يستعد الاتحاد الأوروبي لمواجهة الصين فيما يتعلق بعمليات التجسس الإلكتروني ذات المستويات المثيرة للقلق المرتبطة ببكين والتي تستهدف الصناعة الأوروبية، حيث يقوم قسم الصناعة في المفوضية الأوروبية بصياغة وثيقة تلخص المخاوف الأوروبية بشأن هذه القضية.
ولا يزال بإمكان المفوضية الأوروبية التوصل إلى إجراءات جديدة للدفاع عن الأسرار التجارية الأوروبية خلال هذه الولاية التي تنتهي في أيار/مايو من العام القادم.
واجتمعت المفوضية الأوروبية قبل عدة أيام بمجموعة من الخبراء الحكوميين الوطنيين ومسؤولين في الشؤون الخارجية ومجموعات الضغط في الصناعة لتتعرف على دراسة أجرتها شركة برايس ووترهاوس كوبرز PwC وقسم الصناعة في المفوضية، والتي من المحتمل أن تؤدي إلى تحرك الاتحاد الأوروبي في الأشهر القادمة.
كما تقدم الدراسة نظرة خاطفة على “مخاوف القطاع العام والخاص حول المخاطر المتزايدة المرتبطة بالسرقة السيبرانية للأسرار التجارية في أوروبا”، والتي قالت إن التجسس الصناعي وسرقة الأسرار التجارية في قطاع الصناعات التحويلية يشكل ما يصل إلى 94% من جميع الهجمات السيبرانية.
وتشير التقديرات إلى أن التجسس الإلكتروني يكلف أوروبا ما يصل إلى 60 مليار يورو فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي، وهو رقم سيرتفع مع قيام الشركات الأوروبية برقمنة خدماتها.
وقالت اللجنة إن شركة PwC سوف تقوم بوضع اللمسات الأخيرة على التقرير في وقت لاحق من هذا الشهر، على أن تفرج اللجنة عن التقرير بعد ذلك.
وتأتي مبادرة اللجنة في وقت يتزامن مع ظهور تقرير من وكالة بلومبرغ يتضمن تحقيقاً موسعاً حول كيفية زرع الصين لرقاقات بالغة الصغر في أجزاء من الخوادم التي تشق طريقها إلى السوق العالمية وإلى مراكز خوادم خدمات أمازون السحابية وآبل وغيرها من شركات التكنولوجيا.
ووفقاً للتقرير فإن تلك الرقاقات تسمح للصين بالوصول إلى البيانات الموجودة ضمن تلك الخوادم، ونفت العديد من شركات التكنولوجيا تلك المزاعم الواردة في التقرير.
كذلك أشارت التقارير السابقة باستمرار إلى بكين باعتبارها أكثر الحكومات نشاطاً في العالم في مجال التجسس الإلكتروني.
وحذرت دراسة أجرتها شركة مانديانت Mandiant الأميركية للأمن السيبراني عام 2013 من هذا الأمر، وسعت الحكومات في أنحاء العالم إلى عقد صفقات مع الصين لوقف هذه الممارسة.
وأبرمت الولايات المتحدة اتفاقاً بخصوص هذا الشأن مع الصين عام 2015، لكن مسؤولي الاستخبارات اشتكوا من أن نظرائهم الصينيين لم يلتزموا بشروط الاتفاقية. وحذرت وزارة الأمن الداخلي في وقت سابق من هذا الشهر الصناعة من أن مجموعة القرصنة "Cloudhopper" المرتبطة ببكين تقوم مرة أخرى بشن حملة واسعة النطاق على مقدمي خدمات التكنولوجيا لاختراق وسرقة الأسرار الصناعية.
وأوصت دراسة برايس ووترهاوس كوبرز PwC بأن ينخرط الاتحاد الأوروبي، وكذلك الدول الأعضاء، في محادثات مماثلة للحوار الأميركي الصيني، كما تقول أيضا إن الاتحاد الأوروبي يمكنه توسيع نطاق طلباته فيما يتعلق بالإبلاغ عن الحوادث الإلكترونية للشركات خارج قطاعات البنية التحتية الحيوية.
وأضافت الدراسة أن 60% من المستجيبين الذين يتفقون مع الحاجة إلى الإخطارات قالوا إنه يجب جعل نظام الإخطار هذا إلزامياً عبر الاتحاد الأوروبي. وكان الاتحاد الأوروبي في الماضي حذراً بشأن الخوض في هذه النقاشات بالمقارنة مع الحكومات الوطنية في أوروبا وخارجها، فهي تفتقر إلى الوكالات الاستخباراية، وما زالت تصارع بشأن ما إذا كان بإمكانها أن تنسب الهجمات الإلكترونية إلى بلدان ثالثة.
بيد أن الصناعة الأوروبية أصبحت قلقة بشكل متزايد بشأن هذه القضية. وذكرت دراسة PWC أن الأشخاص الذين يعملون في القطاعات الصناعية في إيطاليا وفرنسا وألمانيا وهولندا هم الأكثر قلقاً بشأن التجسس الإلكتروني، وأن ألمانيا هي الأكثر تضرراً، حيث أبلغت 17% من الشركات عن سرقة بيانات حساسة بين عامي 2015 و2017.
وأصدر أكبر اتحاد تجاري في أوروبا BusinessEurope بياناً يطالب فيه الاتحاد الأوروبي بوضع “استراتيجية لردع الجهات الفاعلة المعادية” مثل الصين.
وقالت المجموعة إنه "يمكن النظر في العمل الدبلوماسي أو الانتقام الاقتصادي”، لافتة إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يسعى للتعاون مع الولايات المتحدة واليابان ودول أخرى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لتطبيق الضغط السياسي.
المصدر : العربية