حوار ارتجالي مع الاستاذ شيفرة لم يعد له مسبقا كالعادة لا من حيث الاعداد للاسئلة ولا من ناحية الاجابة .
دعني استفهم منك يا صاح
ما الفرق بين العامي والامي ؟
وبين المثقف والواعي ؟
العامي هو صوت الجمهور .. الجمهور الذي يفهم الثقافة بالمقلوب و يعيش على سطحها ... و هو أكثر تنوراً من الأمي الذي لا يشعر بالانتماء إلا لأميته .
المثقف هو المطلع المنتج .. و لست أصادق على مثقف إلا شرط إنتاجه .. لذلك ليس كل مطلع مثقف بل و ليس كل أكاديمي مثقف ... أما الواعي فهو ذلك الذي يعرف التجربة قبل خوضها .. يسقط الكثير من المثقفين في التجارب التاريخية و المصيرية وحدهم الواعون من ينجح في كل تجربة .. منهم يكون بعض القادة و أغلبهم يعانون أشد ما يعاني عالم وسط جهال
ومن اين يستمد العامي والامي والمثقف والواعي قوته التي تمنحه شرف هويته؟
العامي من جمهوره الذي ينتمي لثقافته و أسلوبه إذ متى ما خرج عنهما أضحى ضحيته .. و المثقف مما ينتجه فيصبح لاحقاً مسيطراً على جزء من المعايير التي أنتجها فبهر بها النخبة المستهلكة و بعض النخبة المنتجة التي لا بد و أن تتبادل المحتوى الثقافي الذي لا تختص به .. أما الأمي فقوته في انغلاقه .. هو قوي حين تسود القوة و قوي بعدم اهتزازه أمام القيم و الاعتبارات لأنه لا يفهمها و لا يريد فهمها .. لكنه لا يعلم أنه مهما كان قويا فإنه الحمار الذي في جملة ( يقود الرجل عربة ) هو الحمار الذي لا يظهر في الجملة حتى ! ... أما الواعي فيستمد قوته من وعيه .. من ذاته .. هو الوحيد بينهم يكتسب قوته بذاته لا بموضوعه .. كأنه نبي !!!
لكننا لا نرى صراع صميمي مباشر عبر التاريخ بحكم التعايش وبحكم المجاورة الاجتماعية ما بين العامي والامي وما بين المثقف والواعي ما خلا بين العامي والمثقف ترى ما السبب ان ينصب هذا الصراع او يقنن بهذين المعسكرين فقط؟
باختصار ؟ لأنهما يشكلان نقطة التحول و الانتقال الممكن .. و بذلك فهي نقطة نشطة في حالة حركة دائمة تمتاز بالتوتر العالي ... قيم الوعي و قيم الجهل تظهر في هذه المنطقة كمادة قابلة للتداول .. و هذا ما يؤدي لتشويههما .. فالجهل يشوه قيمه الحقيقية العامي عبر تزيينها و الوعي يشوه قيمه المثقف عبر محاولته تخفيف وطأة كشوفاته العميقة الحادة على العامة و الأميين
ان كان الامر كذلك فما هو معيار الانتصار او التفوق العامي على المثقف تارة والمثقف على العامي تارة اخرى اذ المعادلة ليس لها ثبات في نتائجها على ارض الواقع ؟
هذه هي المعادلة بالضبط .. هي ما تفضلت به تواً سيدي .. لا معيار
هي مفارقة ...مع كل تلك الحصانة التي يملكها المثقف في جعبته لكنه ينهزم .نعم من البديهي ان المثقف يسحق العامي وفق مبدأ الاصلح ولكن ان يكون العامي هو المستحوذ طامة بل وحطام لا يمكن تعديل فيه وجه اي تغيير
مذ خلقنا و الأمر كذلك .. إنما نوهم أنفسنا بزمن جميل لا أكثر
ولكن المثقف المهزوم سيغدو عاميا في هذه الحالة يا سيدي والعامي المنتصر سيكون هو المثقف الرائج .هذا ما اكد عليه الروائي نيكوس في روايته زوربا اليوناني
المنتصر يفرض شروطه .. شروطه هي قوانين اللعبة .. لذلك ربما يرى إدوارد سعيد أنه لا فرار من السلطة
اصبت يا سيدي ...هل من قاسم مشترك يجمعهم معا بلا صراع لاستئناف عجلة الحياة دون اعاقة فكرية تذكر كما الام العامية والابن المثقف يجمعهما عاطفة الامومة التي تخبت كل تفاوت او هوة تجعل كل منهما بعيد عن الاخر او ان هذا االامر لا رحمة فيه ؟
كد الحياة .. واقعيتها المرة .. الأهداف الشخصية ... كل ما هو فردي أو ذاتي من شأنه أن يعلن هدنة بينهم... لذلك تؤكد البرامج فوق الحكومية على تعزيز الفردية .. في الدول التي تفكر طبعاً
هل العامي والامي غبي ؟ ان كان الامر هكذا كيف تكون له الغلبة ؟ابسبب ان المثقف والواعي قد تغابى ؟واظن الامر هكذا والا بقي الاشكال معلقا .ديالكتيك العامي ضد المثقف انتج دويلة الغباء فيا لها من نهاية استاذي العزيز
بل ربما استخدما ذكاءهما في أشياء غبية .. أحيانا يمكن للذكي توظيف غباء الآخرين في أشياء جيدة تقود لنتائج مبهرة كذلك ... تكمن عقدة المعنى في : إلى ماذا تهدف و كيف تستخدم مدخلاتك مهما كانت
اظن ان الحل يكون في تحجيم هذه النسب لخلق توازن كفيل بان ينهي كل المشاكل كما فعل الغرب ونجح واستمر وانتهى .ولكن البلوى في الشرق الاوسط اذا يصعب ان نصهر كل هذه في بوتقة واحدة بسبب تزمت كل طرف واقصاءهالاخر وبذل كل قوة من اجل الاستحواذعلى زمام الامور
ثقافتنا حدية إقصائية نعم و هي بلا ريب ترجمة للشخصية العربية أو الشرق الأوسطية إذا أردنا الدقة .. و هي سبب مأساتنا
.................................................. ..... انتهى........................................ ...................