مع فنجانِ قهوة
ليتني أيها الرفاقُ أدعوكم لقهوتي!
ولكنها غارقةٌ في طعمِ الحنظل،
وهيلِ الأمنيات.
أرتشفُها كالعشاءِ الأخير،
وأجولُ في وجوهِ الحواريين،
ونكهةُ الخوفِ تقتلُ مني الكلمات.
وردتي الحمراءُ تتوسطُ الفناجين.
تلدُ ربيعاً،
وتقتلُ الجحيمَ على مَذبحِ الحنين.
أقلّبُ فنجاني ،
وأجولُ في رحمِ الأَوْهام ،
فأرى ملامحاً يعلوها الضباب،
أبحثُ عنها في الغياب.
أبحثُ عنها في تيهِ الزحام.
يجفُ حلقي،
أرتشفُ ماء الملح،
أسكبهُ فوق الجُرح
وأبحث عن تلك الملامحِ التي طواها الغياب.
وردتي الحمراءُ تغدو باهتة،
كأنَّ نكهةَ الترقبِ تسحبُ لونَها،
وماءُ الزهريةِ قد غدا غوراً،
وابيّضَ لونُ القهوةِ السمرا.
وأنا أدقُ تابوتَ أفكاري،
والقهوةُ أججتْ فحيحَ إعصاري،
فمن أين تأتي الحكمةُ في عالمي؟
أمِنْ حفنةِ رملٍ بيد عرّافةٍ خرقاء؟
طلَبتْ العمر،
ونسيتْ الشباب.
فعاشتْ عمرَها شمطاء.
تندبُ فلتات اللسان
وجهلَ الإنسان.
وأنا يا رفاقي كنتُ منها أخرقْ،
فنسيتُ الشبابَ ،
ودفنتُ العمرَ.
في طعمِ القهوةِ المرّ،
حيث تطفو ملامحَ الصور
في فنجانِ القدر
فكيف أدعوكم لقهوةِ من صنعِ سَقَرْ
بنكهةِ الحنظل ،
وهيلِ الحشرجات ،
وبقايا الأمنيات ،
وماء الأنات.
لا...لا... لن أدعوكم يا رفاقي
إلا لقهوةٍ تصنعُها المسرات.
إيمان مرشد