أعلم أن الجميع قد سمع القول المأثور
أن تعطيه وردة في حياته أجمل بكثير من باقة على قبره
وأنا اخترت عنواني الخاص ليس لأني مؤمن فيه وحسب
ولكن من باب ضيق الحال … الوردة أرخص من باقة بكل صراحة
فلم يعد هناك قدرة على شراء باقة كي تهترئ على شاهدة موت أحدكم
ولا أن تذبل لسبب غير مفهوم .. على ضريح رحيلكم دون استئذان…؟؟




أستطيع الآن في الوقت الراهن أن أصدق أني قادر على شراء وردة
كي ألفها في مشاعر معلبّة وأهديها لأحدكم عربون أمتناني وتقديري
وربما أكون قادرا على شراء وردة في وقتي الحاضر قبل أن تصيروا فيه ماضي
ربما أمتلك الشجاعة كي أهديكم نصف ابتسامة مطلة على وجعي تفوح من هذه الوردة
لأني أعلم أني فقير الحال .. ضعيف البال .. هشّ من الأفراح التعيسة التي لا تكتمل أبدا
وأني بخير رغم أني أتذكر فقط أني لست بخير حين يطعني أحدكم بسؤاله ” كيف الحال ” …؟؟




أستطيع الآن وأنا بكامل قدراتي العقلية والفكرية التي لم يحتكرها أحد بعد
أن أقول لذاك الرجل الذي غادرني دون أن أراه .. كم أحببتك بعد موتك
الى تلك المرأة التي سكنت في رحمها تسع أشهر .. ما أعصاني
لذاك الذي ربطني به الدمّ وحبر أزرق على الورق.. ما أغربك
لذاك الصديق الذي أوجعني بسوء ظنه .. ان الإثم حق علينا
لتلك التي أحبتتها في بداية مراهقتي .. كم كنت قصة بريئة
لذاك الذي قال لي وما العمل الآن.. إن الاموات لا يعملون
لتلك التي أحببتها وهي في أقصى البلاد .. أنت تسحتقي أحسن مني
لتلك التي مدتّ لي يد العون .. ما أفقرني وأنا أعرف كيف أرد لك صنيعك
لذاك الذي طعنني في ظهري في لحظة ثقة .. كم كنتُ مؤمنا أنك أحسن مني
لتلك التي بكت لأجلي دموعا ودما .. لا تحزني.. قدري أن أكون في حياتك حظ عاثر
لتلك التي شعرت معها بأنها أمي .. كم أشتهي أن أشمّ رائحة التراب تحت قدميك
لذاك الرجل الذي أنا هو وهو أنا .. ماذا فعلت بي أيها الأحمق وماذا فعلت بك أيها الأخرق ..؟؟




أستطيع أن أستخدم أداة النداء أو الاشارة لكل من ذكرته وربما تناسيته عن سابق وجع
ليس لأنه رحلوا كلهم فجأة دون أن يتركوا لي بطاقة على عتبة قلبي مكتوب فيها .. البرد لم يعد جميلا ..؟؟
بعضهم رحلوا .. بعضهم غادروا.. بعضهم انتهوا .. بعضهم ما زال يلملم بعضي المسكوب على بعضهم
ولكن أستخدم الغائب دوما لأني أؤمن أن الحاضر كذبة الماضي وحلم على قيد المستقبل
أستخدم الأشياء الجميلة فقط لأني أؤمن أن الذاكرة هي الأم الشرعي للماضي وتابوت بارد للاشخاص
أستخدم أدوات النكرة لأني أحتاج بكل مرة أن يعرفني أحدهم دون أن يلقي التحية عليّ ويقول لي كيف الحال …؟
أستخدم وردة لأني ميسور الحال وأستطيع أن ألقيها على أحدكم كمن يلقيها على قبر فارغ من الأحياء
أستخدم عطرا لا يستعملوه إلا في حالات الطوارئ أو النفير العام أو في أحسن الحالات عند الموت ؟؟
أستخدم تلك المقولة الصادقة كي أظنّ أني ممتلئ بالانسانية وأنكم لا تستحقون أكثر من فتات مشاعري
وأن الوردة التي أعطيك إياها تدل على كرم أخلاقي ولا تدل على فقر حالي وضعف امتناني
ولكن من باب الصدق .. أعطيك وردة الآن كي لا أضطر أسفا لرمي عشرة على قبرك
فأعيش حسرة في قلبي.. أني لم أشاطرك يوما متعة النزف الجميل أمام حضرة الأشواك …؟؟



أهدي الوردة لمن حولك حتى لو لم يستحقها
أن الوردة تعطرّ القدم التي تسحقها .. ؟؟



دومتم بحفظ الله