فضل سورة الأنبياء
سورة الأنبياء
يضمّ القرآن الكريم مئة وأربع عشرة سورة، منها سورة الأنبياء، وهي سورة مكية وترتيبها في المصحف الشريف الحادي والعشرون، وعدد آياتها مئة واثنتَيْ عشرة آية، وقد سُمّيت سورة الأنبياء بهذا الاسم لأنّها ذكرت أسماء الغالبية العظمى من الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام-، وتقع هذه السورة الكريمة في الجزء السابع عشر والحزب الثالث والثلاثين، وهي مثل جميع السور المكية، تثركز على عدّة محاور أساسية وهي: يوم القيامة والألوهية والأنبياء والنبوّة، وفي هذا المقال سيتم ذكر عدة معلومات عن سورة الأنبياء، من بينها ذكر فضل سورة الأنبياء.
مضامين سورة الأنبياء
تضمّنت سورة الأنبياء عددًا من المقاصد المهمّة التي حملتها هذه السورة العظيمة، خصوصًا أنّها ذكرت عددًا كبيرًا من الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وذكرت أدعيتهم التي كانوا يدعون الله بها فاستجاب لهم، وأهم مضامين سورة الأنبياء ما يأتي:1)
- إنذار الناس بالبعث وأنّه أمرٌ واقع لا بدّ من وقوعه قريبًا.
- إقامة الحجة بأنّ الله سيبعث الناس؛ لأنّه خلق الأرض والسماوات من العدم، وخلق كلّ شيء من الماء.
- تحذير الناس من تكذيب رسول الله والتكذيب بالكتاب.
- تذكير الناس بأنّ محمّدًا -عليه الصلاة والسلام- ما هو إلّا نبي مثله مثل باقي الرسل، وجاء برسالة مثل رسالات من سبقوه من الأنبياء.
- ذكر أخبار بعض الرسل.
- التذكير بمصير الأمم السابقة التي كذبت الرسل.
- تعظيم شأن القرآن الكريم ووصفه بأنه نعمة.
- تحذير البشر من أن يغتروا بالدنيا وأن يكون لديهم طول الأمل.
- التنبيه إلى وجود حياة أخرى غير هذه الحياة.
- تنزيه الله تعالى عن الشرك والأبناء، والاستدلال على وحدانيته.
- التأكيد على أنّ جميع المخلوقات مصيرها إلى الفناء.
- التذكير بنعم الله تعالى على عباده وأنه يحفظهم.
- الإخبار عن عدد من الأنبياء والرسل ومقارنة أحوالهم وأحوال أقوامهم بأحوال النبيّ محمد -عليه الصلاة والسلام- وأحوال أمته.
- التأكيد على أنّ جميع الرسل جاؤوا بدينِ الله، وثناء الله تعالى على المؤمنين بالرسل، وأن عاقبة المؤمنين هي خَيْر الدنيا والآخرة.
فضل سورة الأنبياء
لجميعِ سور القرآن الكريم فضلٌ كبير، أمّا عن فضل سورة الأنبياء فقد ورد في فضلِها أحاديثُ كثيرة منها ما رواه أبو نعيم عن عامر بن ربيعة –رضي الله عنه- أنّه نزل به رجل من العرب، فأكرم مثواه، وكلم فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاءه الرجل، فقال: إني استقطعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واديًا، وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة، تكون لك، ولعقبك من بعدك، قال عامر: لا حاجة لي في قطيعتك، نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا: “اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ”2)3)، ومن فضل سورة الأنبياء أيضًا أنّها تضم الأدعية المأثورة التي دعا بها الأنبياء -عليهم السلام- منها دعاءيونس في بطن الحوت، وقد ورد في ذلك الحديث الشريف: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت، “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”4)، فإنه لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”5)، لذلك فإنّ من قرأ سورة الأنبياء وجد فيها أدعية كثيرة منالأدعية التي استجابها الله تعالى لأنبيائه -عليهم السلام- منها ما يأتي:6)
- “وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ”7)
- “وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ”8)
- “وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ”9)
- “وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ”10)
الإعجاز العلمي في آية كانتا رتقا ففتقناهما
قولُه تعالى في سورة الأنبياء: “كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَ” أي أنّ السماء والأرض كانتا ملتصقتين ففصل بعضهما عن بعض، فجعل السماء سبعًا، وقد ورد هذا في قوله تعالى أيضًا: “فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ”11) وجعل الأرض سبعًا، وفي الآية الكريمة إشارة إلى إعجاز علمي، وهو اتساع السماء، ونظرية تمدّد الكون واتساعه بعد الانفجار الأعظم، وهذا ما يُثبت صحّة العلم الذي أشار إليه القرآن الكريم منذ سنواتٍ طويلة،، وسبب نزول هذه الآية أنّ الكفار كانوا يُشكّكون بالألوهية وبقدرة الله تعالى، فأنزل الله تعالى إشارات قرىنية تدلّ على إعجازه في خلق السماوات والأرض.12)