ..
سلم على حيدر سلم عليهِ ..
من بين أوجاعي خذني إليهِ ..
في قــُبلتي دعني فوق يديهِ ..
سلم لي يا نوّاح .. سلم بين الأرواح
للوالي سلاماً .. مثلَ اليـُـتم ِ الفوّاح
لكَ السلامُ موحشاً .. لكَ السلامُ مُـفجعا ..
لكَ السلامُ يا علي .. يشتاقُ كفــّيكَ الدُّعا ..
* * * *
سلامٌ على كل عطفٍ .. جرى منكَ للناس شلالا
سلامٌ على العدل ِ يمضي .. ونبقى نغنــّيه موّالا
سلامُ شائق ٍ يحنّ للـ لـُقيا ..
وليسَ عندهُ سواكَ في الدنيا ..
غريّـكُم إلـيهِ جنــّـة ٌ عُـليـا ..
لقد حنـّـت مسافاتي .. لمن يطوي المسافات ..
لـكي تـُـلقي بعــبراتي .. له أزكــى التحيــات ..
سلامٌ عليكَ حبيبي .. على العين مزروعا
وإن حنّ للنور قلبي .. تفجرتَ في القلبِ ينبوعا
سـلامُ بـيـعةٍ للـحشـر مُــجـراهـا ..
وعندَ العرش ِ يا مولاي مرساها ..
إذا أنـسـى حـيـاتي لـسـتُ أنساها ..
ألا خـُذني بتلويحي .. من البـُعدِ أحييك ..
ألا خـُـذني بتهيامي .. فـكـُـلي هائمٌ فيك ..
* * * * * *
سلامٌ على جرحكَ النازفِ من خلايانا ..
سلامٌ على حسّـكَ المُرهفِ في قضايانا ..
سلامٌ على حُسنِكَ اليوسفي في مُـحيّانا ..
على قلبكَ الواسع ِالحبِ يا كل دنيانا ..
يبنَ عم الهادي .. أنتَ ماءُ الصادي
فانهمر في الوادي سيدي نهرا
واندغم في روحي .. يا صدى تسبيحي ..
وانبلج في دنيا حيرتي فجرا
عليُّ يا زادي .. هواكَ ميعادي
وحبكَ الأبهى .. ربيعُ أعيادي
أحييكَ أحلاكَ يا مُشرقاً في سماواتي ..
أحييكَ طوفانَ خير ٍ جرى في محيطاتي ..
أحييكَ يا خالعَ البابِ فلتقتلع ذاتي ..
إلى ذاتك انسابَ دمعُ الهوى أن تحياتي ..
قد أتيـْـنا نسعى .. للغريّ الوجعى .. دمعي حياكِ فلتحييني
يا غريّ العصمة .. يا ملاذ الأمة .. اهببي بالرحمة ولتـُروّينا
عليكِ سلـّمنا .. وكم تألمنا
وكالهدى إنـّا .. بكِ تهدّمنا
يا لـيـتـنـي في مـَـثواه ..
أبــكــيــهِ واعــلــيــّـاه ..
أيتمتـني .. ضيعتـني ..
أيتمتـني .. ضيعتـني ..