على الرغم من انتهاء زمانها فإنّ الخاطبة الّتي كانت تنتقل بين بيوت العائلات حاملة صور العرائس والعرسان مروّجة لحسن هذه العروس ونسب تلك الشّابّة ومكانة هذا العريس وثراء ذاك، تعود إلينا في ثوب جديد ألا وهو صورتها الإلكترونيّة بما يتناسب مع مجريات هذا العصر متمثّلة فى مواقع الإنترنت الّتي توفّق رأسين في الحلال كما يقال، ومن أشهر المواقع الّتي تقوم بذلك نذكر( .comS )الّتي يرتادها الآلاف يومياً بحثاً عن النصف الثاني.لم أدرك مدى نجاح هذه المواقع في جذب الناس حتى استمعت وتعرفت الى هذه الحكايات من الصديقات والمحيطات بي، حكايات توّجت بالنهايات السعيدة وأخرى كانت نهايتها مؤلمة:
س .ز:
كنت أحلم دائماً بالسفر والحياة في الخارج، لكن على الآي سي كيو وجدت شاباً غربياً يهوى التعرف إلى الثقافات الأخرى، تحدثنا كثيراً وانتهى الأمر بعرضه الزواج عليّ بعدما اعتنق ديني، التقى أهلي وفي غضون شهور كنت أسافر معه الى البلد الذي لطالما حلمت بالعيش فيه، كان لطيفاً ويحترمني، لكنه أبدى رغبته في عدم الإنجاب فوافقت، نعمت بالحياة في هذا البلد وعلى طريقة أهله، عملت في إحدى الوظائف واشترينا بيتاً كبيراً تقاسمنا دفع أقساطه، بعد عدة سنوات أخبرني أنه لم يعد مهتماً ويريد الخروج من ملتي، حذرته بأن هذا يعني فراقنا، انفصلنا جسدياً، وما يعطل انفصالنا الفعلي الآن هو أقساط البيت الذي اشتريناه معاً، أنظر إلى رحلتي الغريبة تلك وأجدني خرجت منها وقد اقترب سني من الأربعين بجواز سفر تلك البلد ونصف بيت وحيرة كبيرة فيما هي الخطوة القادمة.
ك. ع:
أعوام كثيرة مرّت تخطّيت فيها الثلاثين ثمّ الأربعين واتخذت قراراً بعدم التفكير في الأمر، ربما ليس الزواج من نصيبي، فقد رزقت بوظيفة مرموقة ومدّخرات اتسعت لشراء شقة وسيارة لي، لكن بعد رحيل أمي اشتدّت وحدتي، أخبرتني إحدى الصديقات عن موقع زواج اسمه im، دخلته على سبيل الفضول ووضعت بياناتي على أحد أقسامه، بعد عدّة أيام فوجئت بشخصين يرسلان لي رسالتين لكني ملت إلى أحدهما، فقرّرت التواصل معه، فاجأني أنه ينتمي إلى نفس الحي في مدينتي السّاحليّة، لكنّه يعيش في أوروبا منذ عشرين سنة ويكبرني قليلاً لكنّه يبحث عن شريكة لحياته من بلده بعدما انفصل قبل سنوات طويلة عن زوجته الأجنبيّة، تمّ كل شيء سريعاً، قدم في أول اجازة للقاء أهلي وتمّ زفافنا، تحوّلت وحدتي الى فرح وسرور، كنا نتنزه سيراً على الأقدام من بيتي الى بيته في نفس الحيّ متسائلين: "يا للعجب نعيش في نفس الحي ولولا الإنترنت لما تعارفنا"، سافر زوجي للحاق بعمله في مهجره، لكن لن تستبدّ بي الوحدة من جديد فسألتحق به في بلد المهجر بعدما أسوّي أوراق عملي... كم أنا سعيدة!
أ. م:
على موقع .com وضعت بياناتي وبعد أيام وصلني بريد إلكترونى من أحد الأشخاص طالباً التعرف إليّ، وثقت به وصرنا نتحدث بالصوت والصورة، حكمت عليه من خلال ملابسه الثمينة وخلفية الفيديو الذي يبيّن أنه يعيش في فيلا وأنه شخص أنيق وثري وجاد، لكني أدركت خطورة الاعتماد على هذا الحكم السطحي في أمر مصيري كالزواج، بعد عدّة أسابيع اكتشفت بالصدفة أنه يبحث عن عروس على أكثر من موقع تعارف في نفس الوقت الذي يحادثني فيه.
س.م:
من خلال موقع ن تعرفت إليه وعلمت أنّه يعمل محاسباً في إحدى دول الخليج ويبحث عن عروس، كان من الصعب أن أحكم عليه فقط من خلال الرسائل المتبادلة بيننا، أخبرني أنه لا يستطيع القدوم لإتمام الخطوبة في الوقت الراهن فأرسل أمه وأخواته لزيارتنا فارتحت لهن، وتبادلنا الزيارات العائليّة أكثر من مرّة، وصرت أتحدث إليه هاتفياً، وفي الصيف سافر إلينا ورأيته للمرّة الأولى، وفي نفس الزيارة تمت خطوبتنا ثمّ كتب الكتاب، بعدها بعدة شهور سافرت إليه في الخليج بعدما أعد عش الزوجيّة، لم أستطع التعرّف إلى شخصيته جيداً إلّا بعد الزواج، وجدته يتمتّع بصفات طيّبة عديدة، إلّا أنّ اختلاف الطباع بيننا كبير، ولكن فات الأوان على هذا الاكتشاف وأحياناً أسأل نفسي هل أنا سعيدة؟!
م.ش
أنا شاب عربي هاجرت بطريقة غير شرعيّة إلى إحدى دول أوروبا قبل سنوات طويلة، وأسّست عملاً ناجحاً في المقاولات على الرغم من ذلك، مرّت عليّ سنوات وسنوات وأنا لا أستطيع مغادرة هذا البلد كيلا أمنع من دخوله ويضيع كل شيء، كان أخي يأتي لزيارتي كل بضعة أعوام ليطمئنني على أمي وعائلتي، لم أحب الزواج بأجنبية على الرغم من أنّ هذا هو المفتاح السحري للحصول على وثائق الجنسيّة، تعرّفت إلى إحدى الفتيات من بلدي على الإنترنت، وعرفتني إلى عائلتها فرداً فرداً وصرنا نتحدّث كثيراً، أرسلت أخي ليخطبها لى بينما أعددت لها تأشيرة دراسة في إحدى الجامعات كي تستطيع الإقامة هنا، الآن أعدّ عشّ الزوجيّة متمنياً أنّ يكون اختياري سليماً وأن تحلّ مشكلتي مع وعد أحد المرشحين للانتخابات بتسوية أوضاع المهاجرين غير الشّرعيين في حال فوزه.
م. ن
نشرت وقائع هذه القصّة في جريدة الأهرام المصريّة قبل سنوات على صفحة بريد الجمعة حيث كتبت المرسلة:
تعرّفت إليه عن طريق إحدى غرف المحادثة، لا أعرف كيف تأثّرت به وبمعسول كلامه فصرت كالمسحورة أنفّذ كلّ ما يطلبه مني، تطوّر الأمر سريعاً بيننا وصرت أنتظر موعد محادثتنا بفارغ الصبر، وثقت به وبوعده أنّه سيتقدّم لي حالما يرتّب أموره، ففتحت الكاميرا وصرنا نرى بعضنا بعضاً، قال لي إني جميلة ورائعة وإنّه لن يجد أفضل مني زوجة له، صار يطلب مني أن أجلس أمامه بلا تكلف، لا أعرف كيف أطعته كالمسحورة، وكنت أرتدي أمام الكاميرا الثياب القصيرة والمغرية.
وبعد فترة من الوقت انقطع عني، فكنت كالمجنونة أكتب إليه ولا يردّ، حتى ردّ عليّ بعد محاولات كثيرة ليكتب لي بفظاظة "ماذا تريدين؟". انتهى الكلام المعسول وجاء دور الجفاء وغلظة الكلام، قال لي: "هل صدّقت أني سأتقدّم إليك؟ أنت واهمة" وأخبرني أنه صوّرني أثناء محادثاتنا وأنه سيرسل السي دي الى أهلي ومعارفي ما لم أرسل إليه بعض المال، كنت مصدومة لكني بعت ذهبي سراً وأرسلت المال إليه حتى يعطيني أصول الأسطوانات التي تحمل صوري، لكنّه استمر في دناءته والآن يطلب مني أن أذهب إلى بيته وإلّا فضحني، أعرف أني مخطئة لكن ماذا افعل؟!
فما كان من محرّر البريد إلّا أن أرشدها الى قسم محاربة الجرائم الإلكترونيّة في وزارة الداخليّة التي تتولى مثل هذه القضايا مع الحفاظ على السرية لحساسية موقف الفتاة، وأنهي الموضوع بالقبض على هذا الشاب وإتلاف الأسطوانات التي لديه.مواقع زواج الإنترنت فكرة ليست بالسيّئة ولكن احذرن أيتها النّواعم، إنّها سلاح ذو حدّين وليس كل ما يلمع ذهباً.