بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
استخدم الإمام زين العابدين "عليه السلام"
الدعاء
كوسيلة تربوية إصلاحية وأثار في أدعيته كل القضايا التي تهم الإنسان والمجتمع، وقد جمعت تلك الأدعية في كتاب عرف فيما بعد:
بالصحيفة السجادية
وقد صاغ الإمام (عليه السلام) الأدعية عالية المضامين بوحي من القرآن الحكيم تعتبر بحق دائرة معارف عليا لجميع المعارف الإلهية، ابتداءً من معرفة الله سبحانه وتعالى ومعرفة أسمائه الحسنى، وطرق التوسل إليه، واستمراراً مع صفات الرسلوانتهاءً بتكريس الصفات الرسالية عند الإنسان المسلم.
ولا نكون نبتعد عن الحقيقة إذا قلنا أن مضامين أدعيته عليه السلامفيها دون كلام الباري، وفوق ما يفوه به المخلوق، وهي "- كما قيل- إن صحيف تهزبور آل محمّد وإنجيل أهل البيت عليهم السلام، وإنّها فوق كلام المخلوق ودون كلامالخالق".
(كما ورد في مقدمة الصحيفة)
فملأ الإمام (عليه السلام) من خلالها الفراغ الروحي للإنسان بكلِّ الغنى الروحي، ولا نزال حتى الآننتغذّى منها، ونشعر كما لو كانت هذه الأدعية هي أدعية مرحلتنا، لأنَّها ليست أدعيةزمنٍ معيّن أو شخصٍ معيّن، إنَّها أدعية الزمن كلِّه والحياة كلِّها.
وكانت تعبِّر الصحيفة السجادية عن عمل اجتماعي عظيم كانت ضرورةالمرحلة تفرضه على الإمام إضافة إلى كونها "تراثاً ربّانياً فريداً يظلّ على مرّ الدهور مصدر إعطاء ومشعل هداية ومدرسة أخلاق وتهذيب، وتظلّ الإنسانية بحاجةإلى هذا التراث المحمّدي العلوي...
وقد استطاع "عليه السلام" بقدرته المسدّدة أن يمنح أدعيته-إلى جانب روحها التعبّدية- محتوىً اجتماعياً وسياسياً متعدّد الجوانب، فأدعيةالإمام زين العابدين عليه السلام -بالإضافة إلى ما فيها من مناجاة وتضرّع للهتعالى- ومعارف إسلامية وعقائد، كان الإمام يُضمِّن أدعيته رسائل خفيّة موجّهة إلى شيعته لا يفهمها أعوان النظام الحاكم...
إنَّ القيمة الفنية المبدعة في أدعية الإمام زين العابدين عليه السلام، في الفكرة والأسلوب والعرض وجمالية الجوّ والإيحاء واللفتةوالإيماء وروحية الفكرة، توحي كلُّها بأنَّ الإمام (عليه السلام) كان يدعو من كلِّروحه وقلبه وشعوره، وكلِّ وجوده وكيانه، تماماً كما هو الإحساس العفويّ الذي يعيشهالإنسان العابد الخاشع الخاضع بين يدي ربِّه..
وخير ما نختم به حديثنا عن الصحيفة السجاديةودورها التربوي في الأمة هي مقطوعة رائعة من هذه الأدعية التي تعلّم المؤمنين ـكيف ينبغي الانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى والاستغناء عن الخلق والتذلل لهم!..
"اللهم إني أعتذر إليك من مظلوم ظلم بحضرتي فلمأنصره ومن معروف أسدي إليّ فلم أشكره، ومن مسيء اعتذر إليّ فلم أعذره، ومن ذي فاقةسألني فلم أوثره ومن حق ذي حق لزمني لمؤمن فلم أوفره ومن عيب مؤمن ظهر لي فلمأستره، ومن كل إثم عرض لي فلم أهجره"
سلام الله على إمامنا السجاد يوم ولد، ويوم كان مكبّلا بالحديد، وحوله حرم الرسول (صلوات الله عليه وآله) أسرى حاسرات، ويوم أدّىما حمّله الله، ويوم اختاره العليّ الأعلى إلى جواره، ويوم يُبعث حيًا شافعًامشفعًا.