أهوار العراق.. لوحة طبيعية تجابه الجفاف والانحسار
تمثل الحياة في الأهوار نمطاً فريداً من الحياة البدوية
بغداد - الخليج أونلاين (خاص)
بوتيرة متسارعة يزحف التصحر نحو أهوار العراق، مهدداً بزوال الحياة فيها، بعد أن كانت منطقة تغطيها المياه على مساحات شاسعة تقدر بخمسة عشر ألف كيلومتر مربع إلى عشرين ألفاً.
ومع تواتر أنباء عن احتمال اختفاء مظاهر الحياة في معظم مناطق الأهوار خلال السنوات القليلة المقبلة، دعا الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، الهيئات الإقليمية والدولية إلى التصويت تأييداً لإعلان منطقة الأهوار الوسطى والأهوار الجنوبية وموقعي أور وأريدو، ضمن لائحة التراث العالمي هذا العام.
وأكد في بيان صادر عن مكتبه، الخميس 5/12، استعداد بلاده لبذل كل الجهود من أجل إدراج آثار وأهوار ذي قار ضمن لائحة التراث العالمي.
ودعا معصوم وزارة البيئة العراقية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إلى تعاون عاجل وفعال في هذا الشأن.
وتنتشر المواقع الأثرية في مناطق الأهوار مثل الجبايش، الإصلاح، العكيكة، السديناوية، كرمة بني سعيد، وهذه المواقع إما كانت مغمورة بمياه الهور، وإما يحيط بها الماء، وذلك بحسب ارتفاعها، وكذلك تمتلك محافظة ميسان أكثر من 48 موقعاً أثرياً مكشوفاً يعود تاريخ أغلبها إلى العصور الفرثية والساسانية.
وكانت الحياة في أهوار العراق تمثل نمطاً فريداً من الحياة البدوية، يعيش السكان فيها بتجمعات متفرقة التنقل بينها يكون بقوارب تقليدية تعرف محلياً بـ"المشحوف"، لكن أهوار اليوم ليست هي أهوار الأمس؛ فقد فقدت كثيراً من جمالها وثرائها البيئي وأخذت في الانحسار، وهجرها مئات الآلاف من سكانها، فمنذ ستينيات القرن الماضي بدأ السكان هجرة جماعية إلى المدن.
ومؤخراً تفاقم الوضع المأساوي في الأهوار؛ بسبب الجفاف الذي تتعرض له المنطقة من جراء غلق تنظيم "الدولة" سدود المياه وتخفيض منسوب المياه الواصلة إلى جنوب العراق؛ الأمر الذي يضطر سكان الأهوار إلى الرحيل عنها.
وتتشكل منطقة الأهوار من مجموعة مسطحات مائية تغطي الأراضي المنخفضة الواقعة في جنوبي السهل الرسوبي العراقي، وتظهر على صورة مثلث تقع مدن العمارة والناصرية والبصرة على رؤوسه.
ويعتقد البعض أن الأهوار هي الموقع الذي يطلق عليه العهد القديم "جنات عدن"، ثم إن دراسات وبحوثاً تاريخية أشارت إلى أن هذه المنطقة هي المكان الذي ظهرت فيه ملامح السومريين وحضاراتهم.
- جفاف ونزوح
وخلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) ارتفعت وتيرة هجرة سكان الأهوار الواقعة على حدود جبهات المعارك بين البلدين، وانعكست مشاريع بناء السدود على منابع نهري دجلة والفرات في تركيا سلباً على كميات المياه المتدفقة إلى الأهوار، بعدما انخفضت حصة العراق من مياه النهرين.
واتهمت الحكومة العراقية الحالية النظام السابق بتجفيف مساحات شاسعة من الأهوار لتهجير سكانها، والقضاء على المعارضين الذين لجأ كثير منهم إلى غابات القصب في هذه المسطحات المائية الواسعة.
وتشير بعض التقديرات إلى أن مساحة المناطق التي ما تزال مغمورة بالماء، على أحسن حال تقل عن 30% من مساحة منطقة الأهوار، التي يعيش سكانها على صيد الأسماك وتربية الجاموس والطيور التي توفرها الحياة وسط هذه المنطقة.
ونجم عن الجفاف المتزايد نفوق آلاف من الماشية، خاصة الجاموس الذي كان اعتماد غالبية سكان الأهوار المعيشية على تربيته، في حين تجابه حيوانات أخرى خطر الانقراض، ومنها فصائل نادرة من حيوان "القضاعة"، أو كلب الماء، وبعض أنواع الطيور كالإوز العراقي.