السلام عليكم ورحمة الله
خيوط القدر
يمّثل القدر منعطفاً نفسياً هاماً بحياة كل البشر ، و يشّكل لوحة معقدة يصعب فهمها أو التنبؤ بالقادم منها ، هذا القدر المسّير على كل الناس ، هل بإمكاننا أن نُخّير أنفسنا بداخل أطواره ؟ و إن كان بإمكاننا ، فكيف سنتمكن من ذلك ؟
لنفرض بأنّ القدر عبارة عن خيوط ضخمة متشابكة ببعضها البعض كخيوط العنكبوت كما في الرسم أدناه ، و أن تلك النقاط السوداء عبارة عن مُفترق طُرق في حياة شخص ( قرار مصيري و ماشابه ذلك ) و أن ذلك السهم الرمادي هو بداية طريق لإنسان واجه بحياته مفترقين طُرق كما في المثال ..
أستطيع القول بأن الإنسان هو من يحّدد من أفعاله إلى أيَّ الطُرق سيتجه ! فالله عزّ و جل قد ذكر في كتابه و تحديداً في سورة البلد :[ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ] ، و المقصود بالنجدين هو طريق الخير و طريق الشر ، فنحن نعلم بأن الله وهبنا العقل لنفّكر و نتدبر فيما نحن فيه ، و أن القدر الذي قدّره الله لنا هو الوسيلة التي تساعدنا بالتحرك في ميادين هذه الحياة .
لنفترض بأن هنالك مفترق طُرق وُضع أمام شاب موهوب يملك في جعبته الكثير ، و أن هذا المفترق الصعب يتطّلب مهارة في اختيار الدرب الأنسب له ، و استناداً على الرسم البياني المرفق بالموضوع ، يتحتّم على هذا الشاب بأن يختار درباً من أصل ثلاثة بناءً على قراره ،
الجدير بالذكر بأن هذا الشاب لن يذهب سوى للدرب الذي يتوافق مع طموحاته التي طَعّم نفسه بها من هذه الحياة ، فمن الطبيعي أن نجد الطبيب طبيباً إن قام بملء كأس شخصيته بما يتطلب منه لأن يكون طبيباً حقاً ، من غير اللائق أن نجد شخصاً سيئاً جداً بدراساته و يقوم بندب قدره لأنه لم يذهب للطريق الذي يصنع منه طبيباً ،
و من هذا المنطلق ينشأ القدر الذي يرتبط بشكل وثيق بأدائنا في هذه الدنيا ، و أن أدائنا في هذه الدنيا يأتي من الله عز و جل و لهذا من الضروري أن نُؤمن بهذا القدر سواءً بخيره و شّره ، و أن نتوكل على الله و ندعوه لأن يمنحنا حياة كريمة كما قال تعالى : [ ومن يتوكل على الله فهو حسبه ] ، و كما قال أيضاً [ ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا ] .
و لأن القدر أشبه بخيوط العنكبوت كما قمتُ بتشبيهه ببداية النص ، فإن وقوع الحدث في نقطة حسّاسة تُؤهل الشخص بالذهاب من حال لحال عن طريق حالة انتقالية مرتبطة تماماً بالفعل ، فالجميع يُلاحظ بالرسم البياني بأن انتقال الشخص من مفترق الطرق ( أ ) إلى الأمام يعني أنه قد يُواجه مُفترق طرق آخر ينتظره في المستقبل المتمّثل في المفترق ( ب ) ، و أنه من المريح أكثر أن يذهب إلى الطريق بالأسفل لأنه سيواجه حياة بلا مفترق طُرق ..
هذا و الله أعلم ..
---------------