سيامند و خجي
قصة حب من تراث الكوردي
نشأ سيامند يتيما لم ينعم برعاية الأب وحنان الأم ، لم يبال بالمال ، اشترى حصانا وتوجه إلى جبل ( سيبانيه خلاتيه ) وأكثر من التجوال في كل هذه الجهات وصاد الغزلان والوعول وغيرها ، سمع باسم قبيلة كبيرة بعيدة ثم قال سيامند : لماذا لا أزور هذه القبيلة ، راح يسأل الرعاة في طريقه إليها من هم وكيف يعيشون ومن يتزعمها ،تردد أول الأمر ، هل سينزل ضيفا على بيت الزعيم ، لا ، سأنزل على الرجال الأقوياء من أمثالي ، حل ضيفا على بيت فيه سبعة رجال ولهم أخت تدعى ( خجي ) تحاب سيامند خجي لأول نظرة وتلافت النظراتكانت خجي مخطوبة لأبن زعيم العشيرة ، فكرت خجي فيما ستقدم عليه " نحن ثلاثة أنا وسيامند وابن الزعيم ولا بد أن تكون أثنين فقط ، فليكن سيامند " هكذا حدثت نفسها ، عرف إخوتها الأمر وأقسموا على رفض زواجها من سيامند ، تذكر سيامند رفاق الصيد في الجبال ، هبت في نفسه هوايته " امتطى الحصان وتوجه إلى الوديان والجبال – بعد مدة صادف جماعة من الغجر مزاودهم مليئة باللحم والرز أستغرب سيامند من أمرهم ، قال من أين لكم هذا الطعام ؟ أجابوه : إذا كنت تحب الرز باللحم فاذهب إلى حفلة الزفاف المقامة لأجل خجي وابن زعيم العشيرة ، ثارت ثائرته :امتطى حصانه وكر راجعا صوب العشيرة ، سأخطف خجي ، ولكن هل سأخطفها سرا كاللصوص أم سأخطفها نهارا وجهارا ؟ التقى بها : خجي هل توافقين على ما عقدت العزم عليه ، لم تتردد خجي في الموافقة ، نادى سيامندنافخ المزمار وضارب الطبل والمنشد ورمى اليهم قطعا ذهبية وطلب منهم " أن يعلنوا ويهتفوا " الشاباش " باسمه وسام خجي وعلى شرفهم ، خافوا أولا وترددوا ثم صاحوا : المجد لسيامند ، المجد لخجي .
رفع سيامند خجي و أركبها وراءه على الحصان أمام أعين الرجال والنساء امتطى رجال الزعيم الصهوات وحاولوا اللحاق بسيامند ، ولكنه كان يسابق الريح ، صعد سيامند جبل (خلات) ، وقال : يا خجي أريد الاستراحة ، وأن أضع رأسي على ركبتيك وأنام برهة ، وضع رأسه على ركبة خجي وغرق في نوم عميق .مر سرب من الأيائل ، حولها سبعة من تيوس الأيائل قد أبعد عنها أيل أعور أعرج مكسور القرن ، اضطرب فؤاد خجي قالت في نفسها : إن التيوس السبعة هم إخوتي والأيل هو سيامند والظبية الجميلة هي أنا ، وبكت حتى سقطت دموعها على وجه سيامند ،فاستيقظ و قال : خجي قسما بالله لئن كنت ندمت فلن أتزوجك ، وسأعيدك إلى أهلك كما أتيت طاهرة بريئة .
قالت : لولا حبي لك ورضائي بك لما أتيت معك من أول الأمر ولا عرضت نفسي للخطر والغربة ولكن حبي لك جعلني أتخلى عن كل ذلك ن وأرافقك في الوديان والجبال ، إذن ما سبب هذا البكاء إن لم يكن بكاء ندم ،فأفصحت له عن السبب ، قال سيامند : خجي أناسيامند وتقارنين بالأيل الأعور الأعرج .. سوف أصيد ذلك الأيل وأذبحه ، وبعد أن قطع مسافة رآه واقفا على صخرة مشرفة على واد سحيق ، منفردا بالظبية الذهبية ، سدد إليه السهم في نحره وجرد النصل من الغمد ووضعه على عنقه يذبحه فاضطرب الأيل بشدة وصدم سامند صدمة عنيفة ألقت به في الهاوية السحيقة فوق شجرة يابسة مسنونة الأغصان ، اخترق غصن حاد ظهره ونفذ من صدره .
مكثت خجي برهة ولاحظت أنه تأخر أكثر من المنتظر ، وراحت تبحث عنه ، الأيل مطروح هناك نصف مذبوح ولكن أين سيامند ؟
سمعت أنين سيامند يتعالى من الوادي ، أطلت عليه فإذا هو ملقى على ظهره منشوب في الشجرة اليابسة فأجهشت بالبكاء. قال سيامند : كفاك بكاء ، أما أنا في الرمق الأخير، اصعدي إلى الأعلى عسى أن تشاهدي إخوتك السبعة
، رأت خجي أثنين من إخوتها يتقدمان صوبها ويدققان النظر فيها ، ظلت خجي صامتة جامدة من الحزن والخجل ، وحينذاك ترامى إلى أسماعهم أنين سيامند آتيا من تحتهم ، قالوا : سيامند ما جرى لك ؟ رد سيامند : إنكم ترون بأعينكم ما جرى لي … أخذوا أختهم وجوادسيامند وغادروا المكان كأن لم يحدث شيء ، فكرت خجي : يريدون إعادتي وتزويجي بابن زعيم العشيرة وهل يوجد من يقارب سيامند حسنا وشهامة ، لا ، لا ، خلعت خجي خلخالها الذهبي ورمته خفية في الطريق ثم قالت أيها الأشقاء نسيت خلخالي هناك انتظروني ريثما أعود به حالا ، عادت إلى شفة الهاوية ثم قالت : سيامند أفسح لي المكان ، سألقي بنفسي إلى جانبك ، لا أريد أن أسبب مزيدا من الألم لجرحك العميق ، قال سيامند : استحلفك بالله أن لا تغامري بحياتك ، أما أنا فقد كان الأمر خطأ خارجا عن إرادتي ، وقفت خجي وعصبت عينيها الجمليتين بمنديلها الذهبي و ألقت بنفسها في الهاوية فوق الشجرة اليابسة واستقرت هامدة بجانب سيامند … انكفأ الإخوة على أعقابهم راجعين إلى خجي ، رأوا أن خجي ساكنة سكون الأبد بجانب سيامند يهفو عليهما أريج عابق ونسيم عليل.