غزوة بدر الكبرى ( الجزء الثاني )


النبي يستشير أصحابه
غزوة بدر الكبرى ، إن الرجال الذين اصطفاهم الله للقيام على رسالته، وتمكين نبيه من تبليغها ، والدفاع عنه حتى يتم الله
أمره هم حقا أولئك الرجال الذين تشرئب الأعناق تطلعا إليهم، ولقد استشارهم النبي في الأمر؟
فأحسن القول أبو بكر، وعمر، ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله، امض لما أمرك الله فنحن معك، والله لا نقول لك ما قال بنو إسرائيل لموسى: «اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، ولكن : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو مرت بنا إلى برك الغماد (موضع باليمن) لجالدنا من دونه حتى تبلغه ! فقال له النبي: خير، ودعا له.
ثم قال : أشيروا على أيها الناس، وإنما يريد الأنصار – وذلك أنهم كانوا عدد الناس، وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله، أنا براء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا
فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا ، فكان رسول الله يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة !
موقف سعد بن معاذ
فلما قال ذلك ، قال له سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا یا رسول الله قال : اجل
فقال سعد: قد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة للك، فامض يا رسول الله ما أردت فنحن معك
فوالذي بعثك بالحق لو أستعرضت بنا البحر في خضته لخضناه معك ما تخلف منها رجل واحد، وها نكره أن تلقي بنا عدونا غدا ، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر على بركة الله.
فسر رسول الله بقول سعد ، ونشطه ذلك ، ثم قال : سيروا وأبشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم !

غزوة بدر الكبرى
غزوة بدر الكبرى
وهكذا تقررت المعركة، وعسكر المسلمون في أدنى ماء من بدر، فجاء الخباب بن المنذر الأنصاري إلى رسول الله فقال : أرأيت هذا المنزلي
أمنزلا أنزلگه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : بلى هو الرأي والحرب والمكيدة. قال : يا رسول الله ، فإن هذا ليس بجنترل ، اهض بالناس حتى نأتي أدنی هاء من القوم فنعسكر فيه ، ثم نفور ما وراءه من الآبار ثم نبنى عليه معوضا فنملأه ماء
ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون ! فقال رسول الله : لقد أشرت بالرأي، ونفذ رأى الحباب، فسيطر المسلمون على مواقع الماء.
ويرضي الله عن جنده فينزل عليهم سكينة ويمة قلوبهم ثقة فيه : إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) الأنفال