سمّاعون للكذب 24 / 10 / 2018م - 4:50 م
”الفرق بين الكذب والصدق اربع اصابع“، وهو ما يمثل المسافة الفاصلة بين العين والاذن، ”ليس من رأى كمن سمع“، بمعنى اخر، فان الكثير من الاخبار تفتقر للمصداقية جراء الزياديات ”الوضع“، ”ما آفة الاخبار الا رواتها“، ”ولا تحدث الناس بكل ما سمعت به، فكفى بذلك كذبا“، وبالتالي فان محاولة بث الروايات والاخبار بطريقة غير متوازنة،، يسهم في انتشار الشائعات وتكريس واقعا مأسويا، لاسيما وان المواقف المنطلقة من اخبار كاذبة وشائعات، تكون اثارها وخيمة على المرء، وعلى المجتمع في الوقت نفسه، مما يستدعي التروي قبل الانجرار بدون وعي وراء الاكاذيب، لاسيما وان الاطراف الساعية لنشر مثل هذه الاخبار، تتحرك وفق اجندة مرسومة، الامر الذي يتطلب انتهاج الطريقة المثالية،
”اعقلوا الخبر اذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية، فان رواة العلم كثير، ورعاته قليل“.
استمرار الاكاذيب مرتبط بوجود فئة مستقبلة بمجرد اطلاقها، حيث تعمد للتعاطي معها باعتبارها حقائق دامغة، مما يدفعها لتبينها ومحاولة الدفاع عنها بشتى الوسائل، خصوصا وان البعض يفتقر للاليات المناسبة، للتفريق بين الاخبار الصادقة، ونظيرتها الكاذبة، الامر الذي يساعد على الوقوع في المحظور، والمصيدة المنصوبة من قبل الاطراف الداعمة، لتلك الاخبار المكذوبة، لاسيما وان الكثير من الاخبار تحمل بعض الصدق، والكثير من الكذب، ”دس السم في العسل“.
يتحرك اصحاب الاخبار الاكاذيب، في البيئة الاجتماعية غير الواعية، بحرية تامة، نظرا لوجود قاعدة رخوة قادرة على امتصاص، مثل هذه الروايات غير المتوازنة والمتهافتة، مما يساعد على اختلاق الكثير من الاخبار المكذوبة، عبر استخدام الكثير من الادوات، فتارة تكون الالسن الطريقة المناسبة، لتكريس مثل هذه الروايات، وتارة اخرى عبر استخدام الوسائل غير المباشرة، لاسيما وان هناك تعطشا لدى شريحة محددة، تبحث عن الاخبار سواء الصادقة، او الكاذبة لبثها في المجتمع، مما يسهم في خلق بلبلة وعدم استقرار في المجتمع، وبالتالي احداث شرخ واسع في العلاقات الاجتماعية السائدة.
يعتمد اصحاب الاجندات ”الخبيثة“، على انصاف العقول، او فاقدي الرؤية، في تكريس واقع بائس بالبيئة الاجتماعية، خصوصا وان هناك اطرافا تتبرع بشكل طواعي، في نقل الاخبار الكاذبة بشكل مجاني، سواء لوجود احقاد تجاه المجتمع، نتيجة مواقف سابقة، او بسبب الجهل في التعاطي المتوازن، مع تلك الاخبار، وبالتالي فان وجود هذه الشريحة الاجتماعية الفاسدة في المجتمع، يستدعي ايجاد معالجة جذرية، لاحتثاث هذه الفئة الفاسدة من المجتمع، خصوصا وان بقاءها يسهم في نشر الامراض في القلوب، وبالتالي احداث حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والنفسي، لدى العديد من الشرائح الاجتماعية.
التداعيات المترتبة على وجود ”السماعون للكذب“، ليست خافية على الجميع، فالاضرار ليست مقتصرة على الدائرة الضيقة، بل تشمل الدائرة الواسعة في البيئة الاجتماعية، لاسيما وان عملية بث الاخبار الكاذبة ليست قاصرة على فئة دون اخرى، فالمرض الذي يبدأ صغيرا، سرعان ما يتنشر في الجسم، الامر الذي يتطلب التدخل السريع لضيق الخناق، على تلك الفئة الاجتماعية الفاسدة، قبل اتساع دائرتها في المجتمع، مما يعرقل جميع المحاولات للقضاء عليها، مع تجذرها في البيئة الاجتماعية، بمعنى اخر، فان البذرة الفاسدة ينبغي استبعادها، قبل افسادها البذور الصالحة، من خلال وضع البرامج المناسبة، لاعادة الامور للنصاب الصحيح.