الكرة من دون جمهور.. شاحن بلا محمول!
المصدر: يكتبها: طارق عبد المطلب
كان أبو الحجج يترقب وصول الكابتن فهمان إلى مقهى «الجماهير الوفية» بالسوق التجاري وسط المدينة، وما إن حضر واستقر في جلسته، حتى سأله عن ضعف الإقبال الجماهيري في مباريات الدوري.. فقال فهمان في زهوه المعتاد:
شوف يا أبو الحجج.. من موقعي هذا وخبرتي تلك.. أستطيع القول إن الجمهور هو روح لعبة كرة القدم، والنادي الذي له جمهور يبقى محظوظاً، لأنه مصدر شعبيته، ومحفز لاعبيه وملهم إدارته، وبالطبع، إذا استمر التراجع المخيف في شعبية دوري المحترفين، فسنفاجأ به يتحول إلى مسابقة تشبه الأفلام الصامتة.. صورة بلا صوت.. ولن أقول لك: إن الكرة بلا جمهور كليل بلا قمر، أو «عِش بلا عصفور وزهور بلا عطور»، لأن الموضوع أكبر بكثير من هذا الكلام.. حقيقة الأمر «ياخوي بو الحجج»، أن الكرة بلا جمهور تبقى مثل الشاحن بلا محمول، كرة مصابة «بعيد عنك» بالجفاف وفي حاجة إلى محلول.. الجمهور هو روح الملاعب، من غيره الفوز ماله أفراح، والخسارة تكون بلا أتراح.. لذلك، لا بد من حلول عاجلة من اتحاد الكرة ولجنة المحترفين والأندية لعلاج الظاهرة.
أبو الحجج: بصراحة «وما تزعل علي».. أرى أن الحضور الجماهيري لا يزال بخير.
فهمان: كيف يا رجل؟ إذا كانت إحدى المباريات حضرها 121 مشجعاً، نصفهم من زوجات وأُسر وأصدقاء اللاعبين الأجانب والنصف الثاني إعلاميون وصحفيون وإداريون.. لدرجة أن مخرج المباراة ظل يعيد ويزيد في نقل نفس الوجوه والمشاهد طوال المباراة.. ثم هل يعقل بعد كل هذه المصروفات الضخمة يعجز الاتحاد بلجنة محترفيه والأندية عن استقطاب الجماهير للمدرجات؟
أبو الحجج: يمكن لأن الدوري بدأ مع العام الدراسي.
فهمان: هذه هي شماعة نعلق عليها الفشل.. كل العالم يبدأ تقريباً في نفس هذا الموعد، لكن هناك المباريات تقام في نهاية الأسبوع «اللي بيسموه ويك إند» لتكون وسيلة للمتعة والفسحة، أما نحن فنقيم بعض المباريات وسط الأسبوع أيام العمل والدراسة، والغريب أن بعضها في الخامسة مساء.. ومعلوم أن معظم الجماهير من الشباب.. فمن منهم سيترك جامعته أو مدرسته ليحضر مباراة في هذا التوقيت؟
أبو الحجج: لجنة المحترفين، معذورة يا كابتن، لأن هذا الموسم مضغوط ويحتاج إلى إقامة مباريات وسط الأسبوع حتى يكون هناك أوقات لتجمع المنتخب الذي يستعد للبطولة الآسيوية.
فهمان: يا بو الحجج.. العالم كله لديه نفس الظروف، ومع ذلك الجماهير تملأ المدرجات.. أما نحن فمن الواضح أن بعض الأندية لا تريد أصلاً حضور جمهورها لكي تتجنب غضبه إذا ما جاءت النتائج بما لا يشتهيه.
أبو الحجج: بصراحة.. أرى أن الأندية تقوم بما عليها؟
فهمان: كيف يا رجل ومنافذ بيع التذاكر في بعض الأندية أصبحت مهلكة.. يعني «أسير أشتري» تذكرة «أتلسع» ضربة شمس.. وتبقى التذكرة في جيبي وترقد معايا في البيت من «وجع الراس».. وأزيد لك من الشعر بيت يا بو الحجج.. الأسبوع الماضي واحد صاحبي راح يشاهد مباراة، وكان «فرحان وسعيد» بفوز فريقه، لكن وهو خارج من الملعب.. أتصدم عندما وجد مخالفة مواقف على سيارته، فأقسم ألا يذهب إلى الملاعب مرة أخرى!
أبو الحجج: ما تظلم الأندية يا كابتن.. يكفي أنها تطلب نصيب جمهورها في كل مباراة يلعب فيها فريقهم خارج أرضه.
فهمان: يا رجل افهم بقى.. هذه تصريحات لزوم «الشو الإعلامي»، لكن في «قرارة نفسها» تتمنى عدم الحضور.
أبو الحجج: يمكن الناس عزفت عن الكرة من ذاتها؟
فهمان: كيف وبعضهم يسافر إلى أوروبا لمشاهدة المباريات هناك؟
أبو الحجج: قد تكون النتائج هي السبب؟
فهمان: ممكن، قد تكون الجماهير محبطة بعد عدم تأهل المنتخب للمونديال الأخير، وأيضاً نتائج بعض الأندية في البطولة الآسيوية ووصولها للنهائي وعدم الفوز به الموسم الماضي، ونتعشم أن يحقق الأبيض بطولة آسيا المقامة في يناير المقبل على أرضنا، ويبقى الفرح كله عندنا.
أبو الحجج: طب ما الحل يا بو الكباتن في هذه المعضلة؟
فهمان: الحل أسهل مما تتخيل.. إذا كانت الأندية لا تجني سوى دراهم معدودات من تذاكر المباريات.. فلماذا لا تخفض أسعارها وتبقى بسعر رمزي، أو تجعل الدخول «مجاني للقاصي والداني» كما فعلت بعضها مؤخراً.
أبو الحجج: طيب ولجنة المحترفين؟
فهمان: هذه دورها أكبر بكثير، وأظن أن بعد القرار السامي لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ،حفظه الله، بإلغاء تشفير الدوري، لم يعد عند هذه اللجنة أي حجة للعمل على عودة الجمهور، لأن متابعتها عبر الشاشات، يدفعها للتشجيع في المدرجات.
أبو الحجج: لكن البعض كان يرى أن التشفير مصدر دخل للاتحاد والأندية.
فهمان: وما الفائدة إذا توفرت للكرة الأموال وساءت فيها الأحوال.. دورينا ما هو الإيطالي ولا الإسباني ولا الإنجليزي حتى نشفره.
أبو الحجج: كلام جميل يا كابتن، لكن هل تستطيع الأندية واتحاد الكرة استقطاب الجمهور مرة أخرى كما كان أيام الهواية؟
فهمان: إذا لم تنجح المنظومة الكروية كلها في هذا.. يبقى بلاها احتراف، «ويستقيلوا.. فيرتاحوا ونرتاح».