علم النحو من العلوم الشريفة والنافعة إذ هو دعامة العلوم العربية ولن
تجد علماً يستقل بنفسه عن النحو أو يستغني عنه إذ هو المرجع في الكثير من
المسائل التشريعية وهل يمكن أن نفهم دقائق التفسير والأحاديث وأصول العقائد
وما يتبع ذلك من فقه وأصول وأدب وفلسفة وتأريخ وغيرها من العلوم إلا بلغة
القرآن وإرشادها وإلهامها
يقول : عبد القاهر الجرجاني ( إن الألفاظ مغلقة على معانيها حتى يكون
الإعراب هو الذي يفتحها وإن الأغراض كامنة فيها حتى يكون هو المستخرج
لها وأنه المعيار الذي لا يتبين نقصان كلام ورجحانه حتى يعرض عليه
والمقياس الذي لا يعرف صحيح من سقيم حتى يرجع إليه ولا ينكر ذلك
إلا من ينكر حسه وإلا من غالط في الحقائق نفسه ) إهـ
وقال السيوطي رحمه الله
( وقد اتفق العلماء على أن النحو يُحتاج إليه في كل فن من فنون
العلم لا سيما التفسير والحديث ، فإنه لا يجوز لأحد أن يتكلم في كتاب الله حتى
يكون ملما بالعربية لأن القرآن عربي ولا تفهم مقاصده إلا بمعرفة قواعد
العربية وكذا الحديث ) إهـ
و قال الأصمعي رحمه الله
( إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف
النحو أن يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم ” من كذب علي متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار “ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يلحن فمهما رويت
عنه ولحنت فيه كذبت عليه ) إهـ
ومعرفة اللغة العربية شرط في رتبة الإجتهاد فلو أن المجتهد جمع كل العلوم
لم يبلغ رتبة الإجتهاد حتى يعلم (النحو ) فيعرف به المعاني التي لا سبيل إلى
معرفتها إلا به فرتبة الإجتهاد متوقفة على معرفة النحو ولا تتم إلا به وهذا
ما اتفق عليه الأمة من السلف والخلف
وقد روى البيهقي في سننه ” أن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما كانا
يضربان أولادهما على اللحن ” إهـ
مبادئ النحو
ثم اعلم أنه ينبغي لكل شارع في أي فن من الفنون أن يتصوره ويعرفه قبل
الشروع فيه وهذا التصور يحصل بمعرفة المبادئ وإليك بيان مبادئ النحو
تعريف النحو : كلمة ( النحو ) تطلق في اللغة العربية على عدة معاني
منها القصد والجهة والمقدار يقال نحوت نحو الشيء أي: قصدت وذهبت نحو
فلان أي جهته وله عندي نحو ألف أي مقدار ألف ، وأظهر معاني النحو
وأكثرها تداولا القصد
واصطلاحا : علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء
فائدة النحو : معرفة صواب الكلام من خطئه ليحترز به عن الخطأ في اللسان
غايته : الاستعانة على فهم معاني كلام الله وكلام رسوله الموصل إلى خيري
الدنيا والآخرة
حكم الشارع فيه : هو فرض من فروض الكفاية على كل ناحية وفرض عين
على قارئ القرآن والتفسير والحديث
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
( فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن
فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب
إلا به فهو واجب ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب
على الكفاية ) إهـ
نسبته : هو من العلوم العربية موضوعه الكلمات العربية لأنه يبحث عن
عوارضها اللاحقة لها من حيث الإعراب والبناء
واضعه : أبو الأسود الدؤلي بأمر من علي بن أبي طالب رضي الله عنه
اسمه : علم النحو وعلم العربية
سبب تسميته بالنحو : ما روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما أشار
على أبي الأسود الدؤلي ( ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي ) أن يضع علم
النحو علمه الاسم والفعل والحرف وشيئا من الإعراب ثم قال له انح هذا النحو
يا أبا الأسود ، فسمي بذلك




م