الأدوية … مخاطر الاستعمال العشوائي
استعمالها دون استشارة يؤدي إلى الوفاة والكبد والكلي الأكثر تضررا
يلجأ كثير من الأشخاص إلى استعمال أدوية دون استشارة طبيبة، الأمر الذي لا يخلو من مخاطر، خاصة لمن يعانون أمراضا مزمنة مثل السل والسكري والكوليسترول والضغط الدموي. وكثيرة هي أنواع الأدوية، التي يمكن اقتناؤها دون وصفة طبية والتي يجهل كثيرون أضرارها الصحية. عن بعض الأنواع من الأدوية تتحدث الدكتورة أمل شادي، طبيبة عامة في حوار مع “الصباح”، كما يتم التطرق إلى أضرار مادة “الأسبرين” ومشاكل الكبد بسبب الأدوية وأيضا الأضرار الناتجة عن استعمال أدوية السعال. وفي ما يلي التفاصيل:
الإفراط في تناولها يدمر المناعة
أكدت الدكتورة أمل شادي، طبيبة عامة، أنه من الضروري استشارة الطبيب قبل تناول أي نوع من الدواء، مضيفة أن بعضها يسبب مشاكل صحية قد تؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة. وأوضحت الدكتورة شادي أن الكبد والكلي أكثر تضررا بسبب الأدوية. عن أنواع يتم استعمالها لعلاج بعض الأمراض ومحاور أخرى، تتحدث الدكتورة شادي ل”الصباح” في الحوار التالي:
< حذرت بعض وسائل الإعلام من استعمال أدوية الزكام، فهل هي فعلا خطيرة؟
< إن الضجة الإعلامية التي أثيرت بشأن أدوية لعلاج الزكام ومنها "ريميكيس" و"إيميكس" و"فيبريكس" و"رينوميسين" و"أكتيفيد" وغيرها مما تضمنته اللائحة التحذيرية كلها، تحتوي على مادة "لافينيل برونابولامين"، والتي كانت محور دراسة قديمة أنجزت سنة 2000 والتي تبين من خلالها أن العقاقير التي يتم أخذها قبل النوم تفاديا لاختناقات في الأنف هي التي يمكن أن تسبب نزيفا.
وأوضحت الدراسة كذلك أنه طيلة اثنتين وعشرين سنة تعرضت ستة حالات إلى نزيف في شرايين الدماغ، وهو العدد الذي يبقى قليلا جدا مقارنة مع إيجابيات الدواء، كما أنه لم يتم التأكيد على أن الضرر الصحي ناتج عن هذه الأدوية والدليل على ذلك أنها مازالت تباع في المغرب وفرنسا.
وأعتقد أن الأمر لا يستحق هذه الضجة، خاصة أن الدراسة قديمة، كما أن سبب منع تلك الأدوية في أمريكا هو تجاري محض وليس صحيا، بما أنها تتوفر على أنواع أخرى من الأدوية ترغب في تسويقها والتي تعتبر أكثر فعالية في علاج الزكام والتي لم يتم تسويقها بعد في أوربا وباقي الدول.
< تستعمل أدوية علاج آلام الرأس دون وصفة طبية، فهل تشكل خطورة؟
< لابد من التأكيد أن أي دواء حتى وإن كان بسيطا يمكن أن يشكل خطرا على الصحة، إذا تم الإفراط في استعماله أو تناوله دون معرفة حالة الكبد والكلي. ولهذا ف"البراسيتامول" و"دوليبران" من الأدوية الأكثر استعمالا للتخلص من ألم الرأس والتي يمكن الحصول عليها دون وصفة طبية، وتظهر خطورتها في تسمم الكبد.
< ما هي الحالات التي يمكن أن تصاب بتسمم الكبد؟
< إن أي دواء مهما كان بسيطا وإذا تم الإفراط في تناوله وأيضا دون معرفة حالة الكبد والكلي فيمكن أن يؤدي إلى أضرار صحية، فمثلا "البراسيتامول"، الذي يتناوله شخص المريض بالفيروس الكبدي من نوع "أ"، له مضاعفات تتجلى في تفتت الكبد.
< ما هي أعضاء الجسم الأكثر تضررا بسبب الأدوية ؟
< إن أي نوع من الأدوية يتم تناوله يمر عبر الكبد والكلي. والأدوية نوعان، الأول يقوم الكبد بتصفيته، والثاني تقوم الكلي بتصفيته. وبالتالي ينبغي أخذ الاحتياط عند استعمال الأدوية لمن يعانون فشلا في الكلي أو فشلا في الكبد أو تشحمه أو ارتفاع الضغط الدموي والسكري والكوليسترول، إذ تزيد الأدوية من تحلل خلايا الكبد، كما أنه نادرا ما تحدث مضاعفات لمن هم في صحة جيدة.
< هناك بعض الأشخاص يستعملون عقاقير طبية لعلاج أمراض نفسية ؟
< تؤثر الأدوية الخاصة بعلاج الأمراض النفسية على الكبد بشكل مباشر، ولهذا فإن الطبيب النفسي يؤكد على إجراء تحاليل للكبد بعد ثلاثة أسابيع من تناولها لمعرفة حالته والتأكد من عدم تحلل خلاياه.
< ماذا عن الأدوية الخاصة بعلاج الأمراض الجلدية؟
< تؤدي الأدوية الخاصة بعلاج الفطريات من الأظافر إلى تحلل الكبد، خاصة إذا تجاوز تناولها شهرين، ولهذا ينصح الأطباء بالخضوع لتحاليل الكبد بعد أسبوعين من استعمالها، كما هو الشأن بالنسبة إلى أدوية فعالة لعلاج "حب الشباب"، التي يكون تناولها تحت مراقبة طبية دقيقة تفاديا لتضرر الكبد.
< تستعمل أمهات أدوية لتخفيض الحرارة لأطفالهن، فهل تشكل خطورة؟
< إن كثيرا من مخفضات الحرارة الخاصة بالأطفال مثل "بروفين" و"نيرودول" تعتبر فعالة، لكن خطورتها تكمن عند استعمالها دون استشارة الطبيب، خاصة في حالة الإصابة ب"فاريسيل" أو "بوشويكة"، إذ قد تؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة.
< ما هي النصائح التي يمكن تقديمها؟
< لابد من التأكيد أنه لا ينبغي أن نغامر باستعمال أدوية دون استشارة الطبيب أو تكرار استعمالها دون إذن منه، فذلك أمر يؤدي إلى تدمير الجهاز المناعي.
وأود أن أشير إلى أن المغرب أصبح في رتب متقدمة جدا في ما يخص استعمال المضادات الحيوية ومقاومة الأدوية. ففي أغلب الحالات يتم استعمالها دون وصفة طبية إلى درجة أن هناك حالات يكون فيها الطبيب أمام اختيار وصف مضاد حيوي واحد رغم أن اللائحة تضم أزيد من ثلاثين نوعا، وذلك لأن المريض أصبح مقاوما لها جميعا. ومن جهة أخرى، فإن الأطباء في أقسام المستعجلات غالبا ما يعانون مع المرضى لأن أغلبهم يكون مقاوما للأدوية بنسبة مائوية كبيرة، نظرا لاستعمالها دون استشارة طبية، وهذا أمر تم تقنينه في أمريكا وألمانيا وعدة دول، حيث يمنع بيع المضادات الحيوية دون وصفة طبية، لكن مازال لم تتخذ أي تدابير في المغرب.