حياة الإمام علي بن موسى الرضا (ع) من الولادة حتى الشهادة



اسمه ونسبه(عليه السلام)
الإمام علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
كنيته(عليه السلام)
أبو الحسن، أبو علي... .
ألقابه(عليه السلام)
الرضا، الصابر، الرضي، الوفي، الفاضل... وأشهرها الرضا.
تاريخ ولادته(عليه السلام) ومكانها
11 ذو القعدة 148ﻫ، المدينة المنوّرة.
أُمّه(عليه السلام) وزوجته
أُمّه السيّدة تكتم، وزوجته السيّدة سُكينة المرسية، وقيل: الخَيزران أُمّ الإمام محمّد الجواد(عليه السلام)، وهي أيضاً جارية.
مدّة عمره(عليه السلام) وإمامته
عمره 55 سنة، وإمامته 20 سنة.
حكّام عصره(عليه السلام) في سني إمامته
هارون الرشيد، محمّد الأمين ابن هارون الرشيد، عبد الله المأمون ابن هارون الرشيد.
سبب شهادته(عليه السلام)
نتيجة للصراع الدائر بين أهل البيت(عليهم السلام) وأنصارهم، وبين بني العباس ـ بالإضافة إلى بروز شخصية الإمام الرضا(عليه السلام) وتفوّقها على شخصية المأمون ـ دفع المأمون إلى التفكير بشكلٍ جدِّي بتصفية الإمام(عليه السلام) واغتياله، وتمّ له ذلك عن طريق دسِّ السم للإمام(عليه السلام).
تاريخ شهادته(عليه السلام) ومكانها
17 صفر 203ﻫ، وقيل: اليوم الأخير من صفر، مدينة طوس، خراسان.
مكان دفنه(عليه السلام)
مدينة طوس (مشهد المقدّسة)، خراسان.

الإمام(عليه السلام) مع دعبل الخزاعي
عن أبي الصلت الهروي قال: «دخل دعبل الخزاعي على علي الرضا(عليه السلام) بمرو فقال له: يابن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، إنّي قد قلت فيك قصيدة، وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك.
فقال(عليه السلام): هاتها. فأنشده:
مدارس آيات خلت من تلاوة ** ومنزل وحي مقفر العرصات
فلمّا انتهى إلى قوله:
وقبر ببغداد لنفس زكية ** تضمّنها الرحمن في الغرفات
قال له الرضا(عليه السلام): «أفلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك»؟ فقال: بلى يابن رسول الله، فقال(عليه السلام):
وقبر بطوس يا لها من مصيبة ** توقد في الأحشاء بالحرقات
إلى الحشر حتّى يبعث الله قائماً ** يفرّج عنّا الهمّ والكربات
فقال دعبل: يابن رسول الله! هذا القبر الذي بطوس قبر من هو؟ فقال الرضا(عليه السلام): «قبري، ولا تنقضي الأيّام والليالي حتّى تصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً له»(1).
كيفية سمّه(عليه السلام)
قال الإمام الرضا(عليه السلام): «يا أبا الصلت، غداً أدخل إلى هذا الفاجر، فإن أنا خرجت وأنا مكشوف الرأس فتكلّم أُكلّمك، وإن خرجت وأنا مغطّى الرأس فلا تكلّمني».
قال أبو الصلت: فلمّا أصبحنا من الغد لبس ثيابه، وجلس في محرابه ينتظر، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون، فقال له: أجب أمير المؤمنين، فلبس نعله ورداءه وقام يمشي وأنا أتبعه، حتّى دخل على المأمون وبين يديه طبق عليه عنب، وأطباق فاكهة بين يديه، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه، فلمّا أبصر بالرضا(عليه السلام) وثب إليه وعانقه، وقبّل ما بين عينيه وأجلسه معه، ثمّ ناوله العنقود وقال: يابن رسول الله، هل رأيت عنباً أحسن من هذا؟.
فقال له الرضا(عليه السلام): «ربما كان عنباً حسناً يكون من الجنّة»، فقال له: كل منه، فقال له الرضا(عليه السلام): «أو تعفيني منه»؟ فقال: لا بدّ من ذلك، ما يمنعك منه؟ لعلّك تتّهمنا بشيء؟ فتناول العنقود فأكل منه، ثمّ ناوله فأكل منه الرضا(عليه السلام) ثلاث حبّات، ثمّ رمى به وقام، فقال له المأمون: إلى أين؟ قال(عليه السلام): «إلى حيث وجّهتني».
وخرج(عليه السلام) مغطّى الرأس، فلم أكلّمه حتّى دخل الدار، فأمر أن يُغلق الباب فأُغلق، ثمّ نام على فراشه، فمكثت واقفاً في صحن الدار مهموماً محزوناً، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليَّ شاب حسن الوجه قطط الشعر، أشبه الناس بالرضا(عليه السلام)، فبادرت إليه فقلت له: من أين دخلت والباب مغلق؟
فقال لي: «الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت، هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق». فقلت له: ومن أنت؟ فقال لي: «أنا حجّة الله عليك يا أبا الصلت، أنا محمّد بن علي».
ثمّ مضى نحو أبيه(عليه السلام)، فدخل وأمرني بالدخول معه، فلمّا نظر إليه الرضا(عليه السلام) وثب إليه وعانقه وضمّه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه، ثمّ سحبه سحباً إلى فراشه، وأكبّ عليه محمّد بن علي(عليهما السلام) يقبّله ويساره بشيء لم أفهمه، ورأيت على شفتي الرضا(عليه السلام) زبداً أشدّ بياضاً من الثلج، ورأيت أبا جعفر يلحسه بلسانه، ثمّ أدخل يده بين ثوبه وصدره، فاستخرج منه شيئاً شبيها بالعصفور، فابتلعه أبو جعفر(عليه السلام)، ومضى الرضا(عليه السلام)(2).
من أقوال الشعراء فيه(عليه السلام)
1ـ قال الشيخ عبد الحسين شكر(قدس سره):
لله رزء هدّ أركان الهدى ** من بعده قُل للرزايا هوني
لله يوم لابن موسى زلزل السـ‍ ** بع الطباق فأعولت برنين
يوم به أشجى البتولة خائن ** يُدعى بعكس الأمر بالمأمون
يوم به أضحى الرضا متجرّعاً ** سمّاً بكأس عداوة وظغون
فقضى عليه المجد حزناً إذ قضى ** والدين ناح ومحكم التبيين
فمن المعزّي المرتضى أنّ الرضا ** نال العدى منه قديم ديون(3).
2ـ قال السيّد صالح القزويني(قدس سره):
فيا غريباً قضى بالسم منفرداً ** أبكى الأعادي وأصمى الإنس والجانا
أقام في يثرب عصراً وأشخصه الـ‍ ** مأمون قسراً إلى أقصى خراسانا
كم من أذى وعناء منه كابده ** في القرب والبعد حتّى حينه حانا
فهل درى البيت بيت الله أن هدمت ** منه عتاة بني العباس أركانا
وهل درت هاشم أن ابن سيّدها ** قضى غريباً مروع القلب حرّانا
وهل درت يثرب ألوت نضارتها ** وسامها الدهر بعد العز نقصانا
وهل درى من به كوفان قد فخرت ** بما انطوى من فخار في خراسانا
وهل درى الكرخ ما في طوس من نوب ** جلت وقوعاً وما منها الرضا عانا
وهل درى من بسامراء أن غدرت ** أعداؤهم بالرضا ظلماً وعدوانا
فلتبكه الأرض حزناً والسماء دماً ** والإنس والجن والأملاك أشجانا(4).
ثواب زيارته(عليه السلام)
1ـ عن أبي الصلت الهروي، قال: سمعت الرضا(عليه السلام) يقول: «والله ما منّا إلّا مقتول شهيد». فقيل له: فمن يقتلك يابن رسول الله؟ قال: «شرّ خلق الله في زماني، يقتلني بالسم، ثمّ يدفنني في دار مضيعة وبلاد غربة، ألا فمن زارني في غربتي كتب الله عزّ وجلّ له أجر مائة ألف شهيد، ومائة ألف صدّيق، ومائة ألف حاج ومعتمر، ومائة ألف مجاهد، وحُشر في زمرتنا، وجُعل في الدرجات العلى من الجنّة رفيقنا»(5).
2ـ وعن أبي الصلت الهروي، قال: سمعت الرضا(عليه السلام) يقول: «هذه تربتي وفيها أُدفن، وسيجعل الله هذا المكان مختلف شيعتي وأهل محبّتي، والله ما يزورني منهم زائر، ولا يسلّم عليَّ منهم مسلم، إلّا وجب له غفران الله ورحمته بشفاعتنا أهل البيت»(6).