قصة الأسرة التي أسكبت لها العيون ماء الفرح تارة ، كما أسكبت ماء الحزن أخرى!.
من هي المرأة التي أضحكت وأبكت! ؟
جرت أحداثها في اليمن
في محافظة ريمة بين جبالها الشاهقة وسهولها ووديانها نشأت الخالة وداد هكذا كان تدعى وبهذا الاسم عرفت بين
سكان الحارة!.
عاشت وداد مع أسرتها وتميزت بجمال روحها وحسن حديثها وبرها بوالديها وإحسانها لجيرانها.. ملكت قلوب أبناء قريتها
وداد..
وداد ذات البشرة السمراء والقلب الأبيض
عرفت بدماثة الخلق وحسن المنطق وطيب الخاطر لا تحب الأثرة تعيش بعيدة عن الأضواء!.
تزوجت أحد أبناء القرية وكان يعمل في السلك العسكري ونظرا لانشغاله وقضاء معظم أوقاته خارج القرية حسب طبيعة العمل قرر هجرة الريف واصطحاب زوجته وأبنائه!.
وفي صباح أحد الأيام استيقظت القرية لتودع الخالة وداد والعبرات تسكب والعيون تذرف ماء الحزن افتقدت القرية ابنتها وداد وافتقدت معها الحكمة والقول السديد والسماحة وحسن الحديث!.
في أحد أحياء صنعاء وسط حارة الصعدي هبطت الأسرة الريفية وأناخت رحالها واضعة عصا الترحال.
لقد عاد ذلك على سكان الحارة بالخير ، فما فرحت الحارة بشيئ أعظم من فرحها بوداد وأسرتها.
المساكن تتزين والسكان يفرحون ويمرحون.
ساهمت وداد في إنشاء معمل خياطة ، وشجعت النساء والفتيات على فن الخياطة وجودة التطريز ، واتفقت ومجموعة من النساء على تخصيص نسبة تودع في صندوق التطوع يستفاد منه لمواجهة الطوارئ ، ومساعدة المحتاجين ، وإشباع
فقراء الحارة.
ساهمت وداد مع صديقاتها من خلال الصندوق في التخفيف من معاناة الفقراء ، وإدخال السرور على كثير من الأسر!.
وبعد صراع مع السرطان توفي الزوج وغادر الدنيا تاركا خلفه بناته الأربع والخالة وداد الاسم الذي عرفت به بين نساء الحارة وأطفالها!.
كان رحيل الزوج له أثر بالغ على الأسرة والجيران ، وكان له أثر سلبي على وداد ونشاطها الخيري!.
راتب الزوج هو مصدر دخل الأسرة ، وتولت وداد مسؤولية الأسرة -تغذية وتعليما وصحة- واستمر حال الأسرة عاما كاملا تتقاضى راتب الأب لتنفقه على اليتيمات ، وبعد عام فوجئت الأسرة -كغيرها من الأسر اليمنية- بانقطاع الراتب ، ولطبيعة الأسرة الأنثوية فقد زادت معاناتها!.
وبعد أربعة شهور من انقطاع الرواتب توقف المعمل فازدادت معاناة الفقراء ، وارتفع معدل البطالة ، وارتفعت نسبة الفقر!.
سنتان والخالة وداد تدافع الفقر وتقارع الجوع ، وتصارع المرض!.
ما عرفت وداد سؤال الناس وفضلت التحمل والصبر ، وقابلت كل ذلك البلاء بالرضى وكثيرا ما كانت ترغب بناتها في الآخرة وتذكرهن بسنن الابتلاء وواجب البنت المسلمة أمام صروف الدهر وتقلب الأيام!.
افتقدت النساء الخالة وداد وعفتها وورعها ، وافتقدت سلامها وبسمتها العفيفة التي لا تغادر شفتيها ، وافتقدت القول الجميل!.
وبعد أسبوع من غياب الأسرة ذهبت النساء يحملن الدقيق والماء لزيارة الأسرة والخالة وداد!.
وصل الوفد الزائر منزل وداد ليجدها وقد فارقت الحياة وأجابت الروح باريحها فعم الحزن الجميع!.