منزل بوخه الأثري في حلب
هكذا كان .... و هكذا وجده الحلبيون اليوم بعد تحرير حلب القديمة ، و"
لمحة عن منزل بوخه و مكانته في التراث الحلبي - بقلم المحامي الأستاذ علاء السيد:
توفيت جيني بوخه مراش حفيدة جوزيف بوخه النمساوي الذي وصل إلى حلب عام 1,820 م بعدما تنقل ما بين إستنبول و دمشق ليقرر الإستقرار أخيرا" في مدينة حلب التي كانت الأفضل تجاريا" في ذلك الوقت، و سكن مع زوجته في هذا المنزل التاريخي الذي يزيد عمره على خمسمائة عام و المبني على سطح خان النحاسين ضمن أسواق المدينة التاريخية في حلب القديمة
توارث أبناؤه و أحفاده البيت و سكنوا فيه و جعلوه مقرا" للقنصليات الأوروبية التي تعينوا قناصل لها (البلجيكية و الهولندية و الإيطالية و الإسبانية و غيرها) و كانت المرحومة جيني الإبنة الوحيدة من الزوجة الإنجليزية للطبيب الشهير د. أدولف بوخة الذي درس الطب في جامعات فيينا و باريس لكنه قرر العودة إلى حلب و افتتاح عيادته الطبية في منطقة قسطل الحجارين الشعبية حيث مارس منها مهنة الطب و ترأس جمعية (العاديات) لسنوات طويلة و حاز على وسام الإستحقاق السوري !!
كانت المرحومة جيني بوخة التي تزوجت من المرحوم جورج مراش قد أمضت كامل طفولتها في بيت والدها في خان النحاسين في أقدم أحياء حلب القديمة حيث كانت تتكلم الإنجليزية و الفرنسية بطلاقة مدهشة و عندما كانت تتكلم اللغة العربية كانت تنطقها باللهجة الحلبية !
أصرت مدام جيني على إبقاء دار بوخة التاريخية مفتوحة" لعموم الزوار و هي عبارة عن متحف كامل لا مثيل له في سوريا قاطبة" فكانت تفتح أبواب المنزل صباح كل يوم جمعة لتستقبل بحفاوة من يرغب بزيارة هذا المتحف الأخاذ ..
كانت تصر على إبقاء البيت حياً لا يموت ... زرتها هناك و قدمت لي كل المساعدة غير المشروطة لتوثيق ما لديها من أرشيف نادر في متحف عائلتها رغم عدم وجود سابق معرفة .. لكن بعدما تضرر بيتها بقذيفة في حي العزيزية الذي انتقلت اليه منذ زواجها اضطررت للسكن في ضيافة بيت مجاور .. رفضت جيني بوخه أن تغادر حلب إطلاقاً، رغم أنها كانت الأقدر على المغادرة إلى أي بلد في العالم و العيش الكريم و الميسور هناك خاصة" في أوروبا
منذ عدة شهور عدت و زرتها .... كانت تتكلم بمرارة لا مثيل لها عما حل ببيت أجدادها في خان النحاسين من خراب و نهب و دمار ... و أحيانا" كانت تتوقف عن الكلام في وسط الجملة ...تصمت و تغص بالكلمات بما هو أبلغ من الكلام بكثير ..
اليوم علمت بوفاتها ...عندما سألت عن سبب الوفاة قالت لي إحدى صديقاتها المقربات ...جيني تأثرت كثيرا" بما حدث لبيت خان النحاسين ... و قضت بأزمة قلبية .. هذا هو السبب الحقيقي لوفاتها
جيني بوخه مراش ...حلب تفخر و كل سوريا بك .. لروحك السلام