الرئيس جوزيه بالتا
سنة 1872 كانت البيرو على موعد مع صيف ساخن شهد العديد من التقلبات السياسية غير المسبوقة. ففي حدود تموز/يوليو، شهدت البلاد انقلاباً سرعان ما تحول إلى حمام دم، أسفر عن مقتل عدد من الوجوه السياسية البارزة مثل الرئيس السابق جوزيه بالتا (José Balta)، الذي لعب دوراً أساسياً في بناء جمهورية البيرو الحديثة.
وفي مطلع عام 1868، أجبر الرئيس البيروفي، الجنرال ماريانو إجناسيو برادو (Mariano Ignacio Prado)، على الاستقالة من منصبه
وإثر انتخابات رئاسية مبكرة، حظي السياسي والعسكري المخضرم، جوزيه بالتا، بمنصب الرئيس ليصبح الرئيس الثلاثين في تاريخ البيرو.
الجنرال ماريانو إجناسيو برادو
ومنذ توليه منصبه، اتجه بالتا لحل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عانت منها البلاد طيلة السنوات الفارطة، فما كان منه إلا أن عمد إلى إقامة علاقات تجارية مع بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا، التي أبرم مع عدد من مؤسساتها اتفاقية لتصدير سماد غوانو (Guano) الطبيعي، المصنف حينها كأفضل أنواع الأسمدة، والذي اشتهرت به البيرو.
وتزامناً مع ذلك، استغلت حكومة بالتا العائدات المالية المتأتية من تجارة سماد غوانو لتمويل عدد من المشاريع كبناء الجسور والمدارس والموانئ وتهيئة الأحياء الرئيسية بالعاصمة ليما.
كذلك اتجهت السلطات البيروفية إلى توسيع شبكة السكك الحديدية بالبلاد، التي تضاعفت مرات عديدة مقارنة بما كانت عليه سنة 1860.
وبسبب سياسة الإنفاق المكلفة على هذه المشاريع، عانت البيرو من تزايد حجم ديونها ولهذا لم تتردد حكومة بالتا في توسيع مجال تجارة سماد غوانو مع الفرنسيين.
ومع حلول عام 1872، شهدت البيرو انتخابات رئاسية جديدة حقق خلالها المرشح مانويل باردو (Manuel Pardo) فوزاً سهلاً. وقبيل استلامه لمنصبه بفترة وجيزة، عاشت الجمهورية على وقع انقلاب قاده وزير الحرب، توماس غوتيريز (Tomas Gutierrez)، الذي أقدم على إزاحة بالتا وأسره رفقة المرشح الفائز بالانتخابات، مانويل باردو.
الرئيس المنتخب مانويل باردو
القائد الأعلى توماس غوتيريز
وفي تلك الفترة، عرض غوتيريز وشقيقه سلفاستر غوتيريز (Sylvestre Gutierrez) على جوزيه بالتا رفض نتائج الانتخابات ومواصلة مهامه كرئيس للبلاد، غير أن الأخير رفض هذا الأمر مؤكداً على ضرورة نقل السلطة للمرشح المنتصر.
ويوم 22 تموز/يوليو 1872، قاد الأخوان غوتيريز انقلاباً أطاح ببالتا، الذي أسر مع باردو. وأعلن توماس غوتيريز نفسه القائد الأعلى للبلاد مستحوذاً بذلك على كامل صلاحيات الرئيس.
إلا أن انقلاب توماس لم يلق ترحيباً من البيروفيين، حيث ساندت فئة قليلة من الجيش الانقلابيين. ومقابل ذلك، عارض قادة جيش البحر وسكان العاصمة ليما تولي توماس غوتيريز لزمام الأمور بالبلاد، التي شهدت خلال الأيام القليلة التالية غضباً شعبياً أسفر عن نهاية نظام غوتيريز.
وفي 26 تموز/يوليو 1872، أقدمت الجماهير الغاضبة على قتل سلفاستر غوتيريز، شقيق القائد الأعلى للبلاد، أثناء تنقله بالعاصمة. وكرد على ذلك، أمر توماس بالثأر لشقيقه عن طريق إعدام جوزيه بالتا، الذي قتل رمياً بالرصاص أثناء تواجده في فراشه.
صورة تجسد حادثة إعدام بالتا وهو في فراشه
وقد أسفرت هذه الحادثة عن حالة من الفوضى بليما، حيث تجمعت الجماهير الغاضبة لتهاجم القصر الرئاسي وتعمد إلى قتل القائد الأعلى، توماس غوتيريز. وإثر ذلك، تم سحل جثته في شوارع العاصمة قبل أن تعلق رفقة جثة شقيقه بأعلى كاتدرائية ليما.
رسم تخيلي لجثتي توماس غوتيريز وشقيقه سلفاستر وهما معلقتان على كاتدرائية ليما