تأنّقَ الدَوحُ يُرضي بُلبلاً غَرِدا |
من جنّة الله قلبانا جناحاه |
يطيرُ ما انسجما حتّى إذا اختلفا |
هوى . و لم تغنِ عن يسراه يمناه |
ألخافقانِ معاً فالنجمُ أيكهُما |
و سدرة المُنتهى و الحبّ : أشباه |
أسمى العبادةُ ربّ لي يعذّبني |
بلا رجاءٍ و أرضاه و أهواه |
و أينَ من ذلّة الشكوى و نشوتها |
عِندَ المحبّين عزّ الملكِ و الجاه |
تقسّمَ الناس دنُياهم و فتنتها |
و قد تفرّد من يهوى بدنياه |
ما فارقَ الريّ قلباً أنتِ جذوته |
و لا النعيم محبّاً أنتِ بلواه |
غمرتِ قلبي بأسرار معطّرةٍ |
و الحبّ أملكهُ للروح أخفاه |
و ما امتحنتُ خفاياه لأجلوها |
و لا تمنّيت أن تُجلى خفاياه |
الخافقانِ _ و فوق العقلِ سرّهما |
كلاهما للغيوبِ : الحُبّ و الله |
كِلاهما انسكبت فيه سرائرنا |
و ما شهدناه لكنّا عبدناه |
أرخصتُ للدمعِ جفني ثم باكره |
في هدأة الفجرِ طيفٌ منكِ أغلاه |
و أسكرتني دموعي بعد زورته |
أطيفُ ثغركِ ساقاها حميّاه |
طيفٌ لشقراء كاس من متارفه |
لو لم أصنه طغى وجدي فعرّاه |
حمنا مع العطرِ ورّاداً على شفةً |
فلم نغر منه لكنّا أغرناه |
تهدّلت بالجنى المعسول و اكتنزت |
و الثغرُ أملؤه للثغرِ أشهاه |
نعبّ منه بِلا رفقٍ و يظمؤنا |
فنحنُ أصدى إليهِ ما ارتشفناه |
في مقلتيكِ سماواتٌ يهدهدها |
من أشقر النورِ أصفاه و أحلاه |
و رنوةٍ لكِ راحَ النجمُ يرشفها |
حتّى ترنّح سكراً في محيّاه |
أطلَّ خلف الجفون الوطفِ موطنه |
بعد الفراق فحيّاه و فدّاه |
يضيعُ عنّي وسيم من كواكِبها |
فحين أرنو إلى عينيكِ ألقاه |
قلبي و للشقرةِ المغناجِ – لهفته |
ليتَ الحنين الذي أضناه أفناه |
تضفّرُ الحور غاراً مِن مواجعه |
و تستعيرُ روءاها من خطاياه |
أُغفينَ فيه لمُاماً ثمّ عدنا إلى |
جنّاتهنَّ و قد لَملمنَّ ريّاه |
يسألنَّ باللهفة الغيرى على خجلٍ : |
من فجّر العِطرَ منه حينَ أدماه ؟ |
لم تعرف الحورُ أشهى من سُلافتنا |
رفّ الهجيرُ ندىً لما سقيناه |
مدلّه فيكِ ، ما فجرٌ و نجمته ! |
مولّه فيكِ ، ما قيسٌ و ليلاه ! |
من كان يسكبُ عينيه و نورهما |
لتستحمّ روءاكِ الشقر لولاه |
سما بحُسنكِ عن شكواه تكرمةً |
و راح يسمو عن الدنيا بشكواه |
يُريد بِدعاً من الأحزان مؤتلقاً |
و من شقاء الهوى يَختارُ أقساه |
سكبتِ قلبكِ في وجدانه فرأت |
يا عزّ ما شئتِ لا ما شاء عيناه |
أنتِ السرابُ عذابٌ و قده و ردىً |
و تؤنس العينَ أفياء و أمواه |