عُد يا زمانُ إلى الزمانِ الغابرِ ** وارحل بنا عن ذا الزمانِ الحاضرِ
كي أصطفي منكَ الأمورَ بحكمةٍ ** وأعيدَ فكراً لم يكنْ بالباصرِ
أوا يا زماني لا تكنْ ذا جفوةٍ ** واسمع ندائي واستجب للناظرِ
عُد بي إلى حيث البراءة والصبا ** فلقد سئمتُ مِنَ الصراعِ الدائرِ
إني أكادُ أموت يأساً فاسقني ** مِن كأسِ صبرِك والحنانِ الوافرِ
ارفق بنفسٍ خانها الدهرُ الذي ** أعطاها آمالاً كطيفٍ عابرِ
حسِبَتْها تغدو جَنّةً وحقيقةً ** فإذا بها مرّتْ مرورَ مسافرِ
لا أحسَبُ الأحلامَ تصبحُ بعد ذا ** حقاً ولو كانت تُرى بالناظرِ
هل من عزاءٍ يا زمانيَ بعد أنْ ** بُحتُ وأبديتُ الذي في خاطري
لا تترُكنّي أسيرُ في وسط الدجى ** وأقودُ قافلتي بفكرٍ حائرِ
قال الزمانُ بنبرةٍ مألوفةٍ ** يا مَنْ طلبت رجوعَ عصرٍ غابرِ
هيهات مني أنْ ألبّيَ دعوةً ** ما طقتُها يوماً ولستُ بقادرِ
حيناً أطلُّ بفرحةٍ ومسرّةٍ ** يغدو الورى منها بخيرٍ عامرِ
لكنني للحزنِ دوما ظامئ ** أرويه مِن دمعِ العيونِ الغائرِ
فاصبر على غدرِ الزمانِ وبؤسهِ ** ما مِنْ طريقٍ غير ذا للسائرِ
م