يقول الناس أن الجمال هو الألم وأن أي شخص يريد أن يكون جميلًا يجب أن يدفع الثمن. يمكن أن تكون العديد من اتجاهات الموضة الحديثة مؤلمة، ولكن إذا نظرنا إلى ممارسات الماضي، فإن هذا يبدو مثل لعب الأطفال. لقد كان الناس يائسين في الماضي للحصول على هذه النظرة الجديدة الساخنة لدرجة أنهم حرّفوا أنفسهم حرفيًا حتى الموت، واتجهوا لاستخدام مواد خطيرة للوصول إلى الجمال. إليك اخطر المواد في العالم التي استخدمت لمواكبة صيحات الموضة عبر التاريخ والتي تثبت أن الألم ببساطة لا يستحق ذلك.
الرصاص لتبييض لون الوجه
إذا ألقيت نظرة على هذه اللوحة للملكة إليزابيث الأولى، فربما تتساءل لماذا يبدو وجهها أبيضًا. الجواب لأن هذا كان أحدث اتجاهات الجمال في عصرها. كان هذا الاتجاه في الموضة يعتبر رمزا للثروة والجمال، في حين كان لون البشرة العادي رمزًا للطبقة الاجتماعية المنخفضة.
ولتحقيق هذا المظهر، استخدم العديد من الأشخاص طلاء الوجه بعنصر الرصاص السام الذي يمكنه أن يتلف الجلد بشدة. قد يسبب الرصاص بعض المشاكل الأكثر خطورة أيضًا، بما في ذلك الصداع، وتساقط الشعر، وارتفاع ضغط الدم، والإمساك، وآلام شديدة في البطن، والإجهاض، وفقدان الذاكرة، وتعفن الأسنان، كما قد يصل إلى حد الشلل وأحيانًا الموت.
استخدم الرصاص في الجمال منذ العصور القديمة، فاستخدمه الرومان للشفاه، كما كان العنصر الرئيسي في الكحل الذي استخدمه المصريون حول أعينهم، لكنه وصل إلى ذروة شعبيته في القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر عندما كانت النساء يخلطون الرصاص والخل لصنع معجون يضعونه على وجوههم.
تضاءل استخدام الرصاص في أواخر القرن الثامن عشر بعد وفاة العديد من الأرستقراطيين الذين كانوا يستخدمون الرصاص، لكنه لا يزال يجد طريقه إلى مستحضرات التجميل طوال القرن العشرين. يمكن العثور على كميات ضئيلة منه في بعض المنتجات اليوم.
الراديوم لتنشيط خلايا البشرة
اكتشفت ماري كوري الراديوم في عام 1898، وبعد اكتشافه، أصبح هذا العنصر الكيميائي شائعًا على الفور، وكان يستخدم على نطاق واسع في صناعة مستحضرات التجميل ككريمات البشرة، والبودرة المدمجة، والصابون، ومساحيق الوجه، وأحمر الشفاه.
في إنجلترا، أدخلت شركة Radior مجموعة من مستحضرات التجميل تحتوي على الراديوم، بما في ذلك كريم الليل، وأحمر الشفاه، والبودرة المدمجة، وصابون الجلد. وكان يضاف الراديوم على أساس تنشيط جميع الأنسجة الحية بما في ذلك الوجه، ولكن لأنه مادة مشعة، كان غالبًا ما يسبب القيء، وفقر الدم، والنزيف الداخلي، وفي نهاية المطاف السرطان.
تم استخدام الراديوم كذلك في مستحضرات تنظيف الشعر، وذلك على أساس أن الاستخدام المنتظم يزيد من توهج الشعر وبريقه.
نبات ست الحسن لتوسيع العيون
كانت نساء العصر الفيكتوري يستخدمون الزيوت المستخلصة من نبات ست الحسن أو البيلادونا كقطرة للعين لتكبير بؤبؤ العين كرمز للجمال، إلا أن هذا النبات كان يسبب العمى وفقدان الذاكرة، والارتباك، والهلوسة، وتسارع ضربات القلب، وجفاف الفم، وحساسية الضوء، وعدم القدرة على التبول، وفقدان التوازن، وحتى الموت.
يعتبر نبات ست الحسن من أكثر النباتات السامة على وجه الأرض؛ إذ يحتوي على جرعات قوية من أشباه القلويات التي يمكن أن تكون قاتلة حتى وإن كانت بكميات صغيرة.
يمكن أن يكون النبات نفسه مميتًا حتى لو تم تناوله بكميات صغيرة، إلا أنه تم إدخاله في عدد من الأدوية في المجتمع الطبي كمسكن، ومسكن للألم لمرضى السعال، وداء باركنسون، وما زال يستخدمه بعض أطباء العيون لتوسيع العيون. بالطبع هذه هي استخدامات نادرة، تحت إشراف طبي للنبات.
الزرنيخ وملابس الموت
في القرن التاسع عشر، كانت الملابس المصبوغة باللون الأخضر لها رواج واسع، ولكن يمكننا أن نطلق عليها ملابس الموت. تم استخدام المسحوق البلوري الأخضر شديد السمية لعنصر الزرنيخ والمعروف باسم “باريس جرين” لصباغة كافة الأقمشة من الستائر إلى الثياب. كانت هذه الفساتين الخضراء شائعة جدًا، وتم ارتداؤها على نطاق واسع حتى توصل الأطباء إلى استنتاج مفاده أن الأشخاص الذين ارتدوا الثياب ماتوا في وقت مبكر.
هذا الصباغ الموجود على الزرنيخ المستخدم في الثياب، أطلق ببطء الزرنيخ في الجلد وتسبب في حدوث تقرحات، وإسهال، وصداع، وأدى في النهاية إلى الإصابة بالسرطان.
لم يقتصر الأمر على صبغ الملابس، ولكن بدأت النساء باستخدام الزرنيخ كأحدث منتج تجميل للحصول على بشرة بيضاء وشاحبة. بما أن الزرنيخ يقتل خلايا الدم الحمراء في الجسم، فمن الطبيعي أن يفتح لون البشرة. استخدمته النساء بجرعات صغيرة، ولكن إذا توقف فجأة سوف تتدهور بشرتهم بسرعة، مما أجبرهم على الاستمرار في استخدامه.
حتى بعد أن تم ربط العديد من وفيات النساء بالتسمم بالزرنيخ، ظل الزرنيخ منتج الجمال الشعبي في العشرينات. اليوم، يوجد الزرنيخ عادة في منتجات التجميل المزيفة التي يتم شراؤها في منافذ ذات سمعة جيدة.
الزئبق للون القرمزي
مثل الرصاص، كان الزئبق مفضلًا للنساء الجميلات لقرون؛ إذ كان يستخدم لعلاج الشوائب مثل النمش والبثور. غالبًا ما كان يُخلط مع مستحضرات تجميل أخرى لجعله أكثر فعالية، وأصبح ذا شعبية كبيرة في فرنسا في القرن الثامن عشر.
في ذلك الوقت، غالبًا ما كانت النساء يرسمن وجوههن باستخدام الرصاص الأبيض، ولكن استخدمن “سينابار”، وهو مركب كبريتيد زئبقي لإعطاء اللون القرمزي للخدود والشفاه. استخدم المركب لآلاف السنين كصبغة في الهندسة المعمارية والفخار.
حتى بعد وضعه على مكياج الرصاص السميك، تم امتصاص الزئبق بسهولة في مجرى الدم وتسبب في تقشير البشرة وتغير لونها؛ مما أدى إلى تفاقم الحاجة إلى المزيد من مكياج الرصاص، كما ألحق الضرر بالنظام العصبي، وأدى إلى فقدان الشعر، والأسنان، والأظافر، وارتفاع ضغط الدم، والفشل الكلوي، والعيوب الخلقية، والموت.
منقول