فضل سورة النحل
سورة النحل
سورة النحل واحدةٌ من سور المئين المكيّة ما عدا بضع آياتٍ منها نزلت في المدينة في قول جمهور العلماء، وتقعُ آياتها البالغ عددها مائة وثمانٍ وعشرين آيةً في الأرباع من ثلاثة إلى ثمانية من الحزبيْن السابع والعشرين والثامن والعشرين من الجزء الرابع عشر، ونزلتْ قبل سورة السجدة وبعد سورة الأنبياءوتُعدُّ الثانية والسبعين من حيث نزول السور، أمّا من حيث الترتيب في المصحف العثمانيّ فهي السادسة عشرَ، وافتتحت آياتها بالفعل الماضي واشتملتْ على سجدةٍ في الآية خمسين من السورة، وهذا المقال يسلط الضوء على فضل سورة النحل.
مضامين سورة النحل
سورة النحل كغيرها من السُّور المكيّة تهتمّ بكلّ ما يتعلّقُ بأمورِ العقيدة والشريعة والأحكام وتسليط الضوء على الأدلّة التي تُبرهنُ على تفرُّدِ الله سبحانه بالألوهيّة، كما تضمّنت السورة المحاور الآتية: 1) 2) 3)
- تذكير الناس بالنِّعم التي امتنّ بها الله عليهم ممّا يستوجبُ الشُّكر.
- إقامة الأدلة على فساد دين أهل الكفر والشرك وفي المقابل إقامة الأدلة الدامغة على ألوهية الله وحقيقة اليوم الآخر وإنكار المشركين له.
- الإشارة إلى حقيقةٍ ثابتةٍ وهي التجاء النفوس إلى الله وقت الشِّدة والضُّر، وأيضًا الإعراض عن الله بعد زوال الشر من قِبل بعض الناس.
- الأمر بعددٍ من الأحكامِ الشرعيّة كالعدل والإحسان والجهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووجوب شُكر النِّعم.
- التطرّق إلى سيرةِ نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام-.
- ذِكر آداب تلاوة القرآن الكريم وآداب الدعوة إلى الله.
- أقوال المشركين حول مصدر القرآن الكريم بزعمهم.
فضل سورة النحل
لم يَرِدْ حديثٌ ثابتٌ في فضل سورة النحل على وجه الخصوص، وأنّ ما جاء في فضل سورة النحل كقراءتها مرةً في الشهر للتخلّص من الدَّين وما سواها من الأفضال لا صحّة لها، وتدخل في نطاق الأحاديث الضعيفة والموضوعة، لكن يُمكنُ الإشارة إلى فضل سورة النحل من خلال ورودها في أحاديث وآثار صحيحة ومنها قراءة عمر بن الخطاب لها ومن ثم قراءة سورة يوسف: “عن عمرَ -رضي الله عنه- أنه قرأ سورةَ النَّحلِ ثم قرأ بعدها سورة يوسف” 4)، وأيضًا قراءته لها على المنبر في يوم الجمعة: “وكان رَبيعةُ مِن خِيارِ الناسِ، عمَّا حضَرَ ربيعةُ مِن عمرَ بنِ الخطابِ -رضي الله عنه-: قرأَ يومَ الجمعةِ على المنبرِ بسورةِ النحلِ، حتى إذا جاءَ السجدة نزل فسَجَدَ، وسَجَدَ الناسُ، حتى إذا كانت الجمعةُ القابلةُ، قرأَ بها، حتى إذا جاءَ السجدةُ، قال: يا أيُّها الناسُ، إنا نَمُرُّ بالسجودِ، فمَن سَجَدَ فقد أصابَ، ومَن لم يَسْجُدْ فلا إثمَ عليه، ولم يَسْجُدْ عمرُ -رضي اللهُ عن. وزادَ نافعٌ عن ابنِ عمرَ -رضي الله عنهما-: إن اللهَ لم يَفْرِضْ السجودَ إلا أن نشاءَ” 5)
وممّا جاء في فضل سورة النحل وجود آيةٍ فيها وُضعت في مكانها في السورة بأمرٍ إلهيٍّ: “كنتُ عندَ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- جالسًا إذْ شَخَصَ ببصرِهِ ثم صوَّبَهُ حتّى كادَ أنْ يَلْزَقَ بالأرضِ قال وشَخَصَ ببصرِه قال: أتاني جبريلُ فأمرَني أن أضعَ هذه الآيةَ بهذا الموضعِ من هذه السورةِ “إنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”6)” 7)، وقد أوصى ابن حبان عن اقتراب أجله بقراءة وتدبر خواتيم سورة النحل. 8)
وإذا بشر أحدهم بالأنثى
قال تعالى: “وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ”9) يُخبر الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن حالِ مُشركي العرب حينَ إبلاغهم بولادة الأنثى وما يعتريهم من الحزن والغضب، وقد أوجزت الآيةُ حالتَه بوصفه بسواد الوجه من شدّة الحنق والغضب الذي تمتلىء به نفسُ والد الأنثى، وفي هذه الآية عبرةٌ عظيمةٌ تدلّل على أنّ المولود بشارةٌ من الله للوالد، لكنّ النفوس الجاهلة والمريضة هي التي تفضل الذكر على الأنثى، وكلاهما من نعم الله على عباده كما جاء في مُجمل النِّعم في هذه السورة، أما فيما يتعلّق بسببِ نزول هذه الآية أو فضلها على وجه الخصوص فلم يرد حديثٌ صحيحٌ حولهما في كتب التفسير.