الدفن عند الاتروسك :
لقد مرّ الدفن عند الاتروسك بتطورات عديدة حيث انهم كانو يعتقدون بالحياة ما بعد الموت وقد اهتموا كثيرا بمصير الانسان بعد ان يموت لذلك كانت مدافنهم غنية اكثرمن غيرها بما يتعلق بفن العمارة وعادات الدفن وفنون التروسك المتعلقة بالموت ، كان الاتروسك يصورون الميت وكأنه يعيش في بيته حيث انهم صممو المقابر للتتناسب واعتقاداتهم وبالتالي زودوا المدافن بكل مايحتاجه الميت بنظرهم من طعام وشراب واسلحة وحلي وكان هذا الفكر سائدا منذ القرنين السادس والخامس قبل الميلاد حيث يشهد على ذلك الموجودات في البمقابر التي تعود لهذه الفترة حيث وجدت لوحات فنية تصور الموتى وهم يستمتعون بأوقاتهم ويشاهدوا او يشاركو بالنشاطات المختلفة التي يمارسها الاحياء من عزف ورقص وركوب العربات التي تجرها الخيول ، لقد كان باعتقاد الاتروسك ان ملىء المدافن بصور المسرات يغذي روح الميت لتبقى مسسقرة بمدينة الموتى وتبقى بعيدة عن عالم الاحياء ومن هذه المدافن صف القبور الطويل الذي وجد بمدينة سيرفتري الاتروسكية وكان طول هذا الصف القبوري يمتد حوالي الفين متر وقد انشئت هذه لمقبرة منذ العصر الحديدي واستمر الدفن فيها حتى العصر الروماني وجد هناك توابيت تصور الموتى بالحجم الطبيعي متكين على غطاء التابوت وكأنه سرير ويظهر الموتى وكأنهم يشاركون في المآدب ونلاحظ من خلال الابتسامات في شفاه الموتى التأثير الآرخي ونلاحظ احيانا ان الزوجة تظهر الى جانب زوجها مبتهجين بشكل يبعث على الاستغراب وكان الفنان الاتوسكي يصنع اشكاله من المواد الطرية سهلة التشكيل ليتمكن من التحكم بها ، ومن الامثلة على المدافن الاتروسكية التميلوس : وهو من المدافن الاتروسكية يتألف من بناء مستدير يعلو سقفه أكمة من التراب وكان السقف محاطا بجدار دائري على اطرافه لحمايته من السقوط وكان هذا المدفن على شكل بيت عادي ولكنه تحت الارض يمتد امامه ممر طويل يمثل بوابة له .
لقد تأثر الاتروسك بما يتعلق بهذا القبر بالموروث الشرقي من اسيا الصغرى من مناطق ليديا وكاريا فروجينيا ووجد في بلدة اورفيتو مدافن واسعة تمتد على طريق طويل تحت الارض وتطل على الخارج من خلال جدار طويل من كتل حجرية كبيرة منتظمة تزين واجهاتها بعض الاعمدة الحجرية .
اعتبارا من القرن الرابع قبل الميلاد بدأ الفن الجنائزي الاتروسكي يتأثر بالاحداث السياسية والاقتصادية الناتجة عن سيطرة الرومان على الشواطىء الايطالية فأخذ الفكر الجنائزي عند الاتروسك يهتم بمرحلة الموت وتأثيرها على اهل الميت واصدقائه وظهر في تلك الفترة مايسمى بالروح الحارسة ، وأثناء الفترة الهلنستية نلاحظ ازدهارا في موجودات المقابر من رسومات على الثوابيت والجدران .
وتجدر الاشارة الى ان الاتروسك استخدموا نوعين من اشكال الدفن فهم اما كانو يحرقون الموتى ويضعون رفاتهم في وعاء اعد لهذه الغاية خصيصا او انهم كانوا يدفنون موتاهم في مقابر خاصة ، ان هذان الاسلوبان كان احدهم يطغى على الاخر بين فترة وأخرى اومن منطقة الى أخرى .
اما بخصوص انواع المدافن فقد برز عدد من الاشكال التي ميزت الدفن الاتروسكي ومنها:
اولا: مدفن على شكل بئر اسطواني وهو اما محفور بالصخر او في التراب وهذه التسمية التي اطلقت على هذا النوع من المدافن(Posso )
وكان هذا القبر بعمق 3 الى 5 امتار حيث يوجد في اقصى اعماقه حفرة تشكل مكان الدفن وكان الدفن فيه فرديا او جماعيا ولكنه يختلف في النوعي ببعض التفاصيل فقد كانت رفات الميت توضع في جرة والمرفقات الجنائزية في جرة اخرى في حال كان الدفن فرديا اما اذا كان الدفن جماعيا فقد كانت توضع الرفاة والمرفقات في نفس الجرة وكانت هذه الحفرة تغطى بالرقائق الحجرية
" ومن ثم تدفن بالحجارة والتراب . Slaps "
"وهذا المدفن عبارة عن حفرة صغيرة استخدمت لدفنTrinsh tomb" ثانيا :
الجثث غير المحروقة وكون شكل هذا القبر مضلعا مستطيلا ويكون مقطوعا في الصخر او مبنيا من الحجارة واهم ما يميز هذا القبر هو غناه بالمرفقات الجنائزية .
" اي حجرات الدفن وهذا القبر يتقدمه ممر طويل يبلغ طوله 40 مترا اما عرضه فيبلغ مترين والاجزاء السفلى منه Shumper tomb" ثالثا:
عبارة عن جدران اساساتها محفورة بالحجارة الصخرية ومن ثم اكملت بالحجارة الكبيرة وكان سقفه على شكل قبة ، في منتصف الممر الطويل توجد حنايا بيضوية وكان القبر يغطى بتلة من التراب على شكل دائرة يبلغ قطرها 48 مترا وقد يحتوي هذا المدفن على اكثر من حجرة للدفن حيث تكون الحجرة الرئيسية موجودة في الوسط وكان لهذا المدفن اكثر من ممر تلتقي ببمر واحد يقود الى الخارج ليشكل ممر البوابة وكانت مثل هذه المدافن تستخم لاسر كبيرة ولفترات طويلة ومن الامثلة عليه مدفن تومولس الموجود في مدينة سيرفيتري الذي كان من اهم الموجودات في داخله هيكلين عظميين وجرة من جرار الموتى وبعض الحلي والقلائد المصنوعة من الذهب او البرونز وان هذا الاستعراض يمثل المدخل الى الدفن الروماني .
ان الحضارة الرومانية بدأت منذ 63 قبل الميلاد في الشرق وذلك من خلال فتوحات بومبي وكانت هذه الحضار قامت في باديء تأسيسها على اثار التجمعات البشرية المتناثرة خاصة في مناطق ايطاليا تحديدا وقد تطورت الدوله الرومانية فيما بعد لتغدوا مدنا بحد ذاتها تحتوي على تخطيطات منتظمة مماجعل الحضارة الرومانية ذات طابع خاص في العمارة حيث كانت قابلة للتأثر والتأثير .
ان ما يهمناهو استعراض المدافن الرومانية وعادات الدفن عند الرومان التي نستنبطها مباشرة من تلك المدافن كمصدر رئيسي لها .
كان الرومان عندما يموت احد الرومانين يبدءون بالاعداد للجنازة ومراسمها التي كان مختصا بها احد الجنائزيين المحترفين اللذي يكلف بترتيب الجنازة التي تتمتع بطابع خاص حيث كانت تبدأ من بيت المتوفى اللذي كان يمدد على سرير جنائزي معدا لهذه الغاية وكان مكان هذا السرير في غرفة الجلوس وقد وجهت قدماه باتجاه الباب اللذي كانو يضعون امامه اشجار الصنوبر التي تمنع الاصابة بالعدوى من الميت حيث كان باعتقاد الرومان ان الموت مرض معدي ، ان هذا الامر كان ينطبق على الاشخاص من الطبقات الفقيرة اما اذا مات احد الاشخاص المهمين فالامر مختلف حيث يكلف منادٍ ليعلن للناس عن موته حتى يجتمعوا ويسيروا في تشيع الجنازة ،وكان هناك شخص يدعى المشرف يعمل على تنظيم موكب الجنازة التي كانت تحتوي على عدد من النائحات المستئجرات والموسيقين وكانت تظم عدد من الممثلين اللذين يقومون بتقليد المتوفي في حياته السابقة وكان الرومان يمارسون عادة تلفت الانظار فكان مجموعة من الرجال يقومن بارتداء الاقنعة التي تمثل اسلاف المتوفى من اللذين تقلدوا المناصب الرفيعة وذلك حتى يعطو الهيبة لذلك الميت وايضا ليخففوا عن اهله بانه ليس الوحيد الذي فقدوه ، بعد ذلك يتم نقل النعش الى الساحة العامة في وسط المدينة حيث تلقى الخطب التي ترثي الميت ويأتو على ذكر مناقبه وصفاته الحسنة في حياته السابقة .
وكان الاشخاص اللذين يرتدون الأقنعة التي تمثل اسلافه يقفوا حول النعش في نصف دائرة وبعدها يتم السير بالميت الى المقبرة الخاصة بعائلته وغالبا ما تكون هذه المقبرة خارج اسوار المدينة وبعد ان يوضع الميت في المقبرة يودع الوداع الاخير وكانت فترة الحداد عندهم تسعة ايام حيث كانو في اليوم التاسع يقدمون الطعام عند قبر الميت .
ونستعرض الان بعض الامثلة من المقابر الرومانية في روما و التي كانت بغاية الجمال والروعة ومنها:
1- ضريح الاله اغسطس : ان هذا الضريح موجود في منطقة قريبة من نهر التيبر في روما قا م ببنائه الامبراطور اغسطس وعمل على تخصيصها للعائلة المالكة وكانت هذه المقبرة تضم رفاة اعضاء بارزين من العائلات الحاكمة من عائلة ماركوس وحتى عائلة نيرفا وفي هذه المقبرة نجد تأثيرا اتروسكيا واضحا حيث ان هذه المقبرة تتألف من بناء مستديرا تعلوه تلة من التراب وكانت هذه التلة مزروعة بالاشجار حيث بلغ قطرها حولي 87 مترا وكان التراب يعلوها بحوالي 44مترا ، حلقات الجدران كانت تفصل الحجرات الدفنية عن بعضها ووضع اغسطوس النقوش التذكاري البرونزية التي تسجل اعماله وانجازاته ووجد منها نسخة في انقرة في تركيا .