10:49 - 25/10/2018
اكتشف علماء الآثار ما يعتقدون أنها أقدم سفينةٍ غارقة في العالم كاملة الأجزاء، في قاع البحر الأسود، ويبدو أنَّها لم تُمَس منذ أكثر من 2400 سنة، الأمر الذي جعل محتوياتها سليمة.
السفينة التي تعود إلى عهد الإغريق اكتشفها فريق آثار بلغاري إنكليزي على بُعد 80 كلم من سواحل مدينة بورغاس البلغارية، حسبما ورد في تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
وقال الباحثون إنَّ السفينة التي يبلغ طولها 23 متراً، ويُعتقد أنَّها من الآثار اليونانية، قد اكتُشِفَت مع الصاري الخاص بها ودَفَّات القيادة ومعدات التجديف.
وذُهل العلماء لأن كل هذه الأشياء بقيت سليمةً على عمق أكثر من كيلومترين تحت سطح البحر، وفقاً لما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
كيف ظلَّت السفينة على هذه الحالة المدهشة بعد كل هذه السنوات؟
السبب في أن هذه السفينة التجارية، التي يعود تاريخها إلى حوالي 400 سنة قبل الميلاد، بقيت في حالة جيدة لفترة طويلة، هو أن المياه التي توجد فيها بها كميات قليلة من الأكسجين، أو حتى خالية منه.
كما أن وجودها على عمق أكثر من 2000 متر تحت سطح البحر جعلها أيضاً بعيدة عن متناول الغواصين.
غياب الأكسجين حفظ محتويات السفينة الغارقة/REUTERS
وقال البروفيسور جون آدمز، المُنَقِّب الرئيسي في «مشروع البحر الأسود للآثار البحرية- MAP«، وهو الفريق صاحب الاكتشاف: «إنَّ بقاء سفينةٍ كاملةٍ من الزمن القديم راقدةً فيما يزيد على 2 كيلومتر في الماء هو أمرٌ لم يكن من الممكن أن أصدق حدوثه.
وأضاف «سيغيِّر هذا فهمنا عن طبيعة بناء السفن وعن الإبحار في العصور القديمة».
فالآن أصبح لدى العلماء أقدم سفينةٍ غارقة في العالم كاملة الأجزاء ليُجرى عليها مزيد من الأبحاث.
إنها تشبه سفن الأساطير الإغريقية
ويُعتقد أنَّ السفينة كانت سفينةً تجاريةً، من النوع الذي قال عنه الباحثون إنَّه لم يُشاهد من قبل إلَّا «في قسم المصنوعات الفخارية اليونانية، كتلك القطعة المُسمَّاة «Siren Vase» في المتحف البريطاني».
ويُصوِّر ذلك العمل، الذي يعود إلى الحقبة ذاتها تقريباً، سفينةً مشابهةً تُقِل على متنها الشخصية اليونانية الأسطورية أوديسيوس، يمر من أمام مخلوقات السيرين الأسطورية، في حين يقف البطل اليوناني هوريوس مُكبَّلاً إلى صاري السفينة لمقاومة تأثير أغانيهم.
وكانت السفينة المكتشفة واحدةً من العديد من السفن التي تتنقل بين مستعمرات البحر الأبيض المتوسط والمستعمرات اليونانية على ساحل البحر الأسود.
وهكذا تم التأكد من أنها أقدم سفينةٍ غارقة في العالم كاملة الأجزاء
وينوي الفريق أن يترك السفينة في المكان الذي اكتُشِفَت فيه.
ولكن تم إخضاع قطعة صغيرة من السفينة من قبل جامعة ساوثهامبتون الإنكليزية لاختبار بواسطة الكربون المشع بغرض تحديد تاريخها.
وبالفعل أكدت النتائج أنَّها أقدم سفينةٍ كاملةٍ غارقة كاملة في العالم تم اكتشافها في تاريخ البشرية.
وقال الفريق إنَّ المعلومات ستُنشَر في مؤتمرٍ لـ»مشروع البحر الأسود للآثار البحرية» في متحف ومكتبة Wellcome Collectionفي العاصمة البريطانية لندن، أواخر هذا الأسبوع.
الاختبارات أثبتت أنها أقدم سفينةٍ غارقة في العالم
وجاء هذا الاكتشاف ضمن أكثر من 60 حطام سفينة وجده الفريق العالمي، المُكوَّن من علماء الآثار البحرية ومتخصصين بالعلوم وعلماء المساحة المائية.
وكان هذا الفريق في مهمَّةٍ استغرقت ثلاث سنواتٍ لاكتشاف أعماق البحر الأسود، لتحصيل فهمٍ أكبر عن تأثير تغييرات مستوى سطح البحر في عصور ما قبل التاريخ.
وبحسب الفريق، فقد تنوَّعَت الاكتشافات في أعمارها، بدايةً من «أسطولٍ مِدفعيّ للقوزاق (فرسان سلاف كان ولاؤهم لروسيا) في القرن السابع عشر، مروراً بسفن التجارة الرومانية المكتملة بمجسمات الأمفورة (نوع من الجرار الخزفية له قبضتان وعنق طويل أضيق)، وصولاً إلى سفينةٍ كاملةٍ من الحقبة الكلاسيكية».
وقد أعدَّ الفريق فيلماً عن هذا الاكتشاف، الذي سجل رسمياً باعتباره أقدم سفينةٍ غارقة في العالم، كاملة الأجزاء، مدته ساعتان، ليُعرض بالمتحف البريطاني.