الفضاء ساحة أخرى في الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا، هذه الساحة التي لطالما كانت محور تنافس عظيم بين القوتين العظميين منذ ارسال أول مركبة إلى الفضاء..
لكن هذه الحرب التي شهدت سكوناً نوعا ما مؤخراً تعود لتشتعل من جديد بعد الكشف عن ثقب صغير في هيكل المحطة الدولية التابعة لناسا ، حيث يحرص المسؤولون الروس على احتواء تداعيات حقيقة وجود هذا الثقب، كي لا يتحول إلى شرخ في التعاون مع الولايات المتحدة في مجال الفضاء. وبرز هذا الموقف بوضوح في تصريحات دميتري روغوزين، مدير وكالة الفضاء الروسية روس كوسموس، الذي قال خلال حوار تلفزيوني، إن لجنة التحقيق استبعدت فرضية أن يكون الثقب في المركبة الفضائية نتيجة خطأ خلال الإنتاج والتصنيع على الأرض، ما يعني استبعاد الفرضية التي تحمل الجانب الروسي المسؤولية عن الحادثة.
في المقابل خلصت اللجنة إلى استنتاج مفاده أن هناك من تعمد إحداث الثقب في جدار المركبة الفضائية (سيوز - 09). ورفض روغوزين الكشف عن المزيد من تفاصيل التحقيق حول مصدر الثقب، وتجنب تحميل رواد الفضاء الأميركيين على متن المحطة الدولية المسؤولية عن ظهور الثقب، وقال: إن قلت أي شيء إضافي، سيحدث ثقب في العلاقات (مع وكالة ناسا).
وتعود حادثة الثقب على متن المحطة الفضائية الدولية إلى نهاية أغسطس (آب) الماضي، حين اكتشف رواد الفضاء أن الضغط داخل المحطة بدأ ينخفض، ونتيجة البحث والتحقق اكتشفوا وجود ثقب على جدار مركبة الشحن الفضائية الروسية سيوز إم سي - 09.
وفور اكتشاف الثقب قام رواد الفضاء بإغلاقه بواسطة مادة عازلة، وأكدوا عدم وجود ما يدعو للقلق، وأن الحادثة لا تشكل تهديداً للمحطة الفضائية، أو لحياة العاملين على متنها.
ومنذ بداية التحقيق حول ظروف ظهور الثقب على جدار المركبة الفضائية، تداولت وسائل الإعلام أكثر من فرضية، نقلاً عن مصادر في مؤسسات رسمية روسية. إذ رجح البعض أن الثقب في جدار المركبة روسية الصنع ظهر نتيجة عيب خلال التصنيع، بينما ذهب آخرون إلى الحديث عن احتمال أن يكون أحدهم ثقب جدار المركبة قبل انطلاقها من مطار بايكونور، وهناك من رجح فرضية مفادها أن واحداً من رواد الفضاء الأميركيين على متن المحطة الدولية، تعمد إحداث الثقب، بغية تسريع عملية نقل زميل مريض على متن المحطة إلى الأرض.
وسط هذا التضارب في المعلومات عبر وسائل الإعلام، حرص المسؤولون في وكالة الفضاء الروسية على احتواء الموقف، خشية أن يؤثر على مصير التعاون بين روسيا والغرب في مجال الفضاء، لا سيما أنه المجال الوحيد الذي لم يتأثر بالتوتر السياسي بين الجانبين، ولهذا يحمل بالنسبة لروسيا رمزية محددة، كونه يؤكد وجود مجالات عدة للعمل المشترك، رغم التوتر في المستوى السياسي من العلاقات.
وكان دميتري روغوزين مدير وكالة الفضاء الروسية، بحث قضية الثقب مع جيم بريدينستاين، مدير وكالة ناسا، خلال اتصال هاتفي مطلع سبتمبر (أيلول)، اتفقا خلاله على ضرورة حل هذه المسألة عبر تعاون وثيق بين الوكالتين.
ومن ثم انتقد روغوزين التسريبات عبر وسائل الإعلام حول أسباب الحادثة، وكتب على حسابه في فيسبوك إن تداول تلك التسريبات يعرقل عمل لجنة التحقيق ويرمي إلى تخريب العلاقات الطيبة بين أعضاء طاقم المحطة الفضائية الدولية، وشدد على أن «المعلومات بناء على تسريبات غير مقبولة إلى أن تعلن اللجنة نتائج التحقيق رسمياً.
وفي الوقت الذي يستمر فيه التحقيق في الحادثة، بما في ذلك عملية كشف خارجي على هيكل المحطة الدولية سيقوم بها رواد الفضاء بعد أيام، للحصول على معلومات إضافية حول طبيعة الثقب، فإن ظهوره لم يؤثر على الحالة الصحية لرواد الفضاء، باستثناء ظهور 40 شعرة بيضاء جديدة على رأس رائد الفضاء الروسي سيرغي بروكوبيف. وكان رائد الفضاء أوليغ أرتيميف نشر على يوتيوب مقطع فيديو، يظهر فيه وهو يقص شعر زميله بروكوبيف، ويقول له: «وصلت إلى المحطة، وعلى رأسك 7 شعرات بيضاء فقط، والآن أصبحت 47، ورد عليه بروكوبيف قائلاً إن هذا حدث بعد ظهور الثقب على متن المحطة.
وكانت مركبة «سيوز - 09 قد انطلقت من مطار بايكونور الفضائي في كازاخستان يوم 6 يونيو (حزيران)، حاملة على متنها ثلاثة رواد فضاء، روسي وأميركي وألماني، في إطار عملية التبديل الدورية لرواد الفضاء على متن المحطة. وبعد يومين من المناورات التمهيدية في الفضاء التحمت مع المحطة الفضائية الدولية بنجاح.