لطالما اعتبرت الفلسفة نفسها أم العلوم، لكن التطوّر والقفزات المذهلة والآفاق التي أوصَلَت الفيزياء البشرية إليها وخاصةً في القرن الأخير، جعل الفيزياء هي التي تحظى باللقب بجدارة، بالطبع هي بحاجة الفلسفة دومًا، لكنّ كيانها العملاق عصيٌ على الزمن.
بالنسبة لفيزيائي، قد يُمضي أعوامًا في معادلةٍ واحدة دون أن يصيبه كلل أو ملل، بل إنَّه مستمتعٌ حقًا.
لكن ماذا عن العامة الذين لم يعرفوا الفيزياء إلّا عبر المقررات الدراسية؟؟
لهؤلاء نقول: أولًا أحبوا الفيزياء فهي التي تحكم العالم،
وثانيًا إليكم مقالنا هذا الذي سيأخذ بيدكم في أروقة الفيزياء مقدمًا إليكم شرحًا لما ستلتقونه من مصطلحات فيزيائية قد تصيبكم بالحيرة.
التولد التلقائي Abiogenesis
هو دراسة الكيفية التي تلخص إمكانية نشوء الحياة على الأرض ابتداءً من المادة غير الحية. ولا يجب الخلط بين هذا المفهوم ومفهوم التطوّر Evolution (وهو دراسة الكيفية التي تطورت وفقها الأحياء عبر الزمن)، والنشوء الحيوي Biogenesis (عملية إنتاج أشكال الحياة لغيرها من أشكال الحياة) أو التكاثر العفوي Spontaneous Generation (وهي نظريةٌ قديمةٌ لنشوء الحياة بشكلها المعقد ابتداءً من مادةٍ غير حية على مدار حياتنا اليومية).
الصفر المطلق Absolute Zero
درجة الحرارة الأدنى التي يمكن الوصول إليها، والتي تعادل 273.15 (أو 0 درجة على مقياس كالفن المطلق). عند درجة الحرارة هذه تتوقف جميع الذرات عن الحركة وتصبح طاقة الجزيء في حدها الأدنى، والفكرة القائلة باستحالة تخفيض درجة حرارة أيّ نظامٍ فيزيائي إلى الصفر المطلق تُدعى بالقانون الثالث في الترموديناميك.
القرص التراكمي Accretion Disk
هي المادة المتبعثرة حول جسمٍ مركزي كنجمٍ في طور التشكل والنجوم الفتية والنجوم النيوترونية أو الثقوب السوداء. وتسبب الجاذبية دوران المادة ضمن القرص على شكل دوامةٍ تتجه أذرعها نحو الجسم المركزي بسرعةٍ كبيرةٍ، وتسبب القوى الجذبوية المؤثرة على المادة إصدارها لأشعة إكس، وأمواج راديوية أو أنواع أُخرى من الإشعاعات الكهرومغناطيسية.
جسيم ألفا Alpha Particles
هو جسيم مؤلف من بروتونين ونيترونين (كما نواة ذرة الهيليوم)، وتصدره نواة نشطة إشعاعيًا وغير مستقرة خلال الاضمحلال الإشعاعي radioactive decay… وهو جسيم ضعيف النفوذ نسبيًا بسبب طاقته المنخفضة نسبيًا وكتلته العالية.
الزخم الزاوي Angular Momentum
هو قياس زخم جسم في حركةٍ دورانية حول مركز كتلته، وهو حاصل جداء كتلة الجسم بمتجه موقعه (بعده عن مركز الدوران)، ومتجه سرعته (سرعة دورانه حول مركز كتلته). أمَّا الزخم الزاوي لمنظومة فهو مجموع الزخم الزاوي لكلٍّ من الجسيمات المكونة لها، ويبقى هذا المقدار مصانًا ما لم تؤثر عليه قوة خارجية.
مبدأ الأنتروبي Anthropic Principle
فكرة صحة الثوابت الكيميائية والفيزيائية (أو انضباطها) لتسمح للكون والحياة بالوجود على الصورة التي نعرفها، لكنّ الواقع يقول أنَّ الكون هو على ما هو عليه بسبب قيامنا برصده. لذا، نجد أنفسنا في الكون وعلى الكوكب، حيثُ الظروف ملائمة لأشكال حياتنا.
المادة المضادة Antimatter
هو مجموعةٌ كبيرةٌ من الجسيمات المضادة من بروتونات مضادة وبوزيترونات (إلكترونات مضادة) لها خصائص مضادة للجسيمات الاعتيادية (كمعاكستها لها في الشحنة مثلًا)، ويمكن لهذه الجسيمات أن تتحد مكونة الذرات المضادة. وعند التقاء المادة بالمادة المضادة، يفنيان بعضهما البعض ذاتيًا مسببين إصدارًا قويًّا لفوتونات عالية الطاقة أو أشعة غاما. ويبدو أنَّ قوانين الفيزياء تتوقع وجود المادة والمادة المضادة مناصفةً، لكن الكون المرصود يشير إلى تشكله الظاهري من المادة بشكلٍ كاملٍ، ويُعرف ذلك بتباين باريون.
الذرة Atom
وحدة البناء الأساسية للمادة الطبيعية، وتتألف من نواة تتألف بدورها من بروتونات موجبة الشحنة ونيترونات عديمة الشحنة، تدور حول هذه النواة غمامةٌ إلكترونيةٌ سالبة الشحنة، والذرة بالمجمل متعادلة كهربائيًا، ويتراوح قطر الذرة من 32 وحتى 225 بيكو متر (والبيكومتر هو جزء من مليون جزء من المتر)، ومقطعٌ عرضي في شعرة من شعر البشر تغطيه مليون ذرة كربون.
جسيم بيتا (اضمحلال بيتا) Beta Particles (Beta Decay)
هي إلكترونات أو بوزيترونات (إلكترونات مضادة) تصدر نتيجة نوعٍ محدد من التفكك الناجم عن النشاط الإشعاعي لدى خضوع نواة ذرية غير مستقرة لديها فائضٌ من النيترونات أو الإلكترونات لتفكك بيتا (وهي عملية تتمّ بوساطة القوى النووية الضعيفة)، وتكون الجسيمات الصادرة عبارةً عن إشعاعاتٍ متأينة، تُعرف بأشعة بيتا أيضًا.
الانفجار الأعظم Big Bang
هو الانفجار الذي حصل منذ ما يزيد عن 13.7مليار سنة، والذي يُعتقد أنَّه سبب ولادة الكون (بكل مكوناته من فضاء وزمان وطاقة). ووفقًا لهذه النظرية، بدأ الكون من حالةٍ فائقة الكثافة والحرارة ومنذ ذلك الحين وهو آخذٌ بالبرودة والتمدد، وصاغ هذه العبارة للمرة الأولى فريد هويل Fred Hoyle عام 1949 أثناء برنامجٍ إذاعي.
الانكماش العظيم Big Crunch
هو أحد السيناريوهات الممكنة للمصير النهائي للكون، وينص على أنّ جاذبية المادة في الكون ستضعف وتسبب انعكاس التوسع الكوني وفق نموذج يشبه انعكاسًا في مرآة للانفجار الأعظم، وينص ذلك ضمنيًّا على وجود كتلةٍ حرجة، ووفقًا للنظرية سيتسبب ذلك تداعي الكون في متفرد ثقب أسود، ولكن ذلك ليس السيناريو المرجح حاليًّا في ضوء الأدلة الأخيرة حول كونٍ متسارع.
الجسم الأسود Black Body
هو جسمٌ مثالي يمتص جميع الأشعة الكهرومغناطيسية التي تقع عليه، دون أن تعبر خلاله أو تنعكس. والأشعة الصادرة من الجسم الأسود بدرجة حرارة الغرفة هي بمعظمها أشعة تحت الحمراء، لكنّه ومع ارتفاع درجة الحرارة يبدأ بإصدار أطول موجية للضوء المرئي بكلِّ ألوان الطيف المرئي اعتبارًا من الأحمر وحتى الأزرق، ومن ثم يصدر الأشعة فوق البنفسجية عند درجات الحرارة العالية جدًا.
الثقب الأسود Black Hole
هو الزمكان المشوه المتبقي بعد أن تسبب جاذبية جسم فائق الكتلة تقلصه ليصبح نقطةً واحدةً. إنّّها منطقةٌ من الفضاء الخالي في مركزها نقطة تدعى المتفرد Singularity مع أفقٍ للحدث Event Horizon على حوافه الخارجية، إنّه من الكثافة بحيث لا تتمكن أيّة مادةٍ اعتيادية أو أشعة من الهروب من حقله الجذبوي، وبالتالي لا يمكن لشيء أن يخرج منه حتى الضوء، ومن هنا نال لقب سواده. والاعتقاد الشائع يقول بأنَّ معظم المجرات لها ثقبٌ أسود في مركزها.
الفيزياء الكلاسيكية Classical Physics
المصطلح الذي يصف الفيزياء القائمة على المبادئ التي تمّ تطويرها قبل ظهور النسبية العامة وميكانيكا الكم، وتمثل بشكلٍ أساسي الفيزياء التي وُجدت حتى مطلع القرن العشرين، وتتضمن الميكانيكا الغاليلية والنيوتونية، وديناميكا ماكسويل الكهربائية، وترموديناميك بويل وكالفن، وهي تضمّ أيضًا نسبية أينشتاين الخاصة.
التكامل Complementarity
هي فكرةٌ من أفكار النظرية الكمومية، وتقول بأنَّ العناصر يمكن أن تُحلل بشكلٍ منفصل كما لو أنَّ لها خصائص متناقضة ولا تعتمد على بعضها ظاهريًّا. فعلى سبيل المثال، الخاصة الجسيمية للضوء، إذ يمكن أن يسلك الضوء سلوكًا موجًّا أو ماديًّا، لكنّه لن يسلك السلوكين في الآن ذاته.
مبدأ كوبرنيكوس Copernican Principle
الفكرة القائلة بأنّ ليس هناك ما هو مميزٌ حول موقعنا في الكون، إنّها النسخة المعممة من اعتراف كوبرنيكوس بأنَّ الأرض ليست سوى كوكب يدور حول الشمس، وليس العكس هو الصحيح والقائل بأنَّها مركز الكون.
إشعاع الخلفية الكونية الميكروي
Cosmic Microwave Background Radiation
اختصارًا CMB هي التوهج الذي تلا الانفجار الأعظم، وهي أشعة راديوية ما زالت تتخلل كلّ أرجاء الكون بنفس الشدة والتوزيع، وتبلغ درجة حرارتها -270 درجة سيلزيوس، أي فوق الصفر المطلق بثلاث درجات، وتُعدُّ أفضل دليلٍ على صحة النموذج القياسي لنشأة الكون عبر الانفجار الأعظم.
التضخم الكوني Cosmic Inflation
تعبر هذه الفكرة عن التمدد الذي خضع له الكون بسرعة خيالية (أسية) في أجزاء الثانية التي تلت الانفجار الأعظم بسبب فراغ الفضاء حينها. طوّر هذه النظرية آلان غوث Alan Guth في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي لتفسير تناقضات ومشاكل محددة شابت نظرية الانفجار الأعظم الأساسية، كتلك المتصلة بالبنية واسعة النطاق لمعالم الكون ومشكلة الأفق ومشكلة التفلطح، وأحادية القطب المغناطيسي.
الأشعة الكونية Cosmic Rays
هي جسيماتٌ عالية الطاقة والسرعة (تؤلف البروتونات 90% منها) توجد في الفضاء الذي يمس الغلاف الجوي للأرض. بعضها وليد شمسنا، وآخر ناتج عن المستعرات العظمى (السوبرنوفا)، كما أنَّ بعضها لم يُعرف مصدره حتى الآن في أقاصي الكون. وعبارة (إشعاع Ray) هي خطأٌ في التسمية، فالجسيمات الكونية تصل الأرض بصورةٍ فردية، وليس على شكل أشعة أو حزمة من الجسيمات.
الثابت الكوني Cosmological Constant
هو مصطلحٌ أضافه ألبرت أينشتاين كتعديلٍ لنظريته الأصلية في النسبية العامة، لخلق توازن مع القوة الجاذبة للجاذبية ولتحقيق كون ساكن وخامل. إنّها تمثل إمكانية وجود كثافة وضغط مصحوبتين بكونٍ خالٍ ظاهريًّا، وأنَّ الطاقة الإجمالية الكلية للكون هي أكبر بكثيرٍ عمليًّا ممّا هو متوقعٌ حاليًّا. لقد رُفض هذا الثابت كمعامل تصحيحٍ رياضي، لكنّه عاد إلى الواجهة في السنوات الأخيرة مع اكتشاف التوسع الظاهري المتسارع للكون.
المبدأ الكوني Cosmological Principle
نقطة البداية في نظرية النسبية العامة ونظرية الانفجار الأعظم أنَّه وبشكلٍ وسطي على مدى المسافات الشاسعة، يشبه أحد أجزاء الكون تقريبًا باقي الأجزاء. لذا، وبالنظر إلى المسافات الشاسعة، لا يوجد اتجاهٌ مفضلٌ أو أماكن مفضلة في الكون. وبصياغةٍ تقنية، الكون هو مكانٌ متجانس ومتناظر على نطاقاتٍ مكانيةٍ كبيرةٍ.
الكتلة الحرجة Critical Mass أو الكثافة الحرجة Critical Density
بالحديث عن الكون بأسره، تشير الكتلة الحرجة إلى كتلة المادة الكلية المطلوبة في الكون والتي ستسمح لتأثيرات الجاذبية بالتغلب على توسعه المستمر. فإن كان هنالك في الكون مقدارٌ من المادة تفوق كتلتها الكتلة الحرجة للمادة، ستعكس جاذبيتها التمدد الكوني، مسببةً تداعي الكون رجوعًا إلى ما يسمى بالانكماش الأعظم، أمَّا إن لم يكن مقدار المادة كافيًا، فسيستمر تمدد الكون إلى الأبد. وبنفس الطرية، فإنَّ الكثافة الحرجة هي كثافة المادة الكلية في الكون التي ستسمح باستمرار التمدد.
وفي سياقٍ آخر، تُستخدم الكتلة الحرجة للإشارة إلى مقدار المواد الانشطارية المطلوبة لاستمرار الانشطار النووي.
للامانة منقول