فتح خيبر الجزء الثاني



مكانة علي بن ابي طالب
فتح خيبر الجزء الثاني والاخير ، فقد امتنع أحد الحصون عن الفتح ، فقال النبي : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فتطلع الناس إلى هذا الشرف وتمنوه ، فلما أصبحوا دعا النبي علي بن أبي طالب ، فأعطاه الراية، قال أبو رافع مولى النبي و منابع على حين بعثه رسول الله برایته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل فطاح ترسه من يده ، فتناول علی بابا كان عند الحصن، فترس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ، ثم ألقاه من يده حين فرغ !
وخرج أحد فرسان اليهود من الحصن يتحدى أن يبارزه فارس مسلم، وكان اسمه «مرحب ، فكان يرتجز قائلا..
قد علمت خيبر أنی مرحب شاکی السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانا وحيناً أَضْرب إذا الليوث أقبلت تخرب
إن حماي للحمى لا يقرب
فخرج إليه محمد بن سلمة الأنصاري ، فنازله حتي قتله برد مدركة مشيرة قال ابن إسحاق : ثم خرج يحب أخوه یاسر، وهو يقول : من يبارز؟ فخرج إليه الزبير بن العوام – وكانت أمه صفية بنت عبد طلب مع اللاتي خرجن مع الجيش من المؤمنات فقالت جزعة : يقتل ابني يا رسول الله ! قال : بل ابنك يقتله إن شاء الله ، فخرج الزبير، فالتقيا ، فقتله الزبير .

استكمال الفتح
واستكمل المسلمون فتح بقية حصون خيبر، حتى إذا كان آخر حصن بأيدى اليهود وطال الحصار، رأي المسلمون أن ينصبوا المنجنيقات ليهدموه عليهم، حينئذ رفعوا رايات الاستسلام وطلبوا الصلح على أن يسمح لهم المسلمون بالجلاء عن خيبر ولهم ما حملت الركائب
ويستولي الفاتحون على ما يبقى، فقبل النبي منهم ذلك وصالحهم عليه ، ثم عرضوا على النبي عليه السلام، أن يشتغلوا بأرض خيبر فهم بها أعرف، فوافق ولكن بشروط
قال ابن إسحاق : فلما نزل أهل خيبر على ذلك (الصلح) سألوا رسول الله أن يعاملهم في الأموال والأرض ) على النصف ، وقالوا: نحن أعلم بها منكم، وأعمر لها ، فصالحهم رسول الله على النصف ، وقال : علی أنا إذا شئنا أن نخرجكم أسفر جناكم .
وبقى اليهود في خيبر يزرعون الأرض ، ويقاسمهم المسلمون خيراتها ، ويخضعون للإدارة والرقابة والسلطة الإسلامية بعد أن أصبحت خيبر أرضا إسلامية خالصة بالصلح ، واستمر بقاؤهم إلى خلافة عمر بن الخطاب حيث طردهم منها بعد أن اغتالوا أحد الأنصار، واعتدوا على عبد الله بن عمر بن الخطاب.
ولقد كانت صفية بنت حيي بن أخطب النضر، بين أسرى اليهود يومئذ ، فأكرمها النبي لمكانها بين قومها ، بطلبها من الصحابي الذي أسرها – ويذكر أنه بلال – وأعتقها ثم تزوجها بعد تمام الفتح.

فتح خيبر
الشاة المسمومة
ولما اطمأن برسول الله المقام بعد الفتح ، أهدت له امرأة سلام بن مشکم – من زعماء يهود بني النضير – شاة مشوية مسمومة، وقد أكثرت من تسميم ذراع الشاة بعد أن علمت أنه يفضلها
فلما تناول النبي منها مضغة لم يسغها فلفظها وهو يقول : إن هذا العظم يخبرني أنه مسموم، بينما تناول بشر بن البراء قطعة منها وأكلها، فمات منها
وقد دعيت المرأة المجرمة، فاعترفت بجرمها، فقال لها النبي : وما حملك على ذلك ؟ قالت : بلغت من قومی مالم يخف عليك.
فقلت : إن كان ملكا استرحت منه، وإن كان نبيا فسيخبر ، فتجاوز عنها النبي لما أسلمت حينئذ !
انتصار المسلمين
وكان صدي انتصار المسلمين في خيبر عظيم الوقع في قلوب سائر اليهود في المواقع الأخرى في شمال شبه الجزيرة العربية، فقد جاء يهود فدك يطلبون الأمان والصلح على ما صالح عليه أهل خيبر
جیبوا إلى طلبهم، أما إخوانهم في وادي القرى فقد غرهم بالله الغرور، وأبوا إلا أن يقاتلوا المسلمين وظنوا اهم مانعتهم حصونهم من الله، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب فانهزموا وفتح وادي القرى عنوة، وسلم يهود تيماء، وبذلك انتهى تماما الوجود السياسي والمؤثر لليهود في الأرض العربية التي أعزها الله بالإسلام .