ميريوكيفالون .. المعركة المجهولة التي أنهت الوجود البيزنطي في المشرق

وصف أحد المؤرخين البيزنطيين المعاصرين لتك المعركة «ميريوكيفالون Myriocephalon» بأنَّها كانت منظرًا بالغ التمزُّق؛ فالحُفَر امتلأت إلى ذروتها بالجثث، وبين الجبال وفي الغابات كانت هناك أكوامٌ من القتلى، ولم يعبر أحد دون جروحٍ أو عويل، فالجميع كانوا يبكون ويولولون.
والغريب في الأمر على الرغم من أهمية المعركة الشديدة وعِظَم نتائجها على الجانبين الإسلامي والبيزنطي، فإنَّه لم يوجد أيُّ مؤرِّخ مسلم في تلك الحقبة تحدَّث عن تلك المعركة، ولهذا السبب كادت المعركة أن تكون مجهولة لدى الكثير من المتخصِّصين في دراسة التاريخ الإسلامي.


الوضع في آسيا الصغرى قبل معركة ميريوكيفالون

أصبحت آسيا الصغرى بعد معركة ملاذكرد (مانزیکرت ) (463هـ= ۱۰۷۱م) مفتوحة على مصراعيها أمام الأتراك السلاجقة وقبائل التركمان، وتوغَّلوا فيها جميعًا، وفي سنة (467هـ= 1075م) فتح سليمان بن قطلمش مدينة نيقية ( إزنیق الحاليَّة)[1] واتخذها عاصمة له، ومنذ ذلك الحين ظهرت إلى الوجود دولة سلاجقة الروم نسبة إلى بلاد آسيا الصغرى (الأناضول).
في سنة ۱۰۸۱م عقد الأمبرطور البيزنطي الكسیوس کومنين معاهدة سلام مع سليمان بن قطلمش، وقام سلیمان بن قطلمش بعد تلك المعاهدة بفتح انطاكية سنة (4۷۷هـ= 1084م) الأمر الذي أدَّى إلى اندلاع الحرب بينه وبين تتش شقيق السلطان ملکشاه، وانتهت بمقتل سليمان في سنة (478هـ= 1085م)، وبعد مقتل سليمان أُرْسِل أبناؤه إلى السلطان ملکشاه، وبعد وفاة ملكشاه سنة (485هـ= ۱۰۹۲م) جرى إطلاق سراح قلج أرسلان بن سليمان فسار إلى الأناضول، فرحَّب به الأتراك هناك ونصَّبوه على عرش نيقية.

الجهود التي بذلها البيزنطيون للاستيلاء على آسيا الصغرى

وقبل الحديث عن معركة ميريوكيفالون يجدر أن نُشير باختصارٍ شديد إلى أهمِّ الجهود التي بذلها البيزنطيُّون للاستيلاء مرَّةً أخرى على آسيا الصغرى وطرد الأتراك السلاجقة منها.
وكانت أولى المحاولات الجادَّة التي بذلها ألكسيوس لاسترداد آسيا الصغرى في سنة (490هـ= ۱۰۹۷م) عندما وصل أمراء الحملة الصليبية الأولى إلى القسطنطينية، واستطاع إقناعهم بأنْ يُقْسِموا له يمين الولاء بإعادة جميع الأقاليم التي فتحها السلاجقة المسلمون من البيزنطيِّين منذ زمنٍ قريب، وفي مقابل ذلك تعهَّد الإمبراطور ألكسیوس بإمداد الصليبيِّين بالمؤن والعتاد ومساعدتهم بفرقٍ من الجيش البيزنطي.
وفي الوقت الذي كان فيه قلج أرسلان يعمل على توطيد نفوذه في شرق آسيا الصغرى، عَبَر الصليبيُّون مضيق البسفور وتوجَّهوا إلى عاصمته نيقيَّة فحاصروها نحو شهر، فلم يسع حامية المدينة سوى التسليم، وتكبَّد سلاجقة الروم خسائر فادحة في القوَّة البشريَّة، كما قام ألكسيوس وابنه حنَّا الثاني بطرد الأتراك من غرب الأناضول وشمال وجنوب المناطق الساحليَّة وفتكوا بهم.
وفي سنة (515هـ= ۱۱۲۰م) أفاد الأمير غازي الدانشمندي من العمليَّات البيزنطيَّة في البلقان وهزم دوق طرابيزون. ومع أنَّ السلطنة كانت حينذاك بأيدي السلاجقة إلَّا أنَّ الحكام الحقيقيِّين للأناضول هم الدانشمنديُّون، وفي فترةٍ قصيرةٍ صار الأمير غازي الدانشمندي أقوى حكام الأناضول.
كما عمل مانويل كلَّ ما في وسعه لتحقيق الهدف البيزنطي المتمثِّل في الاستيلاء على آسيا الصغرى وطرد الأتراك منها، فعمد إلى سياسةٍ ماكرةٍ تخدم هدفه في نهاية المطاف، وهي إذكاء المنافسات وتعميق الانقسامات بين الحكام الأتراك في آسيا الصغرى؛ أي تشجيع التدمير المتبادل للعنصر التركي، ولا سيَّما بين قلج أرسلان الثاني وبين أخيه شاهنشاه صاحب أنقرة وقسطموني، ثم بين قلج أرسلان وبقيَّة الأمراء الدانشمنديِّين.

نشوب الفتنة بين الحكام الأتراك

كما قلنا عمد مانويل إلى سياسة إذكاء المنافسات وتعميق الانقسامات بين الحكام الأتراك في آسيا الصغرى، وبالفعل وفي سنة (560هـ= 1165م) نشبت الفتنة بين قلج أرسلان الثاني وبين ياغي أرسلان بن دانشمند صاحب ملطيَّة فانهزم قلج أرسلان أمام ابن دانشمند، ولكن ياغي أرسلان لم يلبث أن تُوفِّي واستولى قلج أرسلان الثاني على بعض بلاده، واستولى ذو النون محمد ابن دانشمند على مدينة قيسارية، واستقرَّت القواعد بينهم واتَّفقوا.
غير أنَّ قلج أرسلان الثاني عاد وطرد ذا النون محمد ابن دانشمند من مُلْكه، فهرب ذو النون ملتجئًا إلى نور الدين محمود الذي عقد معاهدة صلحٍ بينهما، وبعد وفاة نور الدين سنة (569هـ= 1174م) عاد قلج أرسلان واستولى على بلاد ذي النون مرَّةً أخرى، ولم يجد ذو النون ابن دانشمند حليفًا يشدُّ من أزره فلجأ إلى القسطنطينيَّة فاستجاب له مانويل الأوَّل ولكن ذو النون تخلى عن بعد ذلك.
استأنف -أيضًا- قلج أرسلان من جانبه غزواته على حدود الدولة البيزنطيَّة بتشجيعٍ من الإمبراطور الألماني فردريك بربروسا، فأرسل مانويل إلى البابا في روما يحثُّه على الدعوة إلى حملةٍ صليبيَّةٍ جديدة، وبدأ في إعداد قوَّات الإمبراطوريَّة للزحف على آسيا الصغرى، ولمـَّا علم قلج أرسلان بذلك أرسل رسولًا إلى القسطنطينية ملتمسًا الصلح، فقوبل هذا الالتماس بالرفض.

تحرُّك الجيوش إلى المعركة

وفي ربيع عام (572هـ= 1176م) قاد الإمبراطور مانويل الأوَّل كلَّ قوَّات الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة عاقد العزم على طرد الأتراك من غرب آسيا الصغرى طردًا تامًّا، ثم الاستيلاء على العاصمة السلجوقيَّة قونيَّة، كما جمع قلج أرسلان هو الأخر عساکره من جميع حلفائه وأتباعه فأصبح يُناهز في العدد جيش الإمبراطور البيزنطي وإن كان يقلُّ عنه في الأسلحة والعُدَّة، وسار الإمبراطور مانويل بجيشه الكبير المثقل بالأمتعة والمؤن ومعدَّات الحصار قاصدًا قونيَّة عبر إقلیم فريجيا، واجتاز طریق لودیکیا وأعالي وادي نهر المياندر مارًا بحصن سوبلايوم حتى وصل منطقةً جبليَّةً قريبةً من الحدود.
بينما تقدَّم قلج أرسلان بقوَّاته بمحاذاة اكشيهير، وهنا جدَّد قلج أرسلان طلبه عقد الصلح، فرفض مانويل مرَّةً أخرى، وصعد الإمبراطور بجيشه وادي المياندر نحو السلسلة الضخمة من جبل السلطان والمشتمل على شِعْبٍ ضيِّقٍ شديد الانحدار شمال بحيرة أجريدير (المسمَّى حاليًّا ممرَّ تشاراك) ويقع في نهاية الشِّعب حصنٌ بیزنطيٌّ مهجورٌ يُعرف باسم میریوکیفالون Myriocephalun قرب الحدود. وكان الجيش السلجوقي قد احتشد حول التلال الجرداء المشرفة على الشِّعْب بحيث أصبح واضحًا للبيزنطيِّين.

المعركة الحاسمة

في (ربيع الأوَّل 572هـ= ۱۲ سبتمبر 1176م) مضت مقدِّمة الجيش داخل الشِّعْب الضيِّق غير مباليةٍ بالأتراك المسلمين الذين أخذوا يدورون حول التلال وينقضُّون على جناح الجيش البيزنطي ومؤخِّرته في الوقت الذي واصلت فيه فرق الجيش الأخرى التقدُّم داخل الشعب وضغطوا على بعضهم البعض بشدَّة، وحاول صهر الإمبراطور بلدوين الأنطاكي ردَّ الهجوم التركي، فقاد فرقةً من الفرسان في هجومٍ مضادٍّ على التلال، غير أنَّه قُتِل مع كلِّ الفرسان الذين معه، وكان لمصرعه أسوأ الأثر على معنويَّات البيزنطيِّين المتورِّطين في الشِّعْب.
وفي تلك الأثناء فَقَد الإمبراطور شجاعته وولَّى هاربًا خارج الشعب، وتبعه كلُّ أفراد الجيش الذين وجدوا أنفسهم متشابكين مع عربات الأمتعة والمؤن التي سدَّت الطريق خلفهم، وهناك انحدر عليهم الأتراك المسلمون من أعالي التلال، وشرعوا يحصدونهم حتى حلول الظلام، وكان في الإمكان إبادة الجيش البيزنطي بأكمله وأسر الإمبراطور مثلما حدث في ملاذكرد، غير أنَّ قلج أرسلان أمر أتباعه بالتوقُّف عن القتل فأنقذ ما تبقَّى من فلول الجيش البيزنطي، على أنَّ معظم الجيش الإمبراطوري أُبِيد في المعركة.

المعاهدة العجيبة

كان في مقدور السلطان قلج أرسلان إملاء شروطٍ قاسيةٍ على الإمبراطور، مثل إخلاء كلِّ آسيا الصغرى فورًا وتركها نهائيًّا للسلاجقة، لكنَّه قَبِلَ التماس الإمبراطور للسلام، واشترط عليه هدم حصني دوريليوم وسوبلايوم، فقَبِل مانويل راضيًا وشاكرًا هذه الشروط السهلة، وانسحب مخرِّبًا تحصينات سوبلايوم وتاركًا دوريليوم، وعاد مع بقاياه الممزَّقة صوب القسطنطينيَّة، وقد أرسل معه السلطان ثلاثة أمراء من السلاجقة کمرافقين لحمايته من هجمات التركمان أثناء عودته.

ويتعجَّب بعض أساتذة التاريخ البيزنطي لتلك الشروط السهلة التي قدَّمها قلج أرسلان لمانويل بعد المعركة، التي لا تتناسب مطلقًا مع ما حازه من انتصار.
فيذكرون أنَّه لأسبابٍ لا تزال غير معروفة استخدم قلج أرسلان انتصاره باعتدال، وفتح باب المفاوضات مع الإمبراطور، وقد أفضت إلى معاهدة سلامٍ معقولةٍ لم تتضمَّن سوى تدمير بعض الحصون البيزنطيَّة. ويعزو بعض الباحثين الآخرين شروط قلج أرسلان السهلة، إمَّا لأنَّه كان قانعًا بحدوده المميَّزة وأنَّ ما ينشده على الحدود الغربيَّة هو الأمن والسلام، أو لأنَّه لم يُدرك حجم الانتصار الذي أحرزه.
والواقع أنَّ الأسباب التي دفعت بقلج أرسلان إلى تقديم شروطٍ سهلةٍ للإمبراطور البيزنطي، هي أنَّ جلَّ اهتمامه كان منصبًّا نحو الشرق، فكان يُريد السلام على الحدود الغربيَّة كيما ينصرف إلى توطيد نفوذه في الشرق وإخضاع بقيَّة الإمارات المستقلَّة في تلك المناطق، ثم العمل على توسيع نفوذه في أعالي الجزيرة والشام، ولا سيَّما أنَّ نور الدين محمود قد تُوفِّي، وهو الرجل الذي كان قلج أرسلان يخشاه في هذه المناطق، بالإضافة إلى أنَّ صلاح الدين كان -حينذاك- منهمكًا في توطيد نفوذه في مصر وفي جهاد الصليبيِّين، بل وكان النزاع محتدمًا بين صلاح الدين وبين بقايا الزنكيين في شمال الشام والجزيرة، الأمر الذي يبدو أنَّه جعل قلج أرسلان يُسارع بعقد الصلح مع الإمبراطور مانويل، وقد أدرك الإمبراطور مانويل نفسه مدى الكارثة التي حلَّت به وبالإمبراطوريَّة البيزنطيَّة في معركة ميريوكيفالون، حتى إنَّه شبَّهها بمعركة ملاذكرد (مانزیکرت) التي وقعت للأمبراطور البيزنطي رومانوس دیوجینیس قبل قرنٍ من الزمان.

نتائج المعركة

يُمكن لنا القول: إنَّ معركة میریوکیفالوم كانت نقطة تحوُّلٍ في تاريخ العالَمَين الإسلامي والمسيحي في ضوء النتائج التي تمخَّضت عنها وهي:

1- فيما يتعلق بسلاجقة الروم فالحقيقة أنَّ معركة ميريوكيفالون تُشبه في أهميَّتها ونتائجها معركة ملاذكرد، فإذا كانت معركة ملاذكرد قد فتحت أبواب آسيا الصغرى على مصراعيها أمام الأتراك السلاجقة، فإنَّ معركة ميريوكيفالون وطَّدت ورسَّخت وجود الأتراك السلاجقة المسلمين على أرض آسيا الصغرى.
2- بعد معركة میریوکیفالوم تمكَّن قلج أرسلان من إرسال قوَّاته إلى غرب آسيا الصغرى، ففُتِحَت مناطق يلوبورلو وكوطاهيا وأسکي شهر، ولم يجد التركمان المسلمون بعد معركة ميريوكيفالون صعوبةً في التوغُّل بخيولهم وسائمتهم[2] مع مجاري الأنهار حتى مصبَّاتها في بحر إيجة.
3- بفضل هذا النصر الحاسم توطَّدت الوحدة السياسيَّة للأناضول وساد بها القانون والنظام، وبدأت حقبة التقدُّم الاقتصادي والثقافي، وبلغت دولة سلاجقة الروم ذروة المجد في عصرها الذهبي الذي استمرَّ حتى الغزو المغولي سنة (641ه= 1243م)، کما تكثَّفت طرق المرور الهامَّة للتجارة العالميَّة في تلك المنطقة، وأصبحت آسيا الصغرى جزءًا رئيسيًّا من العالم الإسلامي.
4- كانت معركة میریوکیفالوم بالنسبة إلى الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة كارثةً عظمي منيت بها؛ فقد أراد الإمبراطور مانويل أن يُبدِّد الخطر السلجوقي فإذا به يقع مع إمبراطوريَّته في هوَّةٍ سحيقةٍ لا سبيل إلى الخروج منها، كما لم يستطع مانويل أن يُخفي الأثر الذي تركته معركة ميريوكيفالون في نفسه، وقد وصف المؤرِّخ الصليبي المعاصر وليام الصوري William of Tyre حالة مانويل النفسيَّة حين زار القسطنطينيَّة سنة (575ه= ۱۱۷۹م) مؤكِّدًا على أنَّه لم يسترد عافيته وطمأنينته قط، وأنَّه لا يزال يحمل في قلبه أثرًا عميقًا منذ هزيمة میریوکیفالوم.
6- نتج عن معركة ميريوكيفالون تدمير الجيش البيزنطي الذي أُنشئ تدريجيًّا وبتضحيَّاتٍ جسيمةٍ للبيزنطيِّين، أمَّا حلم مانويل في جعل الإمبراطوريَّة مرَّةً أخرى قوَّةً عظمى فقد ذهب أدراج الرياح.
7- أمَّا عن أثر معركة ميريوكيفالون على الصليبيِّين؛ فقد حاول مانويل أن يُثبت في السنة التالية للمعركة (573ه= ۱۱۷۷م) أنَّه لا زال قادرًا على مساعدة الصليبيِّين، فأرسل أسطوله بحرًا للمشاركة مع مملكة بيت المقدس الصليبيَّة لغزو مصر، غير أنَّ الحملة لم تُبحر إلى مصر مطلقًا.
8- أمَّا عن أثر المعركة على الجبهة الإسلاميَّة ضدَّ الصليبيِّين بقيادة صلاح الدين، فعلى الرغم من أنَّ سلاجقة الروم لم يُرسلوا قوَّاتهم للاشتراك مع صلاح الدين في جهاد الصليبيِّين إلَّا أنَّ قضاءهم على الجيش البيزنطي في معركة میریوكيفالوم كفل الأمن للجناح الشمالي لجبهة صلاح الدين، بل لقد أصبحت الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة بعد وفاة مانويل تتخلَّى نهائيًّا عن سياستها الصليبيَّة، وقلبتها رأسًا على عقب، وعقدت معاهدة سلام وصداقة مع صلاح الدين ضدَّ المصالح الصليبيَّة في بلاد الشام.
وبذلك خدمت معركة ميريوكيفالون القضيَّة الإسلاميَّة برمَّتها، وهكذا كانت هذه المعركة الحاسمة إحدى المآثر العظيمة التي قام بها الأتراك المسلمون في التاريخ.

أقوال المؤرخين في معركة ميريوكيفالون

المؤرخ البيزنطي نیستاس خونیاتس

صوَّر المؤرِّخ البيزنطي المعاصر للمعركة نیستاس خونیاتس Nicetas Choniates تلك المعركة بأنهَّا كانت «منظرًا بالغ التمزُّق، بل أنَّه من الأفضل أن نقول إنَّ الكارثة كانت عظيمة؛ بل إنَّها كانت مفجعة؛ حيث إنَّ الحفر امتلأت إلى ذروتها بالجثث، وهناك في الوديان بين الجبال وفي الغابات كانت أكوامٌ من القتلى، ولم يعبر أحد دون جرحٍ أو عويل؛ فالجميع كانوا يبكون ويولولون منادين أصدقاءهم وأقرباءهم المفقودين بأسمائهم»[3].

المؤرخ الألماني کوجلر

يقول المؤرخ الألماني کوجلر Kugler: «إنَّ معركة میریوکیفالوم قرَّرت وإلى الأبد مصير الشرق»[4].

المؤرخ البولندي ستيفان إيرينكروتز

يقول المؤرخ البولندي ستيفان إيرينكروتز Ehrenkreutz: «إنَّ الهزيمة الساحقة التي حلَّت بالإمبراطور مانويل من جانب سلاجقة قونية (۱۷ سبتمبر ۱۱۷۹م) أقصت البيزنطيِّين بوصفهم حليفًا فعَّالًا في مستقبل الحملات الصليبيَّة في بلاد الشام ومصر»[5].


المصدر: مجلة جامعة أم القرى للبحوث العلمية. معركة ميريوكيفالون: علي عودة الغامدي، (بتصرُّف)، (572هـ= 1167م)، السنة الأولى، العدد الأول، الطبعة الثانية، 1409هـ.

[1] إزنيق مدينة تركية، تقع في أقصى شمال غرب الأناضول وتتبع محافظة بورصة. ويبلغ عدد سكان مدينة إزنيق حوالي 15,000 نسمة، وتقع بالقرب من بحيرة إزنيق.
[2] السائمة: هي كلُّ إبل أو ماشية تُرسل للرَّعي ولا تُعْلَف. انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة 2/1140.
[3] Vasiliev, History of the Byzantine Empire, Vol II, p. 428
[4] Vasiliev, History of the Byzantine Empire, Vol II, p. 430
[5] Ehrenkreutz, Saladin, p, 154; Setton, op. cit., vol I, p, 584