"زفـرة على ضفـاف البعـد"
نـَاحَ الـحَنيـنُ بِخـَافِقـي وتلعْثـَمَــا
وبَكى اصْطِبَاريَ منْ مَحاجِره دَمَا

والـقَـوْل أُرْتـِجَ مـن تَزَاحُـمِ أنـَّتـِي
والـشّوق من لهـَبِ الفِراق تَضَرّمـَا

فَلعَقـْتُ من لـَوْع الصُّدودِ مَرارَتـِي
وَشَـرَبْتُ من كأسِ التَّلهِّـفِ عَلْقَمـا

والـوجـْد قـَرَّح مهـْجَتـي بسَعيـرهِ
والشَّوكُ في بَيْداءِ روحي قَدْ نَمـَا

فغَسَلْتُ من عَبَقِ التَّذكـّرِ وَحْشَتي
وجَثوْتُ في حَرَم الوَفـاءِ مُحَطَّمَـا

وتـَرَقـْرَقـَتْ مُقَـلُ العيـونِ جَداولاً
فَغـَرِقـْتُ فـي بَحْرِ الهـِيَام مُتَيَّمـَـا
ــــــــــــــــــــــ
غَضبَ الوجودُ لبعدهـا عنْ مُقْلَتي
فكـأنَّمــا لبـسَ الـحــِدادَ تـَبــرّمـــا

فـَاصْفـَرّ في عَيْنـيْ نَضيـرُ أديمِـه
واسْـــوَدّ مـنـْـه جَبينـُـه وتَجَهَّمـَــا

والبُعـْدُ قـدْ أرْدَى مَبـَاهـجَ حسْنـه
وأبَـتْ طيـورُ الـرّوح أن تـَتـَرَنـّمَــا

لمـّا نـَأى عـَنْ نـَـاظـِـرَيَّ جـَمـَالـُهــا
وخيالُهـا برحـابِ فِكْري قـَدْ سَمـَـا

طُعـِنَ الفـؤاد بخِنْجـَرٍ منْ صـَدّهـا
وانْشَـقّ سَـتـْرُ البـَوْحِ صـَاحَ تـَألُّمـا

آهـٍ علـى زمـَنٍ مـَضَى .. كُنـَّـا بـِـهِ
عَيْنـاً وجَفْنـاً فـوقـَهـا قـدْ خَيـّمَــا
ــــــــــــــــــــــ
قَدْ هـاجَ في خَلَدي ربيعُ وصالنَـا
أيــَّامَ نـَغــْزلُ لـِلأمـَانـِيَ سُـلـَّمَــــا

أيـَّامَ كنـّـا .. والـهـَوى روضٌ لـنـَــا
ونَهيـمُ فـي أفْيـائـِـه كَـيْ نَنـْعـَمـَـا

زرَعَـتْ على كَتِـفِ العهـودِ سَنَابـلاً
والقلْـبُ مـن ألَـقِ العُهــود تَبَسَّمــا

كَـمْ طَـرّزتْ أحـلامَنـا فـي بَسْمــةٍ
حتـى خَيـالـِيَ بالسّـعــادة نـُوِّمـــا

ضَفَرتْ مشاعرهـا بِنَوْلِ عـَوَاطفي
جَعَلـتْ عـَذابِيَ للتَّفــاخُـر مَعـْلَمـَـا

ورَوَتْ صِبَاها من خُمورِ مَدامِعـي
فهَوَيْتُ في بئْرِ الجَوى مُسْتسْلمـا
ـــــــــــــــــــــــــ ـ
مـازلْتُ أذْكـُرُ يومَ وّحَّدَنـا الهـَـوى
ونَضِيـرُ حُـبٍّ إذْ تَفَتـَّـقَ بـُـرْعـُمَـــا

ذاك اللِّقـاء مخلـّـدٌ في خــاطــري
ومَنـَارةٌ فـي مسـْرحي إنْ أظْلمــا

سَكِـرَ الثـَّرى لَمـَّـا تـَثـَنـّـتْ فـوْقــه
فَاخْضَلَّ من عبقٍ لها يشْكو الظَّما

وحَصَاه قد رقصت على ايقـاعهـا
وتواثبـتْ نحـو الخطـا كي تَلْثُمــَا

والـرّيـحُ راقصــةٌ تـراوغ ثـَوْبـَهــا
وتُـداعـبُ الجَسدَ البديعَ لتـَأثـَمـَـا

ورَمَـتْ لِحَاظاً من كِنـانـَة عَينِهـــا
سهْمــاً على وَتـَرِ الإثـَارَة سُـوِّمــَـا

فَأصَابَ منـِّي خَـافقـاً وجَـوانِحـَـاً
فَسَقَطْتُ عن فَرَسِ الفُتون مُهدَّمَا

وَفَـَمٌ . تَضـَوّعَ بالشـّذى .كَبَنفْسَجٍ
قَانِي الطِّلَى ورحيقـُه ذاك اللـّمـَى

أنَّـى نَظـَرْتُ فَللْمَحـَاسـِنِ مـَوْضِـِعٌ
حتَّى ظنَنْتـُك للْمَحَاسِن مُعجَمــَــا
ـــــــــــــــــــــــــ ـ
يَـا بَلْسـَم الْجَسـدِ العَليـــل وداءَه
مـاكـان أنْـدى من وصالـك بلسمـا

أتـرعـت بالـدرّ النفيـس مفـازتــي
قدْ كنْتِ عنـْدِيَ للنَّفـَائـِس مَنْجَمـَا

مَاانْفَـكّ منْ أذُني رَنيمُ حـديثِهـَـا
إيَّـاك أن تَهـْوى ســوايَ وتغـْنـَمـــا

إنْ كنـْتَ تَبْغـي أنْ تَهيـمَ صَبـَابـَـةً
أو كنـْت تنـْوي أنْ تـَطـَال الأنْجُمـَا

فارْشفْ رَحيقَ الحُسْن من بُسْتاننا
إنْ شئـْتَ جيـْداً أو خُدوداً أو فَمَـا

فَلَهـا الخِيارُ بعشْقهـا مـا تشْتـهـي
ولغَيـْرِهَـا . يَبْقـى عَلـَيّ مُحـرَّمــَـا
ـــــــــــــــــــــــــ ـ
بـَرَّحتنِي بِهـَواكِ يـا ألــَقَ الـنـّــدَى
فَحَسِبْتُ سحْـرَكِ للْغِوايـَةِ تَـوْأمَــا

ذوَّبـْتِ في غَـَنج الدّلال مشَاعـِري
وقَضـَاءُ حبُّكِ في مصيريَ حكِّمـَـا

وَأرَدْتِنـِي بـِرِحـَابِ حبِّـكِ طـَائـِعَــاً
بـلْ نـاسِـكـاً أو راهبـَاً أو مُحْـرِمَــا

لـوْ تَسْمَعينَ صـَدَى بلابـلَ مُهْجَتي
تَشْكو إلى عَهـْد الـوَفـَاء تـَظـَلـُّمـــا

يَا لَلـْوَفـاءِ .. وقَـدْ نَكثـْتِ عهـُـودَه
كأسُ المـودَّةِ في غـُرورِكِ هُشِّمـــا

هذي العُهـود تَهَتَّكـَـتْ أوْصـَـالـُهَــا
فبَكـَتْ على حـُبٍ بِغـَدْرك يُـتـِّمـَــا

ماذا أقـُولُ فقَدْ سَحَقْتِ عواطِفي
وَزَوابـعُ الهجْران تعصِـفُ بالْحِمَى

والقلـْبُ مُدْمىً والقَطِيعـَةُ جَرْحـُه
ولـَواعِـجُ الأحْـزان تنْسـجُ مَـأتَمَــا

فـَإذا المَحبـَّة قُطِّعــَتْ أوْصَـالـُهَــا
أو أقْفـَرتْ أضْحى النَّعيمُ جهنَّمــا
ـــــــــــــــــــــــــ ـ
رَعـِفَ الفـُؤادُ على سُطوري أحرُفاً
لوْ سطـّرَتْ فَوق الحـَديـد تـَألـَّمَــا

أو لـو نثَـرْتَ فُتـاتَهــا فـي قـَفْــرةٍ
كـادتْ صُخـُورُ الأرضِ أنْ تتك