اسم ولقب أبي هريرة

هو أبو هريرة الدوسي الأزدي اليمامي من دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران[1][2]، اختلف المؤرِّخون في اسمه فقيل: عبد الرحمن بن صخر، وقيل: عبد شمس، وقيل: عبد عمرو، وقيل :كان اسمه في الجاهليَّة عبد شمس وفي الإسلام عبد الله، وقيل غير ذلك أيضًا[3]، وأشهر ما قيل في اسمه واسم أبيه عبد الرحمن بن صخر الدوسيِّ[4]. ويروى عنه رضي الله عنه أنَّه قال: كان اسمي في الجاهلية: عبد شمس، فسمَّاني رسول الله صل الله عليه وسلم: عبد الرحمن[5].
وكنيته أبو هريرة وهو مشهورٌ بها[6]، لهِرَّة كان يحملها ويعتني بها[7]، وكان رسول الله يدعوه أبا هر؛ ففي الحديث عن أبي هريرة: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فَقَالَ "أَبَا هِرٍّ الْحَقْ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ إِلَيَّ"[8]. وأمه ميمونة بنت صبيح[9].
عن سليم بن حيَّان قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: نشأت يتيمًا وهاجرت مسكينًا وكنت أجيرًا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي. فكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدو إذا ركبوا، فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قوامًا وجعل أبا هريرة إمامًا[10].

إسلام أبي هريرة

أسلم رضي الله عنه بين الحديبية وخيبر، وقدم المدينة مهاجرًا، وأسلم والنبيُّ صلى الله عليه وسلم بخيبر[11]، وكان إسلامه على يد الصحابي الجليل الطفيل بن عمرو الدوسي؛ فلمَّا أسلم الطفيل بن عمرو الدوسي دعا قومه فأسلموا، وقَدِمَ معه منهم المدينة سبعون أو ثمانون أهل بيت. وفيهم أبو هريرة[12].

أثر الرسول في تربية أبي هريرة

كان للنبيِّ الأثر الأكبر في تنشئة وتربية أبي هريرة؛ فمنذ أن قَدِم إلى النبيِّ لم يُفارقه قط، فقد كان من أحفظ أصحابه صلى الله عليه وسلم وألزمه له على شبع بطنه، وكانت يده مع يده يدور معه حيث ما دار[13]، وفي سنواتٍ قليلةٍ حصَّل من العلم عن الرسول ما لم يُحصِّله أحدٌ من الصحابة، وكان النبيُّ يُوجِّهه كثيرًا؛ فعنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعًا، تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا، تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ، تَكُنْ مُسْلِمًا، وَأَقِلَّ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ»[14].
وعنه أنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يومًا فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي قلت يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى عليَّ، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادعُ الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ». فخرجتُ مستبشرًا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف، فسَمِعَتْ أمي خشف قدمي، فقالت: مكانك يا أبا هريرة. وسمعتُ خضخضة الماء، قال: فاغْتَسَلَتْ ولَبِسَتْ درعها وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب، ثم قالت: يا أبا هريرة، أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله، قال: فرجعتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح، قال: قلتُ يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة. فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرًا، قال: قلت يا رسول الله ادعُ الله أن يُحبِّبني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويُحبِّبهم إلينا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا -يعنى أبا هريرة وأمه- إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ». فما خُلِق مؤمنٌ يسمع بي ولا يراني إلَّا أحبَّني[15].

أهم ملامح شخصية أبي هريرة

استيعاب أبي هريرة للحديث

كان رضي الله عنه من أكثر الصحابة حفظًا للحديث، حيث قال رضي الله عنه: "مَا كَانَ أَحَدٌ أَحْفَظَ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي إلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنِّي كُنْتُ أَعِي بِقَلْبِي وَكَانَ يَعِي بِقَلْبِهِ، وَيَكْتُبُ بِيَدِهِ؛ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ "فَأَذِنَ لَهُ"[16].
وقد ذكر الشافعي رحمه الله أنَّ أبا هريرة أحفظ من روى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ حيث روى عنه نحو ثمانمائة رجلٍ أو أكثر من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم[17]، وهو من أكثر الصحابة روايةً للحديث؛ فقد روى خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثًا، وقيل: في الأصل؛ خمسة آلاف حديثٍ وثلاثمائة وأربعة وستُّون[18].

عبادة أبي هريرة

كان أبو هريرة رضي الله عنه من عبَّاد الصحابة؛ حيث كان يُكثر من الصلاة والصيام والذكر وقيام الليل، فقد قال عن نفسه: "إِنِّي لَأُجَزِّئُ اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: فَثُلُثٌ أَنَامُ، وَثُلُثٌ أَقُومُ، وَثُلُثٌ أَتَذَكَّرُ أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ"[19].
وكان أبو هريرة يُصلِّي ثلث الليل وامرأته ثلثًا وابنته ثلثًا[20]، فعن أبي عثمان قال تضيَّفْتُ أبا هريرة سبعًا فكان هو وامرأته وخادمه يَعْتَقِبُون الليل أثلاثًا؛ يُصلِّي هذا ثم يُوقِظ هذا[21]، وكان أبو هريرة يصوم الاثنين والخميس، وقال: إنَّهما يومان تُرْفَع فيهما الأعمال[22]، وكان يُسبِّح في كلِّ يومٍ اثني عشر ألف تسبيحة، ويقول: أُسَبِّحُ بقدر ذنبي[23].

تواضع أبي هريرة

كان رضي الله شديد التواضع؛ فعن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنَّ أبا هريرة أقبل في السوق يحمل حزمة حطب، وهو يومئذٍ خليفةٌ لمروان، فقال: أَوْسِع الطريق للأمير يا ابن أبي مالك، فقلت: أصلحك الله، يكفي هذا. قال: وسع الطريق للأمير يا ابن أبي مالك، والحزمة عليه.

ورع أبي هريرة وخوفه

كان رضي الله عنه من أشدِّ الناس ورعًا؛ فعن أبي المتوكل أنَّ أبا هريرة كانت له زنجيَّةٌ فرفع عليها السوط يومًا، فقال: "لولا القصاص لأغشيتك به، ولكنِّي سأبيعك ممَّن يوفيني ثمنك، اذهبي فأنتِ لله"[24].

بعض مواقف أبي هريرة مع الرسول

من هذه المواقف ما ذُكِر عند البخاري وغيره: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ جُنُبًا فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ"[25].
وعنه -أيضًا- أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ"[26].
وعنه أنَّه كان يقول: أالله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمدُ بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشدُّ الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يومًا على طريقهم الذي يخرجون منه فمرَّ أبو بكرٍ فسألته عن آيةٍ من كتاب الله ما سألته إلَّا ليُشبعني فمرَّ ولم يفعل، ثم مرَّ بي عمر فسألته عن آيةٍ من كتاب الله ما سألته إلَّا ليُشبعني فمر فلم يفعل، ثم مرَّ بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسَّم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: يَا أَبَا هِرَّ. قلت: لبيك يا رسول الله، قال: الْحَقْ. ومضى فتبعته، فدخل فاستأذن فأذن لي فدخل، فوجد لبنًا في قدحٍ، فقال: مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَن. قالوا: أهداه لك فلانٌ أو فلانةٌ، قال: أَبَا هِر. قلت: لبيك يا رسول الله، قال: الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي. قال أبو هريرة: وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون إلى أهلٍ ولا مالٍ ولا على أحدٍ، إذا أتته صدقةٌ بعث بها إليهم، ولم يتناول منها شيئًا، وإذا أتته هديَّةٌ أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك، فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة، كنت أحقُّ أنا أن أُصيب من هذا اللبن شربةً أتقوَّى بها، فإذا جاء أمرني فكنت أنا أُعطيهم وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بدٌّ فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا، فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت، قال: يَا أَبَا هِرَّ. قلت: لبيك يا رسول الله، قال: خُذْ فَأَعْطِهِمْ. قال: فأخذتُ القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يَرُدُّ عليَّ القدح، فأُعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يردُّ عليَّ القدح فيشرب حتى يروى ثم يردُّ علي القدح، حتى انتهيت إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلُّهم، فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إليَّ فتبسَّم فقال: أَبَا هِرَّ، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ، قلت: صدقت يا رسول الله. قال: اقْعُدْ فَاشْرَبْ. فقعدت فشربت، فقال: اشْرَبْ. فشربتُ، فما زال يقول اشرب حتى قلتُ: لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكًا، قال: فَأَرِنِي. فأعطيته القدح فحمد الله وسمَّى وشرب الفضلة[27].

بعض مواقف أبي هريرة مع الصحابة

مع عمر بن الخطاب

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال لي عمر رضي الله عنه: يا عدوَّ الله وعدوَّ الإسلام خنت مال الله، قال: قلت: لستُ عدوَّ الله ولا عدوَّ الإسلام، ولكنِّي عدوُّ من عاداهما، ولم أخنْ مال الله ولكنَّها أثمان إبلي وسهامٌ اجتمعت، قال: فأعادها عليَّ، وأعدتُ عليه هذا الكلام. قال: فغرمني اثني عشر ألفا، قال: فقمت في صلاة الغداة فقلت: اللهمَّ اغفرْ لأمير المؤمنين. فلمَّا كان بعد ذلك أرادني على العمل فأبيت عليه، فقال: وَلِمَ وقد سأل يوسف العمل وكان خيرًا منك؟ فقلت: إنَّ يوسف نبيٌّ ابن نبي ابن نبي ابن نبي، وأنا ابن أميمة، وأنا أخاف ثلاثًا واثنتين، قال: أو لا تقول خمسًا؟ قلت: لا. قال: فما هنَّ؟ قلت: أخاف أن أقول بغير علم، وأن أفتي بغير علم، وأن يُضْرب ظهري، وأن يُشتم عِرْضي، وأن يُؤخذ مالي بالضرب[28].

مع عثمان بن عفان

روى سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: "كنتُ محصورًا في الدار مع عثمان فرموا رجلًا منَّا فقتلوه، فقلت: يا أمير المؤمنين طاب الضراب، قتلوا منَّا رجلًا، فقال: عزمت عليك يا أبا هريرة لما رميت سيفك؛ فإنَّما يُراد نفسي وسأقي المؤمنين بنفسي، قال أبو هريرة: فرميت سيفي فما أدري أين هو حتى الساعة"[29].

بعض مواقف أبي هريرة مع التابعين

عن سعيد بن مرجانة أنَّه قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ إِرْبٍ مِنْهَا إِرْبًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَعْتِقُ بِالْيَدِ الْيَدَ، وَبِالرِّجْلِ الرِّجْلَ، وَبِالْفَرْجِ الْفَرْجَ"[30].

أثر أبي هريرة في الآخرين

دعوة أبي هريرة وتعليمه

كان أبو هريرة صاحب أثرٍ كبيرٍ في كلِّ مَن حوله بما يحمله من كنوزٍ عظيمة، وهي أحاديثُ النبي، وقد أسدى للأمَّة خيرًا عظيمًا بنقله هذا الكمِّ الضخم والكبير من أحاديث النبي.
ومن ذلك أنَّه مرَّ بسوق المدينة، فوقف عليها فقال: يا أهل السوق، ما أعجزكم! قالوا: وما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: ذاك ميراث رسول الله يقسَّم، وأنتم ها هنا لا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه. قالوا: وأين هو؟ قال: في المسجد. فخرجوا سراعًا إلى المسجد، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا، فقال لهم: ما لكم؟ قالوا: يا أبا هريرة، فقد أتينا المسجد فدخلنا فلم نرَ فيه شيئًا يُقسَّم. فقال لهم أبو هريرة: أَمَا رأيتم في المسجد أحدًا؟ قالوا: بلى، رأينا قومًا يُصلُّون، وقومًا يقرءون القرآن، وقومًا يتذاكرون الحلال والحرام. فقال لهم أبو هريرة: ويحكم! فذاك ميراث محمد[31].

وفاة أبي هريرة

قال أبو سَلَمَة: قال: عُدْتُ أبا هريرة فسندته إلى صدري، ثم قلت: اللهمَّ اشفِ أبا هريرة، فقال: «اللَّهُمَّ لَا تُرْجِعْهَا» ، ثُمَّ قال: «إِنِ اسْتَطَعْتَ يَا أَبَا سَلَمَةَ أَنْ تَمُوتَ فَمُتْ»، فقلت: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّا لَنُحِبُّ الْحَيَاةَ، فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى الْعُلَمَاءِ زَمَانٌ الْمَوْتُ أَحَبُّ إِلَى أَحَدِهِمْ مِنَ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ، لَيَأْتِيَنَّ أَحَدُكُمْ قَبْرَ أَخِيهِ فَيَقُولُ: لَيْتَنِي مَكَانَهُ»[32].
وعن عمير بن هانئ قال: كان أبو هريرة يقول: تشبَّثوا بصدغي معاوية، اللهمَّ لا تُدركني سنة ستِّين[33]، قال: فتُوفِّي فيها أبو هريرة أو قبلها بسنة[34].
وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: "لَا تَضْرِبُوا عَلَيَّ فُسْطَاطًا، وَلَا تَتْبَعُونِي بِمِجْمَرٍ، وَأَسْرِعُوا بِي"[35]، وقد تُوفِّي أبو هريرة سنة سبع وخمسين من الهجرة وهو الأرجح، وقيل: سنة ثمان وخمسين، وقيل: سنة تسع وخمسين، وقيل غير ذلك[36]. وقد تُوفِّي وله من العمر وله ثمانٍ وسبعون[37].

قصة الإسلام
[1] ابن مَنْجُوَيْه: رجال صحيح مسلم، تحقيق: عبد الله الليثي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى، 1407هـ، 2/403، وابن الأثير: أسد الغابة، تحقيق: علي محمد معوض- عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية الطبعة الأولى، 1415هـ= 1994م، 6/313.
[2] وقيل -أيضًا- إنَّ اسمه ابن عامر بن عبد ذي الشرى بن ظريف بن عتاب بن أبي صعب بن منبه بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان بن عبد اللَّه بن زهران بن كعب الدوسيِّ. هكذا سمَّاه ونسبه ابن الكلبيِّ، ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى - 1415هـ، 7/348، 349.
[3] ابن مَنْجُوَيه: رجال صحيح مسلم، 2/403.
[4] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، 4/267.
[5] وابن الأثير: أسد الغابة العلمية، 6/313.
[6] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، 4/267.
[7] ابن إسحاق: سيرة ابن اسحاق (السير والمغازي)، تحقيق: سهيل زكار، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، 1398هـ = 1978م، ص286.
[8] البخاري: كتاب الاستئذان، باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن (5892).
[9] الطبراني: المعجم الكبير، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، الطبعة الثانية، 25/40.
[10] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 4/243.
[11] ابن عساكر: تاريخ دمشق لابن عساكر، تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415هـ= 1995م، 67/312.
[12] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 1/265.
[13] ابن مَنْجُوَيه: رجال صحيح مسلم، 2/403.
[14] ابن ماجه: كتاب الزهد، باب الورع والتقوى، (4217) وصحَّحه الألباني. انظر: صحيح الجامع الصغير وزيادته (7833).
[15] مسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه (2491)، وأحمد (8242).
[16] الطحاوي: شرح مشكل الآثار، تحقيق: شعيب الأرناءوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1415هـ= 1494م، 4/355.
[17] عبد القادر بن محمد بن نصر الله القرشي: الجواهر المضية في طبقات الحنفية، مير محمد كتب خانه – كراتشي، 2/412.
[18] ابن حزم: جوامع السيرة، تحقيق: إحسان عباس، دار المعارف، مصر، الطبعة الأولى، 1900م، ص275.
[19] الدارمي: باب العمل بالعلم وحسن النية فيه (272).
[20] ابن عساكر: تاريخ دمشق، 67/362.
[21] البخاري: كتاب الأطعمة، باب الرطب بالقثاء (5125)، وأحمد (8618).
[22] ابن عساكر: 67/363.
[23] ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، المحقق: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ= 1992م، 5/315. وشمس الدين الذهبي: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، المحقق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 2003م، 2/560.
[24] أحمد بن حنبل: الزهد، وضع حواشيه: محمد عبد السلام شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1420هـ= 1999م، ص146.
[25] البخاري: كتاب الغسل، باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس (279)، ومسلم: كتاب الحيض، باب الدليل على أنَّ المسلم لا ينجس (371).
[26] البخاري: كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار (6201)، والنسائي (5842)، وأحمد (8845).
[27] البخاري: كتاب الرقاق، باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخلِّيهم من الدنيا (6087)، وأحمد (10690).
[28] الحاكم في المستدرك (3327) وقال: هذا حديثٌ صحيحٌ بإسنادٍ على شرط الشيخين ولم يُخرِّجاه. تعليق الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم.
[29] مسند الحارث (977).
[30] مسلم: كتاب العتق، باب فضل العتق (1509)، والترمذي (1541)، والنسائي (4874)، وأحمد (9431) واللفظ له.
[31] الطبراني في الوسيط (1429).
[32] الحاكم (8581)، هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يُخرِّجاه، تعليق الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم.
[33] ابن عساكر: تاريخ دمشق، 67/380.
[34] ابن عساكر: تاريخ دمشق، 67/385، 386.
[35] أحمد (7901) وقال شعيب الأرناءوط: صحيحٌ لغيره وهذا إسناد حسن، وأبو داود الطيالسي (2457).
[36] ابن حجر العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى ، 1415هـ، 7/362.
[37] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 4/254.