الربع الساعة الأخيرة
لماذا نقضي حياتنا في قائمة الانتظار؟ لماذا نجعل من العمر محطات ناقصة تبحث عن لحظة كمال؟ وكم هي سنين العمر التي تذهب لنكتشف أن الحياة هي ما نعيشها، وليست ما ننتظرها؟ كل مرحلة في حياتنا نعدّها ناقصة، ونعلق آمالنا على المرحلة المقبلة ونربطها بأحداث، وحينما نصل إلى المرحلة التالية ندرك أن هناك أشياء أخرى نفتقدها. وهكذا يمضي العمر وكأننا في مطار نبحث عن مقعد سفر في رحلة لن تأتي. نحلم بأشياء كثيرة ونمني النفس، وهماً، بأنه متى ما تحققت، عندها سوف نعيش الحياة التي نحلم بها ونحتضن السعادة. وتنطبق هذه الفكرة على أشخاص في مختلف المراحل والأعمار. فالطالب في الجامعة ينظر للتخرج على أنه بوابة الدخول إلى الحياة والسعادة، ويبدأ مرحلة العمل والبحث عن الذات، فيربط قرار سعادته بالاستقرار وبناء الأسرة، وعندما تتحقق يرى أن حياته الحقيقية تبدأ عندما يبني منزله الخاص به ومشروعه الشخصي. وفي مرحلة تالية يرى أنه متى ما أكمل الأبناء مشوارهم التعليمي واستقلوا بذواتهم سيبدأ يعيش حياته التي يخطط لها، ليكتشف أن العمر مضى بين مرحلة تنتظر أخرى. وأنه في مشواره هذا نسي أن ما مضى من مراحل كان العمر الذي يفترض أن يعيشه. ربما يدرك هذا الواقع متأخراً، أو كما يقال في الربع الساعة الأخيرة، لكنها الحقيقة التي لا تعرف التجميل. التوازن يعلمنا أن نحيا حياتنا في كل فصولها وبكل ما فيها، وأن نستمتع بالمرحلة التي نعيشها. وأن الكمال حلم مفقود في الحياة، بل القناعة والرضا هما البوابة التي تقودنا إلى السعادة. الأمور في الحياة نسبية، وأن تحصل على شيء قد يعني في النهاية أنك لن تحصل على أي شيء. نحن نميل إلى تعقيد الأمور، بينما البساطة والتأقلم مع الواقع تجعلنا نعيش الحياة براحة وتصالح مع النفس. لماذا يجب أن ننتظر الربع الساعة الأخيرة لنعيش الحياة؟ لماذا لا نعيشها الآن؟.
اليوم الثامن:
الفرق بين الانتظار والفعل مسافة وهمية
نحن من نمتلك تغييرها
بقلم / محمد فهد الحارثي