"المراهقون": اضطرابات وثورة وتمرد... كيف على الاهل مواجهة هذه التحديات!؟




يُمكن تعريف المُراهقة بأنّها فترة زمنيّة مُعيّنة من حياة الإنسان، تمتدّ من انتهاء مرحلة الطفولة المُتأخّرة إلى بدء مرحلة سن الرُّشد، وتتفرّد عن غيرها من المراحل بتغيُّر في حالة الإنسان العقليّة، والاجتماعيّة، والانفعاليّة، والجسديّة.
المراھقة ھي من أصعب الفترات والمراحل العمرية التي ً يمر بھا الإنسان، فكثیرا ما يشوبھا الاضطرابات والثورة والتمرد من قبل المراھق أو المراھقة كما يتأثر الآباء بھذه المرحلة العابرة لكن آثارھا تبقى مدى الحیاة ملازمة لشخصیة الفرد .. عما إذا كانت شخصیة سوية أم غیر سوية.
ولكي يتم بناء شخصیة المراھق/المراھقة بشكل سلیم متجاوزة الاضطرابات والمشاكل ومرورھا بسلام، توجد بعض الأسس والمفاھیم التي ينبغي أن تُفھم حتى يستطیع الأب والأم بل والأبناء من فھم احتیاجاتھم النفسیة والعقلیة.

مميزات مرحلة المراهقة
تتميز مرحلة المراهقة بالنموّ المُتسارع مقارنةً مع المَرحلة السابقة لها والمرحلة التي تليها، فيظهر النموّ والنُّضج في كافة الجوانب والأبعاد الشخصية، كذلك يسير الفرد نحو التقدم في النمو ومُستويات مُرتفعة من النضج الانفعالي والاجتماعي، وارتفاع القُدرة على تحمُّل المسؤولية وتقييم الذات من خلال إدراكِ القدرات والاستعدادات والإمكانات الذاتيّة التي تصقلها الخبرات وتجارب النجاح والفشل المُختلفة، وتَطوير مهارات التفكير والتخطيط للمستقبل، واتّخاذ القرارات بما يتعلّق بالقَضايا المصيريّة التي تمسّ حياة الفرد الخاصة، بالإضافة إلى تقدّم النمو بشكلٍ مُتسارع في الجوانب الجسميّة والجنسيّة.

أبرز المشكلات والتحديات السلوكية في حياة المراهق:
الصراع الداخلي: حيث يعاني المراهق من جود عدة صراعات داخلية، ومنها: صراع بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة والأنوثة، وصراع بين طموحات المراهق الزائدة وبين تقصيره الواضح في التزاماته، وصراع بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد الاجتماعية، والصراع الديني بين ما تعلمه من شعائر ومبادئ ومسلمات وهو صغير وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة للحياة، وصراعه الثقافي بين جيله الذي يعيش فيه بما له من آراء وأفكار والجيل السابق.
الاغتراب والتمرد: فالمراهق يشكو من أن والديه لا يفهمانه، ولذلك يحاول الانسلاخ عن مواقف وثوابت ورغبات الوالدين كوسيلة لتأكيد وإثبات تفرده وتمايزه، وهذا يستلزم معارضة سلطة الأهل؛ لأنه يعد أي سلطة فوقية أو أي توجيه إنما هو استخفاف لا يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهرياً لقدرات الراشد، واستهانة بالروح النقدية المتيقظة لديه، والتي تدفعه إلى تمحيص الأمور كافة، وفقا لمقاييس المنطق، وبالتالي تظهر لديه سلوكيات التمرد والمكابرة والعناد والتعصب والعدوانية.
الخجل والانطواء: فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعور المراهق بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فتزداد حدة الصراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي والانطواء والخجل.
السلوك المزعج: والذي يسببه رغبة المراهق في تحقيق مقاصده الخاصة دون اعتبار للمصلحة العامة، وبالتالي قد يصرخ، يشتم، يسرق، يركل الصغار ويتصارع مع الكبار، يتلف الممتلكات، يجادل في أمور تافهة، يتورط في المشاكل، يخرق حق الاستئذان، ولا يهتم بمشاعر غيره.
العصبية وحدة الطباع: فالمراهق يتصرف من خلال عصبيته وعناده، يريد أن يحقق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، ويكون متوتراً بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين به.
أهم ما يعاني الآباء منه خلال هذه المرحلة مع أبنائهم:
* الخوف الزائد على الأبناء من أصدقاء السوء.
* عدم قدرتهم على التميز بين الخطأ والصواب باعتبارهم قليلو الخبرة في الحياة ومتهورون.
* أنهم متمردون ويرفضون أي نوع من الوصايا أو حتى النصح.
* أنهم يطالبون بمزيد من الحرية والاستقلال.
* أنهم يعيشون في عالمهم الخاص، ويحاولون الانفصال عن الآباء بشتى الطرق.

طرق علاج المشاكل التي يمر بها المراهق:
اتفق خبراء الاجتماع وعلماء النفس والتربية على أهمية إشراك المراهق في المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته، وتعويده على طرح مشكلاته، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة، وإحاطته علماً بالأمور الجنسية عن طريق التدريس العلمي الموضوعي، حتى لا يقع فريسة للجهل والضياع أو الإغراء.
كما أوصوا بأهمية " تشجيع النشاط الترويحي الموجه والقيام بالرحلات والاشتراك في مناشط الساحات الشعبية والأندية، كما يجب توجيههم نحو العمل بمعسكرات الكشافة، والمشاركة في مشروعات الخدمة العامة والعمل الصيفي... إلخ".
كما أكدت الدراسات العلمية أن أكثر من 80% من مشكلات المراهقين في عالمنا العربي نتيجة مباشرة لمحاولة أولياء الأمور تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، ومن ثم يحجم الأبناء، عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها أو حلها.
وقد أجمعت الاتجاهات الحديثة في دراسة طب النفس أن الأذن المصغية في تلك السن هي الحل لمشكلاتها، كما أن إيجاد التوازن بين الاعتماد على النفس والخروج من زي النصح والتوجيه بالأمر، إلى زي الصداقة والتواصي وتبادل الخواطر، و بناء جسر من الصداقة لنقل الخبرات بلغة الصديق والأخ لا بلغة ولي الأمر، هو السبيل الأمثال لتكوين علاقة حميمة بين الآباء وأبنائهم في سن المراهقة".
وقد أثبتت دراسة قامت بها الـ (Gssw) المدرسة المتخصصة للدراسات الاجتماعية بالولايات المتحدة على حوالي 400 طفل، بداية من سن رياض الأطفال وحتى سن 24 على لقاءات مختلفة في سن 5، 9، 15، 18، 21، أن المراهقين في الأسرة المتماسكة ذات الروابط القوية التي يحظى أفرادها بالترابط واتخاذ القرارات المصيرية في مجالس عائلية محببة يشارك فيها الجميع، ويهتم جميع أفرادها بشؤون بعضهم البعض، هم الأقل ضغوطًا، والأكثر إيجابية في النظرة للحياة وشؤونها ومشاكلها، في حين كان الآخرون أكثر عرضة للاكتئاب والضغوط النفسية.

على الاهل حسن التعامل مع المراهق لحل مشاكله من خلال عدة طرق:
• السيطرة بشكل غير مباشر على مظهر الأبناء المراهقين .
• مناقشة أمور الموضة و الستايل و الذوق السائد مع الأبناء .
• التعرض لمسألة التغذية الصحية و الرشاقة المطلوبة من دون مبالغة بالتفكير بهذا الشأن .
• التأكد من نوعية رفقة الأبناء المراهقين و مدى تأثيرهم عليهم ، و ابداء النصح و التصحيح للسلوك الخاطئ.
• التأكد من التزام الابناء بالدراسة و فهم المواد المدرسية جيدا لتحقيق العلامات العالية ، مع الحرص على عدم الضغط عليهم و استكشاف أماكن الضعف و القوة في تعليمهم للمواد .
• تشجيع الابناء المراهقين على ممارسة نشاطات بدنية و فعاليات خاصة بالهوايات المختلفة مثل الفنون و الآداب ، و التي ترفع مستوى استيعاب الأبناء و تزيد من مستوى استيعابهم و تركيزهم على الأمور الدراسية الأساسية.
• الأفضل مناقشة الخلافات في حينها و عدم ترك الأمور تتعقد ، و أن تطوى صفحة الخلافات بعد حين لبدء صفحة جديدة.
• يجب تعليم الابناء أن الاعتذار حين الخطأ واجب ، و لا ينقص من مكانة الشخص .
• التاكد من عدم اعتماد الأبناء المراهقين المشاهير كقدوة لتقليدهم .
• الشرح للأبناء بشكل ودي و صريح بأن لكل إنسان شخصيته و اختلافه عن الآخر ، فلكل منا نقاط ضعفه السلبية و قوته الإيجابية .
• دفع الابناء المراهقين على ممارسة هواياتهم الخاصة ونشاطاتهم الشخصية لتعزيز مواهبهم الخاصة .