الرباب بنت امرئ القيس بن عدي من أهل الشام
روى ابن حجر إنّ امرئ القيس بن عدي كان رجلاً نصرانياً قدم المدينة في خلافة عمر بن الخطاب فلما دخل عليه (حياه بتحية الخلافة، فقال من أنت؟ قال: امرئ نصراني وأنا امرؤ القيس بن عدي الكلبي، فلم يعرفه عمر. فقال له رجل: هذا صاحب بكر بن وائل الذي أغار عليهم في الجاهلية، قال: فما تريد؟ قال: أريد الإسلام، فعرضه عليه فقبله، ودعا له برمح فعقد له على من أسلم من قضاعة، فأدبر الشيخ واللواء يهتز على رأسه. قال عوف ما رأيت رجلاً لم يصلِّ صلاة أمر على جماعة من المسلمين قبله، قال: ونهض علي وإبناه حتى أدركه فقال له: «أنا علي بن أبي طالب ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذان ابناي من ابنته، وقد رغبنا في صهرك فأنكحنا». قال: قد أنكحتك يا علي الحياة ابنة امرئ القيس؛ وأنكحتك يا حسن سلمى بنت امرئ القيس، وأنكحتك يا حسين الرباب بنت امرئ القيس).
وقد ولدت الرباب للإمام الحسين عليه السلام سكينة، وعبد الله الرضيع، الذي استشهد في يوم الطف ، وكان اسم سكينة أميمة ، وسكينة لقب؛ وفي الرباب وسكينة يقول الإمام الحسين عليه السلام:
لعمرك إنني لأحب داراً *** تحل بها سكينة والرباب
أحبهما وأبذل جل مالي *** وليس لعاتب عندي عتاب
ولست لهم وإن عتبوا مطيعاً *** حياتي أو يغيبني التراب
ولقد عُرفت الرباب بنت امرئ القيس بوفائها للإمام الحسين عليه السلام وعظم صبرها على فقده وفقد ولدها الرضيع الذي ذبح من الوريد إلى الوريد؛ حتى سجل موقفها وصبرها أعظم الصور الإنسانية التي لم تزل تلهم الشعراء والكتاب والأحرار دروساً في التضحية والثبات من أجل المبدأ.
وقد روى التاريخ عن حالها بعد رجوعها إلى المدينة من مأساة الطف، إنها لم تستظل بظل بل بعثت خلف البنّاء وطلبت منه أن يقلع سقف الدار وجلست لا تستظل بظل، لا في صيف أو شتاء حتى ماتت بعد سنة من استشهاد حجة الله الإمام الحسين عليه السلام.
ولقد حاول كثير من الرجال خطبتها فقابلتهم بالرفض فلما ألحوا عليها قالت: (ما كنت لأتخذ حموا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)
وكانت ترثي الحسين عليه السلام فتقول:
إن الذي كان نورا يستضاء به *** بكربلاء قتيل غير مدفون
سبط النبي جزاك الله صالحة *** عنا وجنبت خسران الموازين
قد كنت لي جبلا صعبا ألوذ به *** وكنت تصحبنا بالرحم والدين
من لليتامى ومن للسائلين ومن *** يغني ويأوي إليه كل مسكين]
والله لا أبتغي صهراً بصهركم *** حتى أغيب بين الرحل والطين
وهذا كله يدل بشكل قطعي على وجودها في كربلاء يوم عاشوراء فتكون بذلك ثاني زوجة لسيد الشهداء عليه السلام فيمن أخرجهن معه إلى العراق.