استزراع طماطم تنمو بسرعة متناهية وأكبر 10 مرات من العادية
المصدر: د ب ا
قال باحثون ينتمون لجنسيات مختلفة إنهم نجحوا في استخدام طماطم برية في استخلاص سلالة من الطماطم تصلح للزراعة الإنتاجية الواسعة.
وقال فريق الباحثين، من ألمانيا والبرازيل والولايات المتحدة، في دراستهم التي نشرت نتائجها اليوم الاثنين مجلة "نيتشر بايوتكنولوجي" لأبحاث التقنيات العضوية إن الطماطم الزراعية التي استنبطوها اكتسبت العديد من مميزات السلالات التي يزرعها الإنسان، مع احتفاظها في الوقت نفسه، بصفات قيّمة من النوع البري.
واستخدم الباحثون في تطوير تقاوي الطماطم الجديدة "مقص كريسبر كاس 9 " لتحرير الجينات الذي تم تطويره قبل بضع سنوات.
وأوضح يورج كودلا المشارك في الدراسة من جامعة مونستر الألمانية: "تسمح لنا الطريقة الجديدة بأن نبدأ من الصفر، وأن نبدأ عملية استئناس مرة أخرى مجددا".
وأشار كودلا إلى أن الباحثين استطاعوا الاحتفاظ بهذه الصفات المميزة للطماطم البرية، وفي الوقت ذاته إنتاج مميزات مرغوب بها في الطماطم الزراعية، في أقصر وقت ممكن.
يشار إلى أن النباتات الزراعية مثل القمح مرت بعملية استزراع على مدى آلاف السنين، وكان الهدف من وراء ذلك تحقيق أكبر محصول ممكن ولكنها فقدت صفات أخرى مهمة، بعضها صار يصنف اليوم على أنه مرغوب به، حسبما أوضح هولجر بوختا، رئيس معهد الأبحاث الزراعية التابع لمعهد كارلسروه الألماني للتقنيات.
ويتعلق بعض هذه الصفات، على سبيل المثال، بمدى قدرة النبات على مقاومة أمراض بعينها ومدى تحمل الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة والطعم والقيمة الغذائية.
وانطلق الباحثون تحت إشراف كودلا وأوجوستين تسوجون من جامعة فيكوسا البرازيلية في تجاربهم من سلالة طماطم "سولانوم بيمبينيلي فوليوم" من أمريكا الجنوبية، وهي أسلاف الطماطم الزراعية الحالية حيث أن إنتاجها، على سبيل المثال، أقل وحجم ثمرتها أصغر ولكن مذاقها أفضل من أنواع الطماطم الحديثة. كما أنها تحتوي على كميات أكبر من كاروتين ليكوبين الذي يقال إنه مفيد كثيرا للصحة.
واستخدم الباحثون "مقص كريسبر كاس 9 " في تغيير ست موروثات من هذه الطماطم التي تعتبر قريبة جدا من المميزات المرغوبة، وهو ما جعل حجم الثمرة المعتادة أكبر بعشر مرات، وأصبح شكلها أكثر بيضاوية.
ومن المعروف عن الطماطم البيضاوية أنها لا تتشقق بشكل سريع مثل المستديرة. كما كان نمو هذه الطماطم الجديدة أسرع، حسبما أوضح الباحثون.
وقال الباحثون إنهم نجحوا أيضا في مضاعفة محتوى مادة الليكوبين في الطماطم الجديدة بحيث أصبح خمسة أضعاف مقارنة بالطماطم التقليدية "وهذا تطوير حاسم جدا"، بحسب كودلا.
وأوضح الباحثون أن مستزرعي سلالات الطماطم الجديدة حاولوا زيادة نسبة هذه المادة مرة أخرى في الطماطم الزراعية، ولكن دون جدوى حتى الان.
وفي الحالات التي نجح فيها الباحثون في تحقيق هذا الهدف، كان ذلك على حساب محتوى الطماطم من مادة بيتا كاروتين، وهي المادة التي لها تأثير يحمي الخلية مما يجعلها مادة قيمة.
وأكد الباحثون أن هذا المثال من التجارب يوضح مدى القدرة الهائلة التي يمتلكها التحرير الحديث للجينات فيما يتعلق بإعادة استزراع النباتات البرية وتمكين الإنسان من الاستفادة منها.
وقال الباحثون إن ذلك لا ينسحب على أنواع النباتات المستخدمة بالفعل فحسب، بل أيضا على النباتات ذات القيمة الغذائية القيمة التي لا تكاد تستخدم حتى الآن إما بسبب قلة محصولها أو بسبب مشاكل أخرى.
وفي معرض تقييمه للدراسة، قال الباحث هولجر بوختا، رئيس معهد الأبحاث الزراعية في كارلسروه: "الدراسة نقلة حاسمة جدا فعلا في استزراع النباتات المفيدة".
وعبر هولجر عن تحمسه لفكرة الدراسة "فهي تبين من ناحية المبدأ أنه قد أصبح من الممكن على صعيد جديد تماما استغلال الثروات الوراثية، تلك الثروات التي تكونت على مدى آلاف السنين من خلال التفاعل مع البيئة لصالح المجال الزراعي".
وعبر الباحث الألماني عن قناعته بأن التحرير الجيني سيُسهل مستقبلا خفض استخدام المبيدات الحشرية وتخفيف النتائج السلبية الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض عن المعدلات التقليدية.
وأوضح الخبير الألماني أن هذه التقنية لا تختلف من ناحية المبدأ عن زراعة هذه السلالات الجديدة بتقنية تسريع الصورة، أي اختزال زمان النمو، وقال إن هناك مجالا واسعا للاستخدام، مضيفا: "لابد بالطبع من فحص المنتج الجديد بكل هدوء لمعرفة ما إذا كانت جميع صفات الطماطم البرية التي لا تروق للمستهلك قد تم تعديلها بالفعل".
وأحدث مقص "كريسبر كاس" الذي قدمه أصحابه عام 2012 ثورة في عالم الهندسة الوراثية، ووجد خلال سنوات قليلة طريقه للاستخدام في عدد لا حصر له من المختبرات المعنية. وقد أصبح هذ المقص قادرا، على سبيل المثال، على تغيير موروثات النباتات وغير من الكائنات الحية بشكل أكثر دقة وأسرع وأنسب عما كان يعرف حتى الآن.
فعلى سبيل المثال، استخدم الباحثون المقص في جعل الأرز أكثر قدرة على مقاومة أنواع بكتيريا مسببة للأمراض، كما جعل نبات الذرة أكثر قدرة على مقاومة نقص المياه وفي تسريع نضج الطماطم.