طور الحياة وتبدل أحوالها بمرور الأزمان، كفيل بتبدل الحاجات ومطالب المجتمعات والأفراد، كما أن السعة في المفردات الحياتية الفردية والجمعية تتنامى طرديا مع التقدم الحاصل في البيئة الكونية المحيطة بنا، لذا أصبح من الضروري أن تنسجم الأحكام والقوانين في البيئة الجزئية والفئوية من الكل المتنامي مع آليات المعالجة المطلوبة في مثل هذه الأوصاف، وفي العقدين الأخيرين ظهرت وبرزت مصطلحات جديدة في شكلها، لكنها قديمة بمضمونها على الساحة القانونية المحلية والدولية، وهذه نتيجة حتمية لتغير توازن القوى في العالم فتكون تلك المفردات انعكاسا لهذه التقلبات، ومن تلك المفردات مفهوم الإرهاب، الذي أصبح اختزالا لكل فعل لا ينسجم مع توجه الآخر، فيطلقه على خصمه مما أدى بالعنوان إلى أن ينحى باتجاهات متعددة يصعب حصرها وعدها من اجل بيان وصفها الحقيقي والدقيق، الذي من الواجب على المشرع أن يتصدى له في إطار المعالجة القانونية لهذا المطلب الحياتي والاجتماعي، وفي العراق الذي أصبح ساحة لعمليات القتل والتدمير التي تأرجح وصفها بين الإرهاب والمقاومة والعدوان وكل حسب معتقده الذي يدين به فكريا وسياسيا، فكان لابد للمشرع العراقي ممثلا بالجمعية الوطنية، أن يتصدى لمثل هذا الأمر، فأصدر قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005 سعيا منه لتعزيز الأمن الوطني والاجتماعي لعموم أبناء البلد، حيث بين جملة من الأفعال على إنها تقع ضمن باب الإرهاب الذي افرده بموجب هذا القانون عن المنظومة العقابية في القوانين الجزائية النافذة، وهذا القانون لا يخلو من الملاحظات التي أراها مأخذاً من ناحية الصياغة التشريعية والتداخل الموضوعي والإجرائي مع القوانين النافذة، لكن سأقتصر الأمر على بيان الوصف الذي أعطاه المشرع لكلمة الإرهاب وهل تمكن من بيان تعريف مكون للوصف الحقيقي لدالة هذه المفردة، أم كان كباقي القوانين والاتفاقيات من حيث التعميم والعد والحصر دون التعريف الصحيح والصريح لهذه المفردة، وقبل الولوج في بيان أحكام هذا القانون تجاه مطالب البحث، لابد من بيان فيما إذا كانت المفردة اشتقت من اللغة لتوصيف أفعال وقعت أم إنها ترجمة لتوصيف تلك الأفعال في لغات أخرى، والحقيقة في ذلك إن مفردة الإرهاب كانت ترجمة لكلمة أجنبية اشتقت من بيئتها لتوصيف أفعالها، فان كان لها تطابق مع واقعها فلأنها ولدت من رحم لغتها الأم، أما كلمة الإرهاب العربية فإنها كانت ترجمة تعكس توصيف لغة أجنبية لفعل وقع في محيطها، مما يعدم إمكانية الدقة في وصفها للواقع الموجود وضمن إطارها العام وهو ما جعلها عرضة للتأرجح والتعميم دون الحصر الدقيق لمكونات الفعل الموصوف بالإرهاب.