من المشرفين القدامى
بياض الثلج
تاريخ التسجيل: September-2016
الدولة: ❤ In his heart ❤
الجنس: أنثى
المشاركات: 17,457 المواضيع: 7,913
صوتيات:
7
سوالف عراقية:
0
مزاجي: ماشي الحال
المهنة: موظفة
أكلتي المفضلة: تشريب احمر
موبايلي: نوكيا5
آخر نشاط: 23/May/2020
هل تعلم ...متى منع المعسكر الأموي الإمام الحسين(ع)وأهله من الماء؟
إن منع المعسكر الأموي للحسين (ع) وعائلته وأصحابه من الماء أمر متسالم عليه بين المحدِّثين والمؤرخين من الفريقين ممن أرَّخوا لمقتل الحسين (ع) وقد تواترت الروايات الواردة...
الشيخ محمد صنقور
متى منع المعسكرُ الأموي الحسينَ (ع) وعائلته من الماء، وهل حقاً كان ذلك قبل مقتله بثلاثة أيام؟
في الجواب عن هذا السؤال المتداول كثيرا ن يمكننا القول:
إن منع المعسكر الأموي للحسين (ع) وعائلته وأصحابه من الماء أمر متسالم عليه بين المحدِّثين والمؤرخين من الفريقين ممن أرَّخوا لمقتل الحسين (ع) وقد تواترت الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) في ذلك.
وأما انَّ منعه من الماء كان قبل ثلاثة أيام من مقتله (ع) فقد نصَّ عليه الكثير من المؤرخين:
منهم: الطبري في تاريخه قال: (انَّه لما جاء من عبيد الله بن زياد كتاب إلى عمر بن سعد أما بعد فخل بين الحسين وأصحابه وبين الماء، ولا يذوقوا منه قطرة... قال: فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج على خمسمائة فارس فنزلوا على الشريعة وحالوا بين حسينٍ وأصحابه وبين الماء ان يسقوا منه قطرة، وذلك قبل قتل الحسين بثلاث...(1).
ومنهم: الدينوري المتوفي سنة 282 في كتابه الأخبار الطوال ذكر قريباً مما ذكره الطبري، وأفاد فيما أفاد: (فلمَّا ورد على عمر بن سعد ذلك أمر عمرو بن الحجاج ان يسير في خمسمائة راكب فيُنيخ على الشريعة ويحولوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء، وذلك قبل مقتله بثلاثة أيام، فمكث أصحاب الحسين عطاشى)(2).
وممن نص على ذلك ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ قال: (... ثم كتب إلى عمر يأمره ان يعرض على الحسين بيعة يزيد... وان يمنعه ومن معه الماء فأرسل عمر بن سعد عمرو بن الحجاج على خمسمائة فارس فنزلوا على الشريعة وحالوا بين الحسين وبين الماء، وذلك قبل قتل الحسين بثلاثة أيام... ونادى عبد الله بن الحصين الإزدي: يا حسين أما تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشاً...)(3).
وممن صرح بأن المنع كان قبل ثلاثة أيام من مقتل الحسين (ع) من علمائنا الشيخ المفيد في الإرشاد(4) والفتال النيسابوري في روضة الواعظين(5) والشيخ الطبرسي في كتابه إعلام الورى(6) والسيد محمد بن أبي طالب في المناقب نقلاً عن العوالم ص240.
هذا ومَن لم ينقل من المؤرخين عدد الأيام التي مُنع فيها الحسين (ع) من الماء ذكر ما يقتضي انَّ المنع كان قبل اليوم التاسع من المحرم أي في اليوم الثامن على أبعد التقادير وإلا فالمرجَّح انه كان في اليوم السابع.
فالمؤرخون(7) يذكرون انَّ كتاباً بعثه ابن زياد إلى عمر بن سعد يأمره بالحيلولة بين الماء وبين الحسين ومن كان معه ويذكرون انَّ عمر بن سعد بادر إلى إنفاذ الأمر ثم يذكرون أحداثاً وقعت بعد ذلك وقبل يوم العاشر من المحرم.
منها: ان الحسين لما اشتدَّ به وأصحابه العطش وكادوا يموتون عطشاً دعا بأخيه العباس وصيَّر إليه ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً وبعث معهم عشرين قربة فأقبلوا في جوف الليل حتى دنوا من الفرات فقال عمرو بن الحجاج: من هذا...، فاقتتلوا على الماء قتالاً عظيماً، فكان قوم يقتتلون وقوم يملأون القرب حتى ملأوها....
ويذكر المؤرخون بعد هذا الحادث: أرسل الحسين (ع) إلى عمر بن سعد إنِّي أريد ان أكلمك فألقني الليلة بين عسكري وعسكرك، قال فخرج عمر بن سعد في عشرين فارساً وأقبل الحسين (ع) في مثل ذلك فلما التقيا أمر الحسين (ع) أصحابه فتنحَّوا عنه وبقي معه العباس وابنه علي الأكبر وأمر ابن سعد أصحابه فتنحوا عنه وبقي معه حفص ابنه وغلام له....
ويذكر المؤرخون انه بعد ذلك وفي نفس الليلة وصل إلى عمر بن سعد كتاباً من ابن زياد ورد فيه: يا ابن سعد ما هذه الفترة والمطاولة انظر إنْ بايع الحسين (ع) وأصحابه ونزلوا على حكمي فابعث بهم سلماً وان أبوا فازحف إليهم وإنْ أبيت فاقطع حبلنا وجندنا وسلِّم ذلك إلى شمر بن ذي الجوشن.
ويذكر المؤرخون انه بعد ذلك وصل شمر بن ذي الجوشن في ألف فارس أو أكثر على الاختلاف ويذكرون انه أعطى الأمان للعباس بن علي وأخوته من أمه، ويذكرون أيضاً انَّ عمر بن سعد زحف على معسكر الحسين بعد وصول الشمر في عصر اليوم التاسع من المحرم.
كلُّ هذه الأحداث يذكر المؤرخون انها وقعت بعد الكتاب الذي ورد فيه الأمر بمنع الحسين (ع) من الماء وبعد ان أمر عمر بن سعد عمرو بن الحجاج وبعث معه خمسمائة فارس ليحلوا بين الحسين (ع) وبين الماء.
ومع ملاحظة مجموع هذه الأحداث يحصل الجزم بأنَّ المنع وقع قبل اليوم التاسع من المحرم إذ انَّ اللقاء الأخير بين الحسين (ع) وبين عمر بن سعد لم يقع ليلة العاشر جزماً لأن قرار الحرب كان في عصر يوم التاسع، وقد ذكر المؤرخون انَّ عمر بن سعد قد زحف بمعسكره على معسكر الحسين (ع) إلا انَّ الحسين (ع) استمهلهم سواد ليلة العاشر فقبلوا بعد مفاوضاتٍ وقعت، فالمرجَّح ان اللقاء الأخير بين عمر بن سعد وبين الحسين (ع) وقع في ليلة التاسع من المحرم على أبعد تقدير، وإذا كان كذلك فالقتال الذي وقع في جوف الليل بين أصحاب الحسين (ع) وبين أصحاب عمرو بن الحجاج على الماء كان في ليلة الثامن من المحرم لان هذا الحدث ذكره المؤرخون قبل اللقاء الأخير بين الحسين (ع) وبين عمر بن سعد، على انَّ من الذين شاركوا في القتال وعلى رأسهم العباس كان ممن حضر اللقاء، فيتعيَّن ان يكون القتال على الماء قد وقع قبل ليلة اللقاء، وأبعد التقادير انه تمَّ في ليلة الثامن، ويؤكد ذلك انَّ الظاهر من قول المؤرخين أنَّ الحسين (ع) بعث إلى عمر بن سعد ان "ألقني الليل" أو "فألقني الليلة" ان المبعوث الذي أرسله الحسين (ع) إلى ابن سعد كان قد بعثه إليه نهاراً فيكون ذلك في اليوم الثامن على أبعد تقدير، فإذا كان ذلك قد وقع بعد القتال بين أصحاب الحسين (ع) وبين أصحاب عمرو بن الحجاج على الماء كما هو مقتضى ترتيب المؤرخين فيتعين ان اللقاء وقع في غير الليلة التي وقع فيها القتال فيكون القتال على أبعد التقادير قد وقع في ليلة الثامن من المحرم فالمنع إذن كان في اليوم السابع من المحرم.
ويؤكد ذلك مضافاً إلى ما ذكرناه انَّ القتال وقع بعد اشتداد العطش بالحسين (ع) وأصحابه كما نصَّ على ذلك المؤرخون، وهذا لا يكون إلا بعد يومٍ وليلة أو بعد نهار لانَّ من غير المعقول ألا يكون في معسكر الحسين (ع) ماء أصلاً بحيث يشتدُّ بهم العطش بمجرَّد المنع ،خصوصاً انه كان من المتوقع جداً قيام الأمويين بهذا العمل الشائن، فلا يخفي على مثل الحسين (ع) خبث طبائع القوم، فلا بدَّ وأنْ يكون قد أخذ لنفسه الحيطة وتزوَّد من الماء.
ويتأكد ذلك أيضاً بأن الرسالة التي وصلت إلى عمر بن سعد تستحثُّه على قتل الحسين (ع) وتعاتبه على المطاولة كانت بعد لقاء الحسين (ع) بعمر بن سعد الأخير والذي وقع على أبعد التقادير في ليلة التاسع فلا بدَّ ان يكون بينها وبين الرسالة التي أمر فيها ابنُ زياد بمنع الحسين (ع) عن الماء يومان أو يوم واحد، وذلك بعد ملاحظة المسافة التي تفصل بين ابن زياد ومعسكر عمر بن سعد على ان التعبير بالمطاولة يقتضي ذلك أيضاً.
فالنتيجة المتحصلة من ترتيب الأحداث التي ذكرها المؤرخون هو ان المنع قد وقع قبل ثلاثة أيام على أبعد التقادير وذلك هو المطابق لما صرَّح به جمع من المؤرخين.
الهوامش:
1-الطبري في في تاريخه ج4/311.
2-الأخبار الطوال ص255.
3-الكامل في التاريخ ج4/56.
4- روضة الواعظين ص182.
5- الإرشاد ج2/86.
6-إعلام الورى ج1/452.
7-كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم ج5/92، تاريخ الطبري ج4/321، الكامل في التاريخ لابن الأثير ج4/54، البداية والنهاية لابن كثير ج8/160، جواهر المطالب الدمشقي ج2/282.
المصدر:مركز الهدى للدراسات الإسلامية